منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، تسعى إدارة الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى تعويم نفسها وكسب ثقة الغرب والمجتمع الدولي عموما، في محاولة لرفع العقوبات الغربية، مما يتيح توطيد الانطلاق بعملية إعادة الإعمار واستقبال المِنح الخارجية، إضافة إلى الانفتاح السياسي، عربيا وعالميا.
لكن هذا الطموح يواجه عقبات جسيمة في ظل استمرار مراقبة المجتمع الدولي للأوضاع في سوريا، وفرض شروط أميركية، في حين أن دمشق ترتكب أخطاء مباشرة أو غير مباشرة تعمل على توسيع فجوة الثقة.
تعيين الهايس “خطأ جسيم”
السلطات السورية عيّنت أحمد الهايس مؤخرا في منصب، الخاضع لعقوبات أميركية، قائدا لفرقة عسكرية في شمال شرقي سوريا، الأمر الذي اعتبرته واشنطن “خطأ جسيم”.

وفي مؤتمرها الصحفي اليومي، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، إن “قرار السلطات بتعيين هذا الشخص، الذي يمتلك سجلاً طويلاً من انتهاكات حقوق الإنسان وتقويض مهمة هزيمة تنظيم داعش، في منصب رسمي هو خطأ جسيم لا تدعمه الولايات المتحدة”.
أحمد الهايس، أو “أبو حاتم شقرا”، هو قائد فصيل “أحرار الشرقية” المنضوي ضمن “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا.
فرضت وزارة الخزانة الأميركية، في تموز/يوليو 2021، عقوبات على فصيل “أحرار الشرقية”، متهمةً إيّاه بالقتل غير القانوني لـ هفرين خلف، السياسية الكردية والأمين العام لـ “الحزب السياسي” (سوريا المستقبل)، أواخر العام 2019.
وأعلن الهايس حلّ فصيله ودمجه ضمن وزارة الدفاع السورية، خلال “مؤتمر النصر” الذي انعقد أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، وهو المؤتمر الذي نُصّب فيه أحمد الشرع رئيسا لسوريا في المرحلة الانتقالية، وتم خلاله الإعلان عن حلّ جميع الفصائل العسكرية ودمجها في مؤسسات الدولة. وكان الهايس حاضرا في المؤتمر، وألقى كلمة خلاله.
حول ما إذا كان هناك تخفيف للعقوبات المفروضة على سوريا في المستقبل القريب، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية “لا أستطيع قول ذلك على الإطلاق”، موضحة أن “الأمور تبدو في تغيّر مستمر، ننتظر أن تستجيب (الحكومة السورية) بشكل مناسب بشأن المطالب التي عرضتُها عليكم مراراً هنا”.
وأكدت المتحدثة على أن الوضع في سوريا “تحت المراقبة الدائمة والعمل المستمر، ونتعامل مع كل تطور بجدّية، سواء كان تراجعاً، وهو أمرٌ لا ندعمه كما ذكرت، أو كان مؤشراً على تحرك في اتجاه نؤيده”. بينما أشارت إلى أن الإعفاء الذي سمح لسوريا بتلقي منحة قطرية لتمويل رواتب القطاع العام لا يعني تحوّلاً في موقف واشنطن من سوريا، مشيرة إلى أن “الأمور تبدو في تغير مستمر، ولا إعفاءات جديدة من العقوبات”.
تمديد حالة “الطوارئ الوطنية”
إضافة إلى ذلك، أعلن “البيت الأبيض” عن تمديد حالة “الطوارئ الوطنية” المفروضة على سوريا لمدة عام إضافي، وذلك في ضوء استمرار “التهديدات غير العادية والاستثنائية” التي تشكلها سياسات الحكومة السورية على الأمن القومي والسياسة الخارجية والاقتصاد الأميركي.
– أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن الرئيس السوري أحمد الشرع يعمل على كسب دعم الإدارة الأميركية من خلال سلسلة خطوات تشمل ملاحقة مسلحين فلسطينيين وتقديم تطمينات أمنية لإسرائيل، إلى جانب فتح باب التعاون أمام شركات النفط والغاز الأميركية
— الحل نت (@7alpress) May 8, 2025
– تسعى دمشق من خلال هذه الخطوات لإقناع إدارة… pic.twitter.com/JyNZjSTdKU
وفي إشعار رسمي، نُشر في السجل الفيدرالي، وأخطر به الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، “الكونغرس” الأميركي بتمديد حالة “الطوارئ الوطنية” المتعلقة بسوريا، وذلك استناداً إلى الأمر التنفيذي رقم 13338 الصادر في 11 أيار/مايو 2004، بأن حالة الطوارئ ستبقى سارية بعد تاريخ 11 أيار/مايو 2025، عملاً بقانون الطوارئ الوطني الأميركي.
الرئيس الأميركي قال إخطاره، إن “الضعف الهيكلي في الحكم داخل سوريا، وعدم قدرة الحكومة على ضبط استخدام الأسلحة الكيميائية أو مواجهة التنظيمات الإرهابية، ما يزال يشكل تهديداً مباشراً للمصالح الأميركية”.
وذكر ترامب أن “هذه الظروف الاستثنائية وغير العادية تستدعي استمرار العمل بحالة الطوارئ بعد تاريخ انتهائها القانوني، وفقاً لقانون حالات الطوارئ الوطنية”.
وشددت الإدارة الأميركية على أن قرار تمديد حالة الطوارئ “سيظل خاضعاً للمراجعة”، مشيرة إلى أنها “ستنظر في السياسات والإجراءات التي تتخذها الحكومة السورية لاحقاً لتحديد ما إذا كان يجب إنهاء حالة الطوارئ أو الاستمرار بها”.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش الابن، فرضت حالة الطوارئ على سوريا بموجب “قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان” لعام 2003، وقانون “الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية”.
وفُرضت حالة الطوارئ حينئذ نتيجة لاتهام الحكومة السورية إبان عهد نظام الأسد بدعم الإرهاب، واحتلال لبنان آنذاك، والسعي إلى امتلاك أسلحة دمار شامل، إلى جانب عرقلة جهود الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في العراق.
يأتي ذلك في وقت ذكرت فيه صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، أن الشرع بدأ حملة هادئة لكسب الدعم الأميركي لإعادة بناء سوريا، من خلال لقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. إذ أشارت الصحيفة إلى أن الشرع أوصل رسالة إلى “البيت الأبيض” يطلب فيها عقد اجتماع خلال زيارة ترامب لدول الخليج.
- الخطر الذي يتسلل مجدداً.. عن احتمالات عودة “داعش” إلى سوريا
- هيئتان لـ العدالة الانتقالية والمفقودين… ما المطلوب لضمان عمل مستقل؟
- “الليرة الجديدة”.. هل تنقذ الاقتصاد السوري أم تعمّق أزمته؟
- هل أصبحت سوريا مؤهلة لتلقي التمويلات الجديدة؟.. البنك الدولي يجيب
- وزير الدفاع يعلن دمج كافة الوحدات العسكرية.. ما دور بريطانيا بإعادة هيكلة الجيش؟
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة
الأكثر قراءة

