يهدد شبح الإفلاس والإغلاق شركات الصرافة لاسيما العاملة في الشمال السوري، في ظل أزمات كثيرة يعانيها القطاع وعقبات عدة ومحاولات فاشلة من قبل “المصرف المركزي” لإعادة هيكلة وضبط وتنظيم السوق المالية في سوريا.
وتزايدت المخاوف بشأن إعادة سياسات النظام السابق، خاصة مع تحكم بعض الشخصيات ذات النفوذ والتأثير القوي من المُقربين من نظام الرئيس الانتقالي الحالي أحمد الشرع بالسوق المالية والتحويلات، خلف الكواليس، لتصبح ذات تأثير على قرارات “البنك المركزي”.
إجراءات “المركزي”
تلعب شركات الصرافة، سواء المرخصة من قبل النظام المخلوع وحكومتي الإنقاذ والمؤقتة (سابقا) دورًا كبيرًا كقناة رئيسية لتدفق الدولار في السوق.
هذا وحدد “مصرف سوريا المركزي”، وفق قراره رقم (199/ ل إ) خمسة إجراءات لتسوية المكاتب والشركات أوضاعها، وهي تقديم المؤسسات الراغبة في توفيق أوضاعها بطلب ترخيص وفق النموذج المعتمد، وإيصال بتسديد نفقات التحقق والدراسة المحددة إلى صندوق مصرف سوريا المركزي، والقيام بكل الإجراءات وتقديم الوثائق التي تطلبها مديرية مفوضية الحكومة لدى المصارف سواء من الملفات التي تم على أساسها منح الترخيص للمؤسسة المعنية ابتداءً أو أي وثائق تراها لازمة لمتابعة عملية منح الترخيص المبدئي وفق أحكام هذا القرار.

إضافة إلى ذلك تقديم طلب فتح حساب بالدولار الأميركي باسم المؤسسة المعنية لدى مصرف سوريا المركزي، وما يُشعر بإيداع مبلغ مليون وربع المليون دولار أميركي على الأقل في الحساب المفتوح باسم المؤسسة المعنية بالدولار الأميركي ويعتبر المبلغ جزءاً من رأسمال المؤسسة المدفوع.
يمنح القرار مؤسسات الصرافة المعنية والملتزمة بأحكام القرار ترخيصاً مبدئياً لمزاولة أعمالها، على أن تنتهي مفاعيل الترخيص عند منح الترخيص النهائي أو انتهاء المهلة التي سيتم تحديدها لإتمام إجراءات توفيق أوضاعها ومنحها الترخيص النهائي بحسب الأصول.
وحدد المصرف مهلة أقصاها شهر تبدأ من تاريخ صدوره في 11 من آذار/ مارس الماضي، لتوفيق شركات ومؤسسات الصرافة المعنية أوضاعها مع أحكام هذا القرار، وأشار القرار إلى أن “عدم الالتزام بتنفيذ الإجراءات يترتب عليه آثار قانونية أهمها اعتبار الأعمال التي تمارسها المؤسسات غير الملتزمة أعمالاً غير مرخصة وفق أحكام القوانين والأنظمة النافذة”.
استهداف شركات الصرافة من الحكومة
في هذا الصدد، أوضح الباحث ومدير منصة “اقتصادي” يونس الكريم، أن آلية الترخيص الجديدة التي تمنح امتيازات كبيرة للشركات التي كانت مقربة من النظام المخلوع، جعلت شركات الصرافة والحوالات شمال غربي البلاد تشعر بأنها مستهدفة من قبل الحكومة، وفقًا لما نقل عنه “تلفزيون سوريا”.
الآلية الجديدة للترخيص صعبة جدا مقارنة بإجراءات الترخيص البسيطة التي كانت متبعة في المناطق المحررة سابقًا، وبقدر ما تعبر الشروط الجديدة عن دخول مرحلة المؤسسة إلا أنها قد تفضي في نهاية المطاف إلى إقفال الشركات المالية في الشمال السوري أبوابها نظرًا لأن الكلف باتت توازي رأس المال أو تستهلك الجزء الأكبر منه.
الباحث ومدير منصة “اقتصادي” يونس الكريم
وأشار إلى بعض التحديات الأخرى التي تواجه الشركات المالية ومنها أن قسما كبيرا منها تحول نحو البورصة، عبر المضاربة على العملات الإلكترونية وبالتالي محاولة تحقيق أرباح خلال فترة التجميد ما أدى إلى خسائر فادحة طالت هذه الشركات.
ورأى أن نجاح “البنك المركزي” في ضبط وتنظيم سوق الصرافة في سوريا يحتاج إلى بعض الوقت، في وقت توجد فيه تحديات خاصة بهذا الشأن أهمها أن بعض مكاتب وشركات الصرافة قد تتجه إلى سوق الظل، بحيث تمارس الصرافة من دون ترخيص، وضبط هذه الظاهرة ليس سهلاً ويحتاج إلى تعاون بين البنك المركزي والجهات الأمنية ممثلة بوزارة الداخلية.
شخصيات تتحكم بالسوق المالية
أما فيما يتعلق بقرارات توفيق أوضاع مكاتب الصرافة مع البنك المركزي، فيؤكد أن هذه القرارات تعد التحدي الأكبر الذي يواجه مكاتب الصرافة، كون القرار يشترط على المكاتب الراغبة بالترخيص أن تضع وديعة في المركزي بقيمة مليون وربع المليون دولار وهذا الرقم كبير، وقد لا تستطيع توفيره غالبية الشركات، ما قد يدفعها إما للإغلاق أو للعمل في سوق الظل بشكل غير مرخص، وهذا الأمر قد يعرضها لتبعات قانونية وربما جنائية.
وأوضح أن “المصرف المركزي” يواجه عراقيل داخلية تتمثل بوجود هيئة تتحكم بسير العمليات المالية والقرارات، لافتا إلى النفوذ القوي داخل البنك لكل من حازم الشرع شقيق الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وأبو عبد الرحمن سلامة أحد الأذرع الاقتصادية لهيئة تحرير الشام سابقا، إضافة لبعض الشخصيات ذات التأثير القوي مثل رعد ناصر وعبد الرحمن زربة.

وأكد أن هذه الشخصيات الأربع باتت هي من يتحكم بالسوق المالية والتحويلات ونقل الأموال، ما يجعل قرارات “البنك المركزي” غير قابلة للتنفيذ بسبب تعقيدات هذه القرارات ووجود من يتحكم بها من خلف الكواليس، منوهًا إلى أن ذلك يمثل مؤشرًا بأن النشاط النقدي لشركات الصرافة والحوالات عملا مرهقا، ومحفوفا بالمخاطر.
وقال إن الإدارة الجديدة لديها رغبة بالاستفادة من الأصول الواسعة التي تملكها الشركات المالية التي كانت مقربة من النظام المخلوع، خاصة وأن لديها علاقات دولية متينة، كما تضطر الحكومة الحالية إلى التعامل مع هذه الشركات لمعرفة مصير المبالغ المالية والأرصدة الموزعة على شركات الصرافة والتي لم تتمكن الحكومة من معرفة أماكنها، وذلك لضخ السيولة وعدم حرمان الاقتصاد منها.
تحذيرات من استمرار العقوبات
نوه الكريم إلى أن استمرار هذا التعاون مع الشركات المقربة من النظام البائد، ينذر باستمرار العقوبات الغربية نتيجة لبقاء هذه الشركات في العمل، إضافة لمواصلة الفساد وآليات التحكم السابقة التي كانت زمن النظام البائد، وإعادة تشكيل رؤى النظام المخلوع وسياساته بشكل غير مباشر وربما غير مقصود من خلال طبقة التجار التي يتم الاعتماد عليها حتى الآن.
لضبط السوق، اقترح الكريم على البنك المركزي أن يعمل على مستويات عدة داخلية وخارجية، على رأسها ضبط التضخم عبر توفير السماح بتداول الدولار لتوفير السيولة للسوق وخاصة في العمليات الكبيرة لنزع السيطرة من يد شركات الحوالات التي كانت مقربة من النظام السابق.
كما شدد على ضرورة مراجعة آليات ترخيص الشركات، فعوضا عن اشتراط إيداع مبالغ مقطوعة يمكن وضع احتياطي إجباري بالتوازي مع إغلاق الحسابات اليومية في البنك المركزي، كما يقترح إعادة التنسيق مع وزارة الاقتصاد والصناعة لتحديد أولويات التمويل، وإعادة تفعيل البنوك بالحياة التجارية والصناعية لتوليد السيولة .
- مع دخول الصيف.. أزمة الكهرباء تفاقم الأوضاع في الحسكة ومطالب بالرقابة على “المولدات”
- تسلا في دمشق: هل تعود الحياة الفارهة للسوريين بعد رفع العقوبات؟
- “سوريا لا تقبل وصاية”.. الشيباني يطلق رسائل خلال القمة العربية ببغداد
- القمة العربية تقف مع سوريا.. تفاصيل
- وزارة الداخلية تكشف عن خطة أمنية لإدارة سوريا.. تفاصيل
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة
الأكثر قراءة

هل تكون العملة الجديدة حلا سحريًا لاستعادة الثقة في الليرة السورية؟.. خبير يوضح

هل تستطيع سوريا النجاة من نيران الطائفية؟

نتائج زيارة الوزير الشيباني إلى نيويورك: بين الخلط والفشل!

محمد رمضان يتجاهل محاكمته بتُهمة إهانة العَلم المصري بأسلوب استفزازي!

ماهر مروان: سيرة مشبوهة وقرابة نافذة بالشرع.. ما أهليّته لقيادة دمشق؟

لا قرار رسمي.. نقل مراكز الامتحانات يثير مخاوف طلبة الحسكة
المزيد من مقالات حول اقتصاد

مع دخول الصيف.. أزمة الكهرباء تفاقم الأوضاع في الحسكة ومطالب بالرقابة على “المولدات”

الوجود الأميركي في سوريا: فصل اقتصادي جديد؟

عملة سورية جديدة تطبع في النمسا: ما الفئات والرموز؟

من الرياض إلى أبوظبي.. حصيلة مكاسب “ترامب” الاقتصادية خلال جولته الخليجية

الليرة من الانهيار إلى الانتعاش.. هل تعاد الثقة في العملة السورية بعد قرار واشنطن؟

هل تنتعش جيوب السوريين بعد رفع العقوبات الأميركية.. خبير يوضح

الحسكة: سوق عمل هشّ وفرص غائبة
