بعد طول انتظار، جاء مرسوم زيادة #الرواتب، لكن بعد أقل من 24 ساعة من صدور قرار برفع سعر #المازوت والخبز، ونحو أسبوع من رفع سعر #البنزين أوكتان 95 الذي بات أساسياً في النقل لقلة المخصصات المدعومة، وبعد نحو 3 أسابيع من رفع سعري السكر والرز “المدعومين “نحو 100%.

لم تأتِ زيادة الرواتب كما كان يشتهي السوريون، حتى أنها جاءت على الراتب المقطوع أي أنها تخضع لضريبة الدخل وغيرها من رسوم وضرائب، ويقول “حسام . ر” وهو موظف في وزارة الموارد المائية، إن راتبه بأحسن الأحوال كان نحو 50 ألف ليرة سورية، وبعد الزيادة بات نحو 70 ألف ليرة، لأن الزيادة تخضع للضريبة، أي أن قيمة الزيادة فعلياً لن تتجاوز الـ20 ألف ليرة”.

وبدوره، قال “رائد . ف” وهو موظف في وزارة الاتصالات والتقانة، إن «الزيادة الأخيرة مهينة، ولم تحدث أثراً على نفسية الموظفين بل زادت من نقمتهم وسخطهم على الواقع الميؤوس منه»، مشيراً إلى أن «أغلب الموظفين يعملون أعمالاً أخرى ولا ينظرون للراتب بأنه شيء مهم، وبخاصة في قطاع الاتصالات، فأغلب الموظفين يعملون لصالح شركات خاصة أو لحسابهم الخاص ويستخدمون وظيفتهم في الوزارة كبوابة لأعمالهم تلك».

رواتب تصنع فاسدين

وتابع «راتبنا من الوظيفة لا يكفي ثمناً للخبز والماء وفواتير كهرباء واتصالات، وهم يعلمون ذلك ويعلمون أنهم يصنعون منا فاسدين، ففي كل وزارة وكل دائرة يعتمد الموظفون على وظيفتهم لكسب المال من أطراف خارجية، وباتت القضية علنية بعلم الجميع».

لم يهتم رائد كبعض الموظفين مثله بالزيادة الأخيرة، ولا أي زيادة ستتم لاحقاً إن لم تحقق لهم دخلاً يفوق الـ600 ألف ليرة سورية على حد تعبير من استطلع موقع (الحل نت) آراءهم، لكنهم سخروا مما حدث ووصفوه بأنه سرقة للراتب بخفض قيمته الشرائية بشكل علني، فرغم الزيادة نظرياً بنحو 50%، إلا أن قرارات رفع الأسعار الحكومية التي سبقت زيادة الرواتب جعل قوة مدخول الموظف الشهرية أقل بكثير مما كانت عليه قبل الزيادة.

فعندما كان سعر ربطة الخبز 100 ليرة، كان راتب 50 ألف ليرة يشتري 500 ربطة خبز، بينما راتب 70 ألف ليرة (بعد الزيادة واقتطاع الضرائب) لا يشتري أكثر من 350 ربطة خبز بعد رفع سعرها إلى 200 ليرة، وأيضاً كان الراتب القديم يشتري نحو 277 ليتر مازوت تدفئة بسعر ليتر 180 ليرة، بينما حالياً لا يشتري سوى 140 ليتر وهي أقل من مخصصات الشتاء التي من المفترض أن تكون 200 ليتراً.

أيضاً، كان الراتب القديم يشتري 100 كيلو سكر بالسعر المدعوم، بينما حالياً 70 كيلو فقط، وكان يشتري 83.3 كيلو رز وبات يشتري 70 كيلو فقط.

كيف سرقت الحكومة الزيادة؟

ويحق للعائلة في الشهر 100 ليتر بنزين مدعوم إن كانت تملك سيارة سعرها 75,000 ليرة، وأسطوانة غاز بسعر 4,500 ليرة، وكيلو رز وكيلو سكر للفرد على ألا تزيد عن 4 كيلو سكر و3 كيلو رز للعائلة مهما بلغ عدد أفرادها، ويحق للعائلة من 5 أشخاص 3 ربطات خبز يومياً، ومجموع ما ذكر يصل إلى 29,500 ليرة بدون بنزين، ومع البنزين 104,500 ليرة.

