أجرى فريق من صندوق النقد الدولي مشاورات مع المسؤولين السوريين في دمشق، خلال زيارة تعد الأولى للصندوق منذ عام 2009، بهدف تقييم الأوضاع الاقتصادية والمالية، ومناقشة أولويات السياسات وبناء القدرات لدعم تعافي الاقتصاد السوري.
وأكد صندوق النقد الدولي أن سوريا ستحتاج إلى “مساعدة دولية كبيرة” لإنعاش اقتصادها وتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة وإعادة بناء المؤسسات والبنية الأساسية الرئيسية.
تحديات هائلة
منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر، بدأت تدريجيًا الدولة السورية بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع في الانفتاح دوليًا واستعادة العلاقات مع الدول المختلفة، ورفع بعض العقوبات في محاولة لإنعاش الاقتصاد.
وخلال زيارة استمرت خمسة أيام قام بها صندوق النقد الدولي في أوائل حزيران/ يونيو، وهي الأولى لسوريا من قبل المنظمة التي تقدم القروض إلى 191 دولة منذ عام 2009، التقى فريق الصندوق بمسؤولين من القطاعين العام والخاص، ولا سيما وزير المالية ومحافظ البنك المركزي.

وقال صندوق النقد الدولي إن سوريا تواجه تحديات هائلة بعد سنوات من الصراع الذي تسبب في معاناة إنسانية هائلة وقلص اقتصادها إلى جزء بسيط من حجمه السابق.
ونتيجة الصراع، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بشكل حاد، وانخفضت الدخول الحقيقية بشكل حاد، وارتفعت معدلات الفقر، وضعفت مؤسسات الدولة، وتعطل تقديم الخدمات الأساسية، كما تضررت أو دُمرت أجزاء كبيرة من البنية التحتية للبلاد، ما جعل الاحتياجات الإنسانية واحتياجات إعادة الإعمار هائلة.
مطالب تحقيق الانتعاش المستدام
وفقاً لهذه المعطيات، رأى البنك أن هناك حاجة ملحة لمواجهة هذه التحديات وتحقيق انتعاش اقتصادي مستدام، بما في ذلك استيعاب العدد المتزايد من اللاجئين العائدين، كما أشار إلى أنه يعمل على تطوير خارطة طريق لسياسات سوريا وأولويات بناء القدرات للمؤسسات الاقتصادية الرئيسية، بما في ذلك وزارة المالية والبنك المركزي وهيئة الإحصاء.
ولفت بيان الصندوق إلى أن السلطات السورية تحرص على استعادة النمو الاقتصادي وتحسين مستويات معيشة الشعب، وتعتزم اتباع سياسات اقتصادية سليمة.

في هذا الصدد، أوضح أن مناقشات البعثة ركزت على أولويات بناء السياسات والمؤسسات على المدى القريب، بما في ذلك اعتماد موازنة لما تبقى من عام 2025، وتحديد الموارد المحلية والخارجية المتاحة، وضمان تلبية احتياجات الإنفاق ذات الأولوية، بما في ذلك رواتب الموظفين الحكوميين، والخدمات الصحية والتعليمية الأساسية، ومساعدة الشرائح الأكثر ضعفاً من السكان
كما جرى بحث تحسين الإيرادات، من خلال تحديث نظام الضرائب والجمارك، وتعزيز إدارة الضرائب والجمارك، ووضع كلتيهما تحت إشراف وزارة المالية، وتعزيز الإدارة المالية العامة لتحسين تنفيذ الميزانية ورصدها.
إصلاح النظام المالي
على صعيد البنوك تمت مناقشة تمكين البنك المركزي من ضمان استقرار الأسعار واستعادة الثقة في العملة الوطنية، واعتماد إطارٍ للسياسة النقدية مناسب لتحقيق ذلك، إضافة إلى إعادة تأهيل أنظمة الدفع والخدمات المصرفية، مع تعزيز نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، لتحسين كفاءة المعاملات، وإعادة بناء الثقة في البنوك، وإعادة تشغيل الوساطة المالية.
كما تم مناقشة السماح بإعادة الاتصال بالنظام المالي الدولي، ومعالجة العقبات المباشرة التي تعترض تنمية القطاع الخاص القائم على السوق، وتحسين مناخ الاستثمار، وتعزيز جمع البيانات ومعالجتها ونشرها، بمعزل عن التخطيط الاقتصادي، لضمان توفر بيانات كافية لدعم صياغة السياسات وتقييمها.

ورأى صندوق النقد الدولي أن السلطات السورية ستحتاج إلى دعم دولي قوي لجهودها، ويشمل ذلك دعماً مالياً بشروط ميسَّرة للغاية، بالنظر إلى القيود المالية والاقتصادية الخارجية التي تواجهها سوريا، ومساعدة واسعة النطاق في تنمية القدرات لتعزيز المؤسسات الاقتصادية وتحديث التقنيات والأنظمة القديمة.
ويعمل موظفو صندوق النقد الدولي على وضع خريطة طريق مفصَّلة لأولويات السياسات وبناء القدرات للمؤسسات الاقتصادية الرئيسية، لا سيما وزارة المالية والبنك المركزي وهيئة الإحصاء، وسينسق الموظفون بشكل وثيق مع شركاء التنمية الآخرين في صياغة هذه الخريطة، وضمان الدعم الفعال للسلطات السورية، مع مراعاة القيود على الطاقة الاستيعابية
مرحلة جديدة من ضخ الاستثمارات
تشير التقديرات إلى أن نحو 6 ملايين شخص فروا من سوريا خلال أكثر من عقد من الحرب الأهلية، وتقدر الأمم المتحدة أن 90 بالمئة من الذين بقوا يعيشون في فقر ويعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.
وتستعد دمشق الآن لاستثمارات ومشاريع تجارية مع قطر وتركيا والمملكة العربية السعودية ودول أخرى، مع إعادة تأسيس مسارات الطيران وعقد اجتماعات سياسية واقتصادية رفيعة المستوى مع هذه الدول.

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن واشنطن سترفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عقود، لكن من غير الواضح كم من الوقت قد تستغرق هذه العملية، كما خفف الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بعض القيود.
وفي الوقت نفسه، سددت الدولتان الغنيتان بالنفط، المملكة العربية السعودية وقطر، ديون سوريا للبنك الدولي، والتي بلغت قيمتها نحو 15 مليار دولار (13 مليار يورو).
قدرت تقارير رسمية الكلفة الاقتصادية للنزاع على مدار أكثر من عقد في سوريا بنحو تريليون و200 مليار دولار، وهو ما يعادل ميزانية دول الاتحاد الأوروبي بأكمله لمدة عشر سنوات.
- تتبع جماعة “الحوثي”.. إحباط أكبر عملية تهريب للمخدرات في اليمن
- إسرائيل تضرب قلب إيران النووي وتغتال قادة بارزين.. تفاصيل عملية “الأسد الصاعد”
- معبر البوكمال يُفتتح رسمياً.. والسوداني: استقرار سوريا جزء من أمن العراق
- لقاء بين الشرع وشخصيات عملت على “الاتفاقيات الإبراهيمية”.. هل بدأ مسار التطبيع؟
- تحذيرات من “انفجار شعبي” ونسف العدالة الانتقالية: ما سرّ تعويم فادي صقر؟
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
مقالات ذات صلة

ستة أشهر بين إدارة جديدة واقتصاد مأزوم.. متى يلمس السوريون تحسناً في معيشتهم؟

“اتجاهات أساسية”.. حسين الشرع يطرح رؤية لإعادة إعمار سوريا

إدلب الجنوبي: عودة جزئية للأهالي وسط غياب الدعم ودمار البنية التحتية

من العزلة إلى الشراكة.. تحرك خليجي جديد للمساهمة في إعادة إعمار سوريا
الأكثر قراءة

وزير الخارجية السوري: تفاهمات جديدة مع قطر تشمل التعاون المصرفي والصحي وتوريد الغاز

واشنطن تقلّص وجودها العسكري في سوريا وتحتفظ بقاعدة واحدة.. تفاصيل

هل بات طرد المقاتلين الأجانب شرطاً لإعمار سوريا؟

مواطنون: فرحة العيد منقوصة في دمشق

منحة “الشرع” بمناسبة الأضحى.. دعم اجتماعي أم عبء اقتصادي جديد؟

مناسبة للتعبئة والتحشيد.. كيف غيّرت جماعة “الحوثي” أجواء عيد الأضحى في اليمن؟
المزيد من مقالات حول اقتصاد

الشرق الأوسط على صفيح ساخن.. كيف هزت التوترات الأميركية-الإيرانية أسواق العالم؟

من يلتهم التحسن الاقتصادي؟.. الأسعار تواصل الارتفاع وتثقل كاهل المستهلك السوري

ما هي خارطة طريق “صندوق النقد” لإنعاش الاقتصاد السوري؟

عودة السوريين إلى الوطن.. فرصة اقتصادية أم تحدٍ جديد؟

تقييد للحرية أم تنظيم؟.. ضوابط جديدة لدخول الشواطئ تثير غضب السوريين

بين تأهب الشركات المصرية واستثمارات الإمارات.. كعكة إعمار سوريا تفتح شهية رؤوس الأموال

سوريا تحدد رسوم تأشيرات المسافرين: كيف سيؤثر القرار على السياحة الدينية؟