وسط ترقب لانفراجة من واشنطن.. “المركزي السوري” يخفض سعر الدولار مقابل الليرة

وسط اتهام للمقاتلين الأجانب.. الأمن العام يفتح تحقيقا في مقتل أربعة أشخاص باللاذقية

هل تنجح قرارات المركزي الأخيرة في إعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي السوري؟

هل تنتعش جيوب السوريين بعد رفع العقوبات الأميركية.. خبير يوضح

هل تبيع الحكومة الجديدة القطاع العام السوري كاملًا؟.. مستشار وزير الاقتصاد يجيب

نجوم سوريا يتفاعلون مع رفع العقوبات.. فرح وشكر من كل الأطراف!
المزيد من مقالات حول سياسة

هيئتان لـ العدالة الانتقالية والمفقودين… ما المطلوب لضمان عمل مستقل؟

وزير الدفاع يعلن دمج كافة الوحدات العسكرية.. ما دور بريطانيا بإعادة هيكلة الجيش؟

“سوريا لا تقبل وصاية”.. الشيباني يطلق رسائل خلال القمة العربية ببغداد

القمة العربية تقف مع سوريا.. تفاصيل

وزارة الداخلية تكشف عن خطة أمنية لإدارة سوريا.. تفاصيل

“العفو الدولية” تطالب دمشق بمنع وقوع المزيد من الانتهاكات ومحاسبة المتورطين بمجازر الساحل

المقاتلون الأجانب.. كيف ستتعامل دمشق مع هذا الملف الحسّاس؟