هذا يعني، أن الحكومة قبل زيادة الرواتب، أخذت من العائلة (شهرياً) 2000 ليرة سورية من السكر نتيجة فرق رفع السعر، و1200 ليرة من الرز، و9,000 ليرة من الخبز، ووسطياً 1,800 ليرة سورية شهرياً من كل فرد من العائلة بمعدل ذهاب وإياب مرة واحدة عبر باصات النقل الداخلي الحكومية (بعد زيادة 30 ليرة على كل 100 ليرة تعرفة نقل).

ولو فرضنا أن الأسرة من 5 أشخاص فيها 3 أشخاص فقط يتنقلون بوسلية نقل حكومية، تكون كلفة زيادة النقل بالأسعار الرسمية 5,400 ليرة عليهم.

وبرفع سعر مازوت التدفئة إلى 500 ليرة، وبحساب أن حصة الأسرة 200 لتر سنوياً (وفق المخصصات الرسمية)، فإن حصة الأسرة الشهرية من المازوت 16.5 ليتر تقريباً، فرق سعرها لصالح الحكومة 5280 ليرة سورية شهرياً، ليصبح مجموع ما حصّلته الحكومة أو ستحصله بعد زيادة الأسعار الأخيرة نحو 22,880 ليرة سورية.

وبما أن زيادة الرواتب تخضع لاقتطاع ضريبة دخل ورسوم مسبقة قد تصل قيمتها لنحو 5 آلاف ليرة سورية من كل 25 ألف زيادة على راتب الـ50 ألف ليرة، فهي تضاف للحسبة لتصبح قيمة ما قامت الحكومة بجبايته مسبقاً 27,880 ليرة، أي أنها استطاعت تحصيل الزيادة وفوقها نحو 7,880 ليرة سورية من راتب كل موظف حكومي يعيل أسرة، بما يعني أن قيمة الراتب الشرائية انخفضت بدلاً من أن تزيد وبقرارات رسمية.

رفع الاتصالات والكهرباء

ويتوقع خبراء في الاقتصاد استطلع (الحل نت) آراءهم، أن ترفع الحكومة أسعار الخدمات الرئيسية قريباً بعد رفع سعر المازوت نتيجة ارتفاع تكاليف التشغيل، ليطال ذلك الاتصالات والكهرباء والمياه وغيرها من قطاعات أخرى، ليصبح واقع الموظفين في سوريا أكثر سوءاً.

وانعكس رفع سعر المازوت فوراً على أسعار جميع السلع نتيجة ارتفاع تكاليف النقل بنسبة تصل إلى 5% على الأقل، ومن المتوقع أن تزداد أكثر نتيجة ارتفاع تكاليف التشغيل التي قد تظهر نتائجها بالدورة السلعية القادمة خلال أشهر.

ووصف عضو مجلس الشعب “أحمد صالح” مؤخراً، الرواتب في سوريا بأنها “مخالفة للدستور”، مشيراً إلى أن المواطن وصل إلى حالة يأس من المطالبة بزيادة الرواتب.

وتابع في حديثه مع إذاعة “ميلودي إف إم” أن «الرواتب الحالية تخالف الدستور الذي يضمن في الفقرة الثانية من المادة (40) أنه لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل، على ألا يقل عن الحد الأدنى للأجور التي تضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيرها».

وأضاف «نحن نقدر الوضع في ظل الحصار الاقتصادي لكن الراتب الحالي لا يكفي لبضعة أيام، وهذا ينعكس سلباً على القدرة الشرائية للمواطن، الذي لا يطلب إلا احتياجات الحياة الأساسية ويضطر للعمل في 3 وظائف لتأمينها».

وأصدر “بشار الأسد” مؤخراً مرسومين تشريعيين برفع رواتب وأجور العاملين المدنيين والعسكريين وأصحاب المعاشات التقاعدية، قضى الأول بزيادة نسبتها 50% إلى الرواتب والأجور المقطوعة لكل العاملين في الدولة، من مدنيين وعسكريين.

ورفع الحد الأدنى العام للأجور والحد الأدنى لأجور المهن لعمال القطاع الخاص والتعاوني والمشترك، غير المشمولة بأحكام القانون الأساسي للعاملين بالدولة، ليصبح 71,515 ليرة سورية شهرياً، ونص المرسوم الثاني على منح أصحاب المعاشات التقاعدية من العسكريين والمدنيين زيادة قدرها 40% من المعاش التقاعدي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.