تشهد زراعة الحمضيات في سوريا تراجعاً كبيراً في زراعتها وذلك بالتزامن مع تدهور القطاع الزراعي السوري بشكل كامل 

ويجد غالبية السوريين في مناطق سيطرة القوات الحكومية، صعوبة كبيرة في تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي من البذار والأسمدة.

 في ظل ارتفاع أسعار المواد بشكل جنوني في عموم المناطق، فضلاً عن عوامل الجفاف ومختلف الظروف الطبيعية.

مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة السورية، سهيل حمدان، في تصريحات له يوم الأحد الماضي أن إنتاج موسم الحمضيات انخفض 27.3 بالمئة عن المتوسط العام ما بين عامي 2016 و2020.

وأدى التراجع في الإنتاج إلى ارتفاع أسعار الحمضيات في المحافظات البعيدة مثل دمشق إلى ما يقارب 5000 ليرة سورية، وبلغ إنتاج موسم عام 2018 قرابة 1.2 مليون طن، وفي 2019 ما يقارب 817 ألف طن، بينما وصل في عام 2020 إلى 832 ألف طن.

وذلك بعد أن كانت سوريا في المرتبة الثالثة عربياً في إنتاج الحمضيات والسابعة ضمن دول حوض البحر المتوسط، ووصل إنتاجها إلى 1 بالمئة من الإنتاج العالمي للحمضيات.

تضاعف تكاليف الإنتاج 

المهندس الزراعي وائل باكير، شرح لـ “الحل نت” أسباب تراجع زراعة الحمضيات والزراعة  بشكل عام في سوريا، وأرجع ذلك إلى تحول أجزاء كبيرة من الأراضي الزراعية إلى مناطق صراع، إضافة إلى إرتفاع أسعار المحروقات وفقدان الكهرباء لتأمين المياه بالري.

وبيّن أن ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية كالبذور الهجينة والأدوية والأسمدة، وتراجع الثروة الحيوانية نتيجة انخفاض العدد وارتفاع أسعار الأعلاف، وتدهور المراعي بسبب الجفاف ومخلفات الحرب، والحرائق التي أصابت منطقة الساحل العام الماضي.

كما أشار باكير إلى عدم وجود اليد العاملة الخبيرة في المجال الزراعي نتيجة الهجرة والصراع، ومن النقاط المهمة التي تطرق لها هو حالة الفقر المدقع الذي يعيشه العاملين في المجال الزراعي جعلهم يعزفون عن الزراعة تجاه مهن تعطي أجراً مباشراً.

ارتفاع تكاليف الزراعة أضعاف عما كانت عليه سابقاً، كبدت الفلاحين خسائر فادحة وأغرقت بعضهم بالدين، وعزف البعض عن جني محاصيلهم، واقتراب أسعار الحمضيات في مناطق إنتاجها الرئيسية (الساحل السوري) من أسعار تكاليف زراعتها.

ومن أهم الأسباب التي يحاول المسؤولون في الحكومة السورية تجاهل الحديث عنه خلال تصريحاتهم، هو استمرار تصدير الحمضيات بالرغم من التراجع الشديد في إنتاجها.

عجز حكومي

ووسط عجز حكومي، يتحدث مسؤولون في السلطات السورية حول تلك الصعوبات التي يواجهونها.

موضحين أنها أدت للجوء نسبة كبيرة من الفلاحين لتأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي في سوريا ذاتيا من السوق السوداء.

وصرح رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين، محمد الخليف، بأن كميات البذار والأسمدة والمحروقات المقرر توزيعها على الفلاحين للموسم القادم تعتبر «غير كافية».

مضيفا أنه ليس هناك أي زيادة في المساحات المزروعة عن المواسم السابقة، بحسب صحيفة (الوطن) المحلية.

هل تنقذ الإمارات قطاع الزراعة السوري؟

في سياق آخر، كشف غزوان المصري، رئيس مجلس رجال الأعمال السوري الإماراتي، خلال اجتماع مخصص لعرض الفرص الاقتصادية في سوريا، عن رغبة دولة الإمارات العربية المتحدة في الاستثمار الزراعي والحيواني في سوريا، بحسب موقع “الاقتصاد اليوم” المحلي.

وكانت وزارة  الاقتصاد الإماراتية قد صرحت في الشهر الماضي تشرين الأول/ أكتوبر، عن رغبتها في تعزيز التعاون الاقتصادي مع سوريا واكتشاف قطاعات جديدة.

وحضرت الاستثمارات الإماراتية في سوريا بشكل قوي قبل عام 2011، واتفقت مع الحكومة السورية على مشاريع ضخمة منها مشروع “البوابة الثامنة” بقيمة 500 مليون دولار، ومشروع “خمس شامات” بقيمة مليار دولار، ومشروع “مدينة بنيان” في جبل الشيخ، ومشروع “بنيان الدولية” بتكلفة 15 مليار دولار وغيرها من المشاريع.

هذا وتعيش سوريا خللاً بنيوياً في خارطتها الزراعية، لاستمرار ابتعادها عن وضع استراتيجية زراعية واضحة، وتمسك  القائمين على هذا القطاع الحيوي باتخاذ قرارات ارتجالية ساهمت في خروج الكثير من العاملين بالقطاع الزراعي من العملية الإنتاجية، سواءً أكان ذلك قبل أو خلال سنوات الحرب.

ورافق القطاع الزراعي السوري، بحسب تقرير خاص أعده موقع “الحل نت” ونشره في شهر تموز/يوليو الماضي، زيادات متتالية على  التكلفة العامة للإنتاج الزراعي، والتي جاءت نتيجة  لسياسات غير مدروسة للحكومات السورية المتعاقبة، وأضرت كثيراً بهذا القطاع، ودفعت بالمزارعين في كثير من المواسم إلى بيع إنتاجهم بسعر التكلفة أو بخسارة.

كما أن الكلفة العالية لمستلزمات الإنتاج وغياب البنية التحتية المتعلقة، بضعف وسائل النقل بأنواعها وبخاصة طاقات الشحن بالموانئ والمطارات، التي لم تتطور على مدار عقود، أضرت بالقطاع الزراعي، الذي لم يتماشى مع زيادة الإنتاج أو متطلبات السوق الداخلي والخارجي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.