التهديدات التركية لشمال سوريا: هل هنالك مقايضة تركية-روسية على تسليم تل رفعت للأتراك؟

التهديدات التركية لشمال سوريا: هل هنالك مقايضة تركية-روسية على تسليم تل رفعت للأتراك؟

التهديدات التركية لشمال سوريا أعادت التوتر إلى المنطقة. خاصة بعدما خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزراؤه متحدثين عن نية تركية بشن عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية. بينما يختلف المراقبون حول القدرة الفعلية لتركيا على القيام بمثل تلك العمليات. وموقف الدول الكبرى والإقليمية منها إن حدثت. وطبيعة علاقة أنقرة الحالية مع كل من موسكو وواشنطن.

وسبق لتركيا أن شنت هجمات على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في الشمال السوري. عندما احتلت مدينة عفرين عام 2018، وبعدها رأس العين وتل أبيض عام 2019. ويبدو أن أنقرة كانت حائزة حينها على ضوء أخضر من عدد من الدول الكبرى. إلا أن الوضع اليوم مختلف إلى حد كبير. لأن التهديدات التركية لشمال سوريا تزامنت مع توتر في العلاقات التركية-الأميركية، والتركية-الروسية. إذ لم يستقبل الرئيس الأميركي جو بايدن أردوغان بالشكل المطلوب في أميركا. فيما لم يحصل الأخير على ما يريد في القمة التي جمعته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي.

وكان “نوري محمود”، الناطق باسم “وحدات حماية الشعب” في شمال وشرق سوريا، قد أكد هذا التصوّر. في حديثه لصحيفة “أوزكور بوليتيكا”. وقال عن التهديدات التركية لشمال سوريا: «إذا شنّت تركيا هجوماً فسيكون الأمر مختلفاً هذه المرة». دون مزيد من التوضيح.

فيما يرى محللون عسكريون آخرون أن أمريكا وروسيا اكتفيتا بإعطاء الضوء الأخضر للطائرات المسيّرة التركية. لاستهداف قادة قوات سوريا الديمقراطية. وهذا ما جرى ويجري حالياً في كوباني والقامشلي. إلا أن ذلك الضوء الأخضر لن يمتد ليشمل السماح بعملية عسكرية تركية شاملة.

«التهديدات التركية لشمال سوريا ليست مجرد إشاعات»

إلا أن “يوسف الحمود”، الناطق باسم الجيش الوطني المعارض الموالي لتركيا، يبدو أكثر ثقة حول التهديدات التركية لشمال سوريا. إذ أكد لموقع «الحل نت» أن «الحديث عن تجهيز تركيا لهجمات على مناطق قوات سوريا الديمقراطية ليس مجرد إشاعة». مضيفاً أن «قوات الجيش الوطني مستنفرة على طول خطوط الجبهة مع قوات سوريا الديمقراطية. سواء في تل رفعت أو منبج، أو على الحدود التركية السورية في شرق الفرات».

وأشار “الحمود” إلى أنه «لا توجد منطقة محددة في حال انطلق الهجوم التركي. فالاستهداف سيكون على كامل خطوط الجبهات».

ويتحدث مراقبون عن أن التهديدات التركية لشمال سوريا جاءت بعد أن قايضت أنقرة وموسكو مناطق معينة في سوريا. فتأخذ تركيا بموجب المقايضة منطقة تل رفعت، مقابل تسليمها لروسيا طريق (M4) ما بين حلب واللاذقية.

ولكنّ “الحمود” أستبعد أن تكون هناك عملية مقايضة بين روسيا وتركيا. قائلاً: «في العلاقات الدولية ليست هناك مقايضة. بل هنالك هجمات على مناطق العدو. والجانب المسيطر يكتسب نقاط قوة في المفاوضات السياسية».

«نحن في حالة استعداد دائمة في وجه التهديدات التركية»

من جهته يشدد “أبو عمر الإدلبي”، القيادي في “لواء الشمال الديمقراطي” التابع لـ”قسد”، على أن «التهديدات التركية لشمال سوريا جاءت بعد عملية مقايضة بين موسكو وأنقرة. وتصريحات أردوغان، التي تقول إنه إذا لم يتم التوصّل إلى حلول دبلوماسية في الشمال السوري، فستشن القوات التركية هجوماً على المنطقة، تأتي ضمن هذا الإطار».

 ويضيف “الإدلبي” في تصريحاته لـ”الحل نت”: «التهديدات التركية لشمال سوريا تنبع من مدى المخاطر التي تحدق بأردوغان. فهو يعاني كثيراً من الأزمات السياسية والاقتصادية في بلاده. ما يدفعه للهروب إلى الأمام، من خلال افتعال المشاكل في الشمال السوري. من تل تمر وحتى تل رفعت. للهروب من مصيره الحتمي. محاولاً عدم السقوط في مستنقع سياساته». حسب تعبيره.

