روسيا تهدد بإيقاف المساعدات الإنسانية إلى سوريا.. ماذا بعد ذلك؟

روسيا تهدد بإيقاف المساعدات الإنسانية إلى سوريا.. ماذا بعد ذلك؟

ليست المرة الأولى التي يقوم بها الروس بالتهديد بعدم تمديد آلية المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، في الوقت الذي وصف فيه باحثون ومحللون سياسيون أن ما تقوم به روسيا بخصوص المساعدات الإنسانية هي عملية “ابتزاز”.

وفي أحدث التصريحات، قال مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، اليوم الإثنين: “لسوء الحظ، نرى أنه على الرغم من إعلان النوايا، لم يتم إنجاز سوى القليل جداً من العمل الملموس. نحن نؤيد تقليصه. لقد منحنا عملياً ستة أشهر مع تمديد يصل إلى عام لإظهار استعداد المجتمع الدولي لتغيير موقفه من هذه القضية. إذا لم تكن هناك تغييرات، فسنغلق الآلية في النهاية “، وفق وكالة “تاس” الروسية.

وشدد لافرنتييف، أن بلاده ترى أن “آلية العبور غير شرعية”، وأنها “غير كفؤة وتتجاوز إطار القانون الدولي” وذلك لأنها تطبق للمرة الأولى في سوريا، بحسب تصريحه.

اقرأ أيضاً: استغلال سياسي روسي لملف المساعدات الإنسانية بسوريا.. ماذا بعد ذلك؟

تمهيد الجو للتطبيع مع الحكومة السورية

الكاتب والصحفي السوري المتخصص بالشأن الروسي، طه عبد الواحد، قال لـ “الحل نت”، إن التقدم الذي يشير إليه الروس هو دخول قوافل مساعدات إنسانية دولية إلى إدلب عبر مناطق الحكومة.

وأشار عبد الواحد، إلى أن الروس يعتقدون أنهم بهذا الشكل يرغمون المجتمع الدولي على التعامل مع حكومة دمشق من بوابة المساعدات الإنسانية، وبالتالي، سيخلقون أجواء تسمح بمزيد من التطبيع معه، ويأملون بمزيد من الليونة الغربية تجاه الحكومة السورية.

وأضاف عبد الواحد، أن الهدف الرئيسي في هذه المرحلة من هذا كله الدفع نحو جر تمويل لإعادة إعمار سوريا.

ورأى عبد الواحد، أن روسيا تعمد على المراوغة في الملف الإنساني، “من أجل وضع ما تبقى من مناطق خاضعة للمعارضة تحت رحمة النظام من ناحية المساعدات الإنسانية”، و”خطوة أولية على درب يدرك الروس أنها طويلة جدا لكنهم يرون في نهايتها على ما يبدو تنازلات مستمرة من دول خصوم النظام تؤدي في المحصلة إلى انفتاح متزايد عليه”.

إضافة إلى تسخير هذه النتائج للدفع نحو توفير الأموال الضرورية لإعادة الإعمار، لفت عبد الواحد إلى أن الروس يخططون على المدى البعيد ويسخّرون كل موقف لخدمة ما يخططون له، وأنهم ما زالوا يسعون للحصول على القطعة الأكبر من “كعكة” إعادة إعمار سوريا، على حد قوله.

وأوضح عبد الواحد، أن الأهداف الروسية في سوريا بعيدة المنال ولن يسهل تحقيقها إن رحل بشار الأسد، ذلك تحاول روسيا قدر الإمكان الالتفاف على أي صيغة تفاوضية تعيد تفعيل إمكانية “تغيير النظام”.

اقرأ أيضاً: خطر يهدد ملايين السوريين.. روسيا تساوم مجددا على ملف المساعدات الإنسانية

روسيا تبتز المجتمع الدولي لإدخال المساعدات عبر دمشق

وتطالب روسيا مرارا بوصول جميع المساعدات الأممية إلى دمشق، حيث يتم إدارة توزيعها من هناك.

وقال المبعوث الرئاسي الروسي: “وافقت روسيا على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2585، حيث أعربت عن أملها في أن يكون ذلك حافزاً للمجتمع الدولي لزيادة حجم المساعدات الإنسانية للحكومة السورية”.

وأضاف لافرنتييف، أنه “ليس فقط من خلال المساعدات الإنسانية في شكل غذاء، ولكن الأهم من ذلك، إطلاق برامج الإنعاش المبكر: لإعادة مرافق دعم الحياة، والطاقة، وخطوط الكهرباء، ومحطات ضخ المياه، ومرافق الرعاية الصحية، والمدارس، وما إلى ذلك”.

رئيس “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فضل عبد الغني، قال لـ “الحل نت”، إن ما تقوم به روسيا بخصوص المساعدات الإنسانية هي عملية “ابتزاز”، وليست المرة الأولى.

وأشار عبد الغني، إلى أن هناك مساومات تحدث مرارا على مدة تمديد وصياغة القرار المتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية.

وحصلت روسيا على مكسب مهم وهو دخول المساعدات الإنسانية من مناطق سيطرة الحكومة السورية إلى مناطق شمال غرب سوريا، بعد أن هددت بمنع دخولها.

وتسعى روسيا كما يعتقد عبد الغني، إلى الحصول على مساعدات بحجم أكبر، لتتمكن من إظهار النظام بأنه يسمح بدخول المساعدات من مناطقه