تعاني طالبة شهادة #التعليم_الأساسي “سهام” من عدم قدرتها على مجاراة قريناتها في الصف بالمراجعة والحصول على تدريبات وإيضاحات، فهي لا تستطيع الالتحاق بمعهد خاص يقدم الدورات المكثفة قبل #الامتحان المقرر نهاية الشهر الحالي، والكلف المادية المطلوب دفعها خلال أيام فقط، تفوق قدرة عائلتها المادية لأشهر، على حد تعبيرها.

“سهام” تحاول متابعة بعض الدروس المجانية على يوتيوب، وتقول لموقع (الحل نت) «أسعار #الدروس الخصوصية مرتفع جداً والحصول عليها صعب.. أحصل على دروس مجانية على يوتيوب، هي جيدة نوعاً ما لكنها تفتقر للتفاعل والنقاش، ولا يوجد فيها كل ما أريده».

يقول والد سهام إنه لا يرى خطورة عليها كون الصف #التاسع (أي شهادة التعليم الأساسي) مجرد مرحلة انتقالية سهلة (برأيه) وليست تحديد مصير كما هو الحال في #البكالوريا (الثالث الثانوي)، لذلك «لست مضطراً حالياً لأبيع أثاث منزلي حتى أقوم بدفع ثمنها للأساتذة والمعاهد المستغلين الذين باتوا تجاراً بالعلم، وقد أفكّر بذلك عندما تصبح في الثالث الثانوي».

مليون ليرة في شهر مقابل تدريس مواد أساسية!

ليس بالضرورة أن يفي والد سهام بوعده، فكثير من الأسر غير قادرة حالياً على تأمين نفقات المدرسين الخصوصيين أو الدورات المكثفة لأبنائهم في الثالث الثانوي “البكالوريا” رغم رغبتهم بذلك، علماً أن اجتياز تلك المرحلة يعتبر تحديداً للمصير.

ويؤكد “رامز” وهو طالب بكالوريا علمي أنه «جادل والداه كثيراً بخصوص إمكانية التحاقه بدورات مكثفة أو حصوله على استاذ رياضيات وفيزياء ولغة عربية على الأقل، لكن التكاليف المتوقعة فاقت المليون ليرة في شهر، وهي صعبة المنال».

والد رامز يرى في ابنه (شخصاً ناضجاً ودريساً) بحسب ما قاله لموقع (الحل نت) ولا خوف عليه من اجتياز هذه المرحلة بعلامات تؤهله لدخول الطب البشري مستنداً إلى تجارب سمع بها سابقاً على حد تعبيره، لطلاب وصلوا لمستويات عالية من العلم دون أي درس خصوصي.

لكن ابنه يرى في حديث والده مجرد تبرير للعجز، لأن والده لا ينكر أنه لو كان قادراً على دفع نفقات المدرسين لما ترك لابنه ثغرة يمكن أن يعاتبه عليها لاحقاً إن لم يحقق النتائج المرجوة.

ووصل سعر الساعة الخاصة الواحدة للمدرسين الشهيرين بالمواد الرئيسية مثل رياضيات وعربي إلى 20 ألف ليرة سورية وهم أسماء شهيرة جداً بالوسط التعليمي وفقاً لما أكده طلاب لموقع (الحل نت)، بينما تنخفض الأسعار نزولاً بتدرج إلى 5 آلاف ليرة تبعاً لسمعة الأستاذ.

دروس خصوصية رخيصة من طلاب وخريجين جدد

ويلجأ بعض الطلاب سواءً من الصف التاسع أو البكالوريا إلى خريجي جامعات جدد للحصول على دروس بأسعار رخيصة قد لا تتجاوز الـ1500 ليرة للساعة، حيث وجد بعض الخريجين الجامعيين وحتى بعض طلاب الجامعات فرصة لهم لكسب مردود مادي من خلال تقديم الدروس الخصوصية لطلاب الشهادتين.

ويوضح (محمد . س) وهو طالب ماجستير في الطب البشري بجامعة دمشق، أن راتبه الشهري من المشفى لا يزيد عن 30 ألف ليرة سورية، وهو لا يكفي للمواصلات.

ويتابع أن  الجامعة تمنع الطالب من العمل بالمهنة إلا ضمن مشافي الحكومة ودوام كامل مع مناوبات، وهذا ما دفعه للجوء إلى تقديم الدروس الخصوصية في الرياضيات والكيمياء والفيزياء بـ1500 ليرة لكل ساعة وأحياناً بـ1000، واستغلال موسم الامتحانات لتحقيق عائد مادي يعيله، على حد تعبيره.

دورات خصوصية 5 نجوم!

وفي حال فكّر الطلاب باللجوء إلى دورات مكثفة تقيمها معاهد شهيرة وتوصف بـ(5 نجوم)، فقد تصل كلفة التسجيل في 5 مواد أساسية أكثر من نصف مليون ليرة سورية يتم دفعها خلال شهر أو أقل تبعاً لبرنامج الدورة.