ونوّه القائد العسكري في “قسد” إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية دائماً في حالة استعداد وجاهزية تامة وتدريب مستمر لمواجهة التهديدات التركية لشمال سوريا». متابعاً: «نحن على صلة مع الجهات التي ساعدت في التوصل لاتفاقيات وقف إطلاق النار عام 2019. أي الضامنين الروسي والأميركي. وهما الدولتان اللتين يقع على عاتقهما إيقاف أي هجوم تركي على شمال سوريا. ولكن التطمينات والوعود لا تلغي القاعدة، التي تحكم تصرفات ومواقف الدول. وهي المصالح أولاً وأخيراً، وليس المبادئ. لذلك فإننا نعوّل على روح المقاومة والنضال، التي تمّيز أبناء سوريا نساءً ورجالاً».  

وعن تل رفعت يقول “الإدلبي”: «هذه المنطقة هي الأكثر تهديداً من قبل تركيا. وقد يتم شن هجوم عليها في أي وقت».

«كل الجهات المتداخلة في الشمال السوري تتبادل التهديدات»

وكانت تركيا قد ألقت مناشير على مدينة تل رفعت، التي لا تبعد سوى خمسة وثلاثين كيلومتراُ عن مدينة حلب. وعدة كيلو مترات عن بلدتي “نُبل” و”الزهراء”. وهددت في المنشورات بشن هجوم على المدينة. بينما ردت روسيا بإلقاء مناشير على مدينتي “مراع” و”إعزاز” شمالي حلب. مهددةً بالسيطرة على المدينتين.

أما عن الموقف الإيراني فقد سبق لطهران أن ساهمت بمنع السعي التركي للسيطرة على تل رفعت في عام 2018. أي بعد السيطرة التركية على عفرين. وذلك لأن القيادة الإيرانية ترى في تواجد تركيا في تل رفعت تهديداً لمدينة حلب. وبلدتي “نبل” و”الزهراء” ذاتي الأغلبية الشيعية. وانتشرت مؤخراً أنباء عن قيام إيران بإرسال ميلشيات موالية لها إلى مناطق قريبة من تل رفعت. بعد التهديدات التركية لشمال سوريا.

العميد “أحمد الرحال”، المحلل العسكري،  يرى أن «الجهات الثلاث المتداخلة في الشمال السوري. أي تركيا وروسيا وأميركا. غير مستعدة لمقايضة مناطق نفوذها. فتركيا تريد السيطرة على مطار “منغ”، ومدينة وتل رفعت، دون منح روسيا أي شيء بالمقابل. والعكس صحيح. والأمر نفسه ينطبق على شرقي الفرات. لذلك أستبعد أن تكون هنالك مقايضة وراء التهديدات التركية لشمال سوريا».

وأشار “الرحال”، في حديثه لـ«الحل نت»، إلى أن «روسيا وجّهت رسائل لتركيا. من خلال قصفها لمواقع تحسب على الأتراك في ريف عفرين وأريحا قبل مدة.  وفحوى هذه الرسائل أن روسيا لن تقبل التهديدات التركية لشمال سوريا. وستتصدى لأي عمل عسكري تركي يستهدف تل رفعت ومطار “منغ”.  بينما ردت تركيا بإدخال أرتال عسكرية إلى إدلب».

ولا يبدو المحلل العسكري مقتنعاً بالرأي الذي ذكره “أبو عمر الإدلبي”. «يقال أن تل رفعت ومطار “منغ” سيعطيان لتركيا  مقابل سيطرة روسيا على طريق (M4). لكن كل المعطيات تؤكد أن هذا الكلام غير صحيح». يختتم “الرحال” حديثه بهذه الكلمات.

«التهديدات التركية لشمال سوريا مفتوحة على كل الاحتمالات»

أما “رامي عبد الرحمن”، مدير “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فيرى أن «التهديدات التركية لشمال سوريا تشير إلى أن العملية العسكرية التركية قد تنطلق في أية لحظة».

مردفاً في حديثه لـ«الحل نت»: «أردوغان يبحث عن انتصارات. بعد الهزائم التي مُني بها. عندما تم قتل عديد من جنوده في شمال سوريا على يد القوات الكردية. فضلاً عن العمليات التي تشنها في إدلب جهة مجهولة تُعرف باسم “أنصار أبي بكر الصديق”. وقد شهد هذا العام لوحده سقوط نحو مئة جندي تركي بين جريح وقتيل».

ويتساءل مدير المركز الحقوقي: «لكن هل ستسمح روسيا وأميركا لأردوغان بشن عملية عسكرية في شمال سوريا؟ حتى الآن تشير المعلومات إلى أن روسيا لن تسمح لأردوغان بذلك. فهي ترفض مقايضة الأراضي مع تركيا. وبالأصل كان يجب أن تسلًم تركيا، في شهر كانون الأول/ديسمبر 2019، طريق (M4) بأكمله لروسيا. ولذلك فربما تكون التهديدات التركية لشمال سوريا مجرد مناورات. يستفيد منها أردوغان داخلياً. لصرف الأنظار عن الأزمة الاقتصادية الحادة في بلاده».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.