قبل 2011، وحتى عام 2014، كان سعر كيلو #الخبز المدعوم ثابتاً عند نحو 9 ليرات سورية، والربطة 8 أرغفة بـ15 ليرة، وكانت الحكومة السورية، دائماً تتحدث عن خط أحمر وحيد لا يمكن المساس بسعره وهو رغيف الخبز، لكن الخط الأحمر انتهك مراراً طيلة السنوات الأخيرة وبأشكال مختلفة.

الحلقي مس بـ “خط الخبز الأحمر” 4 مرات خلال عامين!

في آب 2013، صدر أول قرار مسّ بالخط الأحمر الوحيد، حيث أصدر رئيس الوزراء حينها “وائل الحلقي” قراراً برفع سعر ربطة الخبز من 15 #ليرة إلى 19 ليرة سورية بحجة أن هذه الـ4 ليرات هي لثمن كيس النايلون غير المدعوم، وفي أقل من عام أعاد الحلقي المساس بالخط الأحمر مجدداً، وفي تموز 2014، أصدر قراراً رفعه بموجبه سعر كيلو غرام الخبز من 9 ليرات، إلى 15 ليرة، وسعر ربطة الخبز من 19 ليرة إلى 25 ليرة .

وفي عهد الحلقي أيضاً، جاء الرفع الثالث لسعر ربطة الخبز في كانون الثاني 2015، ليزيد ثمنها من 25 #ليرة إلى 35 ليرة، ثم جاء الرفع مرة رابعة في تشرين الأول من 35 إلى 50 ليرة، مع تخفيض وزن الربطة إلى 1300 غرام، بعد أن كانت بوزن 1550 غرام، أي أن الربطة أصبحت بـ7 أرغفة بدلاً من 8.

من رفع السعر إلى تحديد مخصصات خبز!

انتهى عهد الحلقي عام 2016، وهدأت خطط المساس بالخبز بعض الشيء، مع الترويج بين الحين والآخر عن كلف الدعم الباهظة، ليعود الحديث عن الخبز مجدداً، وكأنه مشكلة تؤرق الحكومة.

في حزيران 2018 أعلن وزير التجارة حينها “عبد الله الغربي” عن خطة لجعل رغيف الخبز أصغر حجماً بقطر 25 سم، وعدد الأرغفة 11 رغيفاً لربطة الخبز، بدلاً من 7 أرغفة.

وفي نيسان 2020، حدد وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك “#عاطف_النداف”، سقف الربطات المسموح بيعها للمواطنين بـ4 يومياً فقط، بعد إدخالها نظام “#البطاقة_الذكية”، لكن لم يستمر ذلك طويلاً.

وفي أيلول من ذات العام، تم تعديل المخصصات لتصبح وفقاً لعدد أفراد #العائلة، بحيث يتم توزيع ربطة للشريحة بين فرد وفردين، وربطتين ‏للأسرة من 3 إلى 4 أفراد، و3 ربطات للأسرة من 5 إلى 6 أفراد، و4 ربطات ‏للأسر فوق 7 أفراد.‏

وتعتبر قرارات الحكومة السورية، التي تمس عدد ربطات الخبز المخصصة للعائلة، أو عدد الأرغفة، أسلوباً يشابه رفع السعر لكن ظاهره مختلف، حيث يتم تحديد حصة الفرد من الخبز بشكل إجباري، بينما كان سابقاً يتاح له شراء حاجته بسهولة.

وفي كل #القرارات التي تمس بالخبز، كانت التبريرات تتمحور حول الهدر من قبل المواطنين وبيع الخبز المدعوم كأعلاف أو تهريب الطحين إلى السوق السوداء، إضافة إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج.

ويجري الحديث بين الحين والآخر عن وجود دراسة لرفع الدعم عن الخبز، مقابل توزيع بدل نقدي على المواطنين.

تكلفة إنتاج الخبز بالأسعار الحرة

الاحتياجات الأساسية لإنتاج أي خبز، بحسب عمال أفران، تتكون من الطحين والمازوت والمياه والخميرة والملح وأجور العمال، المازوت الحر بدون دعم بنحو 295 ليرة سورية، في حال شرائه من قبل الصناعيين وهو السعر الحر غير المدعوم مع هامش ربح، والأفران الآلية تنجز 1 طن من الخبز كل ساعتين، وفي الساعتين يحرق بيت النار حوالي 70 ليتراً من المازوت، وهو ما تعادل تكلفته 20,650 ليرة.

كما يحتاج الفرن 600 كيلو طحين لإنتاج 1 طن من الخبز، ويبلغ ثمن الكيلو الواحد من الطحين المستخدم في الخبز التمويني نحو 250 ليرة سورية، وكل 600 كيلو من الطحين يصنع 1 طنّاً من الخبز، وعليه فإن تكلفة 600 كيلو غرام تبلغ 150,000 ليرة.

ويعود الاعتماد على سعر #الطحين المذكور، إلى تصريح المؤسسة السورية للحبوب العام الماضي، بأن كيلو الطحين يباع للمخابز بسعر مدعوم قدره 18 ليرة سورية، بينما كلفة إنتاجه حالياً تقارب 240 ليرة سورية.

ويعمل في فرن الخبز 8 موظفين تقريباً، #الراتب الشهري للعامل 40 ألف ليرة، أي نحو 320 ألف ليرة شهرياً للجميع، نحو 10,600 ليرة في اليوم، ويعتبر راتب الساعتين لإنجاز الطن 2,600 ليرة على اعتبار العمل 8 ساعات.

ويحتاج الطن من الخبز إلى أقل من 1 كغ من الخمير الذي ثمنه تقريباً في #السوق نحو 600 ليرة، وحوالي 4,000 ليرة ثمن أكياس للتعبئة، ويمكن إضافة 10 آلاف ليرة أعطال وكهرباء ومياه خلال الساعتين، ليظهر أن التكلفة الرئيسية للطن الواحد من الخبز نحو 187 ألف ليرة، وبالتالي تكلفة الـ1,300 غرام نحو 243 ليرة والكيلو 187 ليرة، علماً أن بعض الأسعار حسبت وفقاً للسوق وليس التكلفة.

ويعتبر ثمن الـ1,300 غرام أعلى بـ43 ليرة من الرقم الذي قدمه مأمون حمدان عام 2018 حين أكد أن كلفة ربطة الخبز حينها 200 ليرة، عندما كان سعر الصرف بحسب المركزي 435 ليرة سورية، بينما #السعر اليوم 1,256 ليرة، بينما أعلن مدير المواد والأمن الغذائي في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في 2016، أن ربطة الخبز المدعوم تكلّف الحكومة 500 ليرة سورية.

خفض الدعم على حساب الأمن الغذائي

وتحاول الحكومة، خفض فاتورة الدعم في كل قرار ترفع به الأسعار أو تخفض به حجم التوزيع، حتى باتت الكميات الموزعة من الخبز أخيراً غير كافية، وتدفع المواطنين لشراء حاجتهم من قبل الباعة الجوالين المتفقين مع المخابز بسعر ربطة وصل إلى 500 ليرة سورية، وأحياناً 700 ليرة لعدم كفاية المخصصات.

وأكدت بعض الأسر التي استطلعت آراءهم (الحل نت) أن قرار الشرائح الأخير يتدخل في غذاء المواطنين الذين يتفاوت استهلاكهم للخبز من شخص لآخر، ومن مستوى مادي لآخر، حيث باتت الكثير من الأسر تعتمد على الخبز كغذاء أساسي بظل ارتفاع أسعار كل شيء.

وفي أيار الماضي، أعلنت #الأمم_المتحدة، أن الارتفاع القياسي في أسعار المواد الغذائية ووباء كورونا دفعا بعائلات في سوريا إلى ما يتجاوز طاقتها، مؤكدةً أن 9 ملايين و300 ألف شخص (نحو نصف السكان) باتوا يعانون من انعدام الأمن الغذائي مقارنة بـ7 ملايين و900 ألف قبل ستة أشهر.

وبدلاً من قيام الحكومة السورية، بزيادة الدعم قامت بخفضه عبر قانون الشرائح الأخير، ودفعت بمزيد من المواطنين نحو انعدام الأمن الغذائي، وشجعت السوق السوداء لتأمين الحاجة الفعلية من الخبز، وأعطت دعماً ومبيعات إضافية لأصحاب الأفران الخاصة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.