حيث وصل سعر التسجيل ببعض المواد الأساسية سواء للصف التاسع أو البكالورية إلى 100 ألف ليرة سورية للمادة الواحدة، في حين انخفض السعر إلى 35 ألف ليرة سورية في معاهد غير معروفة على أطراف دمشق.

“نريد أن نأكل ونشرب” هكذا رد أحد مدرسي اللغة العربية لموقع (الحل نت) عند سؤاله حول سبب رفع سعر الساعة التدريسية التي يقدمها من 8 آلاف ليرة إلى 10 آلاف ليرة في العشرة أيام الأخيرة قبل الإمتحانات.

وأردف مفضلاً عدم ذكر اسمه كي لا تمس سمعته، على حد تعبيره، أنه «يجب أن يعلم الجميع بأن الأستاذ هو من يصنع هذه الأجيال، وهو من مساهم أساسي بنجاح الطلاب ووصولهم إلى مناصب أو مواقع اجتماعية مرموقة، لكنه من أقل الشرائح دخلاً».

موسم امتحانات لا يفوت ومدرسون محتكرون!

ويضيف «يعتبر هذا الشهر موسم، وهو الشهر الذي يكاد أن يكون الوحيد بكثافة الدروس الخصوصية، ولا أبالغ حينما أقول بأن مستوى حياتي وقدرتي على مواجهة النفقات بقية العام، يعتمد على حجم عملي بهذا الشهر والشهر السابق، فالظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر علينا كمدرسين صعبة جداً».

مدرّس آخر يعطي دروساً خصوصية بالرياضيات يقول «المدرسون محكومون بالوظيفة في المدارس الحكومية التي لا يسد مردودها الرمق لأيام من الشهر، رغم أنه سمح لنا بتقديم 4 ساعات تقريباً في المعاهد الخاصة بعد الدوام يومياً، لكن المعاهد لا تتعاقد سوى مع أسماء معينة، وغالباً هناك شبه احتكار لهذا القطاع من بعض الأساتذة».

ويتابع «تصر وزارة التربية على منع تقديمنا للدروس الخصوصية، لكنها فعلياً غير قادرة على ذلك طالما نقوم بإعطائها في المنازل ولطالب أو اثنين فقط، ولا يمكن لأحد أن يمنعنا طالما هناك اتفاق بين الطرفين».

ويضيف «هناك منافسة بين الأساتذة وأشبه بسوق لعرض خدمات المدرسين الخصوصيين، فهناك من يروج على أنه يتوقع في كل عام نسبة كبيرة من أسئلة الإمتحان، وآخر يعرض أسماء طلاب حصلوا على علامات عالية لأنه قام بتدريسهم، والأسعار يحكمها العرض والطلب، فكلما زاد الطلب على اسم معين يرتفع سعره أكثر».

الدروس الفردية غير ممنوعة!

مصدر في وزارة التربية يؤكد أن «الدروس الخصوصية لا تزال ممنوعة ويعاقب المدرس الذي يقوم بها، إضافة إلى أن كل الدورات المكثفة ممنوعة أيضاً وغير مرخصة، حيث لا يوجد معهد في سوريا يحق له الترخيص لإقامة دورات مكثفة أو تقوية مهما اختلفت التسمية، ويمكن أن يتعرض المدرسون للمساءلة والمعهد للإغلاق إن وصلت شكوى إلى الوزارة».

ويضيف المصدر لموقع (الحل نت) «لا يمكن للضابطة العدلية التابعة للوزارة ملاحقة المدرسين الذين يقومون بإعطاء الدروس في المنازل لطالب أو طالبين، لكن الرقابة الأكبر هي على المدرسين الذين يفتحون منازلهم كصفوف لعدد من الطلاب أو يستأجرون غرفاً في معاهد لتقديم حصص درسية بمقابل مادي»، في إشارة إلى أن الدروس الخصوصية الفردية شبه مسموحة.

ويتقاطع حديث المصدر مع تصريحات لوزير التربية “دارم طباع” مؤخراً، قال فيها لصحيفة (الوطن) إن «الضابطة العدلية في مديريات التربية، تقوم بملاحقة كل من يقوم بإعطاء دروس خصوصية في منزله».

ولفت إلى أنه  «تم التغاضي عن بعض الحالات في حال اقتصر الإعطاء على طالب واحد، من منحى إنساني، ولكن في حال كان هناك عدد من الطلاب يتم اتخاذ إجراءات بحقه وفرض غرامة كبيرة».

وتبقى أمنيات الطلاب وذويهم، هي تنظيم عملية تقديم الدروس الخصوصية ووضع تسعيرة مضبوطة، وعدم ترك سعر الساعة لرغبة وأهواء واستغلال المعاهد والمدرسين، وفقاً لمن استطلع (الحل نت) آراءهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.