قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، إن إسرائيل تسعى إلى إقامة “علاقات جيدة” مع الحكومة الجديدة في دمشق، وذلك في أعقاب إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن القوات الإسرائيلية استعادت رفات الرقيب أول تسفي فيلدمان من سوريا، والذي فُقد خلال حرب لبنان الأولى عام 1982.

وأردف ساعر خلال مؤتمر صحفي، أمس الأحد، نقلته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” العبرية، “نرغب في علاقات جيدة مع الحكومة السورية، كما نرغب في الاستقرار، لكن لدينا بطبيعة الحال مخاوف أمنية، وهذا أمر مفهوم”.

إسرائيل وسلطات دمشق

وخلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد في القدس، تجنّب ساعر الرد بشكل مباشر على سؤال حول ما إذا كانت الحكومة السورية قد ساعدت في عملية استعادة الرفات، وما إذا كان هناك تحالف متزايد مع دمشق في أعقاب التقارير عن محادثات غير مباشرة، وقال: “يبدو أن هذا السؤال يجب توجيهه إلى مكتب رئيس الوزراء”.

وأضاف ساعر: “مع ذلك، نحن نرغب في علاقات جيدة. نود أن يسود الاستقرار. لدينا، بطبيعة الحال، مخاوف أمنية، وهذا أمر مفهوم”.

وأقر بأن لدى إسرائيل سببا “للشك في النظام الحالي” في سوريا، وخاصة بسبب “بعض التحركات.. فيما يتصل بالأقليات في البلاد”، في إشارة واضحة إلى أعمال العنف الأخيرة ضد الدروز السوريين والتي أسفرت عن مقتل العشرات.

وتابع ساعر: “لكن نوايانا طيبة. نريد ذلك. نريد الأمن. نريد الاستقرار. هذه أمنيتنا”، وفق ما نقلته الصحيفة العبرية.

تحوّل في نبرة الخطاب الإسرائيلي

يبدو أن تصريحات ساعر تمثّل تحوّلا في نبرة الخطاب الإسرائيلي تجاه الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، بعد فترة من الخطاب القاسي والرافض لأي تقارب.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، وبعد الاشتباكات العنيفة والتوترات الطائفية في المناطق ذات الأغلبية الدرزية في سوريا، حث ساعر المجتمع الدولي على “حماية الأقليات في سوريا، وخاصة الدروز، من النظام وعصاباته الإرهابية”.

وعلى نحو مماثل، خلال شهر مارس/آذار الماضي، وبعد ورود تقارير عن مقتل أكثر من ألف مدني في معقل العلويين في البلاد، أدان ساعر “الشر المحض” الذي تمثله القيادة “الجهادية” في سوريا.

أثناء زيارة أحمد الشرع للإمارات -” وكالات”

وقال ساعر آنذاك: “إنهم كانوا جهاديين ويظلون جهاديين، حتى لو كان بعض قادتهم يرتدون البدلات” .

وتأتي تصريحاته اليوم بعد أن أكد الشرع الأسبوع الماضي أن بلاده تشارك حاليا في محادثات غير مباشرة مع إسرائيل، والتي ذكرت التقارير أنها تتم بوساطة دولة الإمارات العربية المتحدة.

وقال الشرع إن المفاوضات الخلفية تهدف إلى “تخفيف التوترات ومنع خروج الوضع عن السيطرة بالنسبة لجميع الأطراف المعنية”.

ماذا يعني تصريحات ساعر؟

تصريحات ساعر تعكس تغيّرا جليا في نبرة خطابها السياسي تجاه السلطات في دمشق، وربما تشير إلى تحوّل محتمل في أسلوب التعامل السياسي والدبلوماسي بين الجانبين، وذلك في ظل استمرار الضغوط الإقليمية والدولية على السلطات بدمشق من جهة، وسعي إسرائيل لضمان حدود أكثر استقرارا من جهة أخرى.

كما يؤشر تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي، لتحول تكتيكي في الخطاب الإسرائيلي تجاه دمشق. فبعد أن كانت إسرائيل توصف القيادة السورية الجديدة بـ”حكومة إرهابية”، تُعرب الآن عن رغبتها في إقامة “علاقات جيدة”.

مع ذلك، لن تفتح إسرائيل بسهولة باب التفاهم مع السلطات في دمشق، ومنحها الشرعية الكاملة على حدودها، أو التوصل إلى اتفاق سلام، حيث ثمة شكوك واضحة حيالها، لا سيما بعد أن أشار نتنياهو في تحفظاته إلى “بعض التحركات ضد الأقليات”، في إشارة إلى الدروز.

لكن، ربما، في حال استجابت السلطات في دمشق للمطالب الأمنية الإسرائيلية، وعلى رأسها جعل الجنوب السوري منطقة منزوعة السلاح، أي ضبط الحدود الشمالية ومنع دخول لأي نفوذ معادٍ، سواء من الميلشيات الإيرانية أو الجماعات الإسلاموية المتشددة، قد يُمهّد ذلك الطريق أمام إمكانية التوصل إلى نوع من التفاهم أو الاتفاق بين تل أبيب ودمشق.

في العموم، كل ما يجري حتى الآن ليس تقاربا استراتيجيا، بل مساع سياسية عبر قنوات سرية، تسعى من خلالها إسرائيل لوضع خطوط حمراء، فيما تسعى دمشق لكسر بعض من عزلتها السياسية والاقتصادية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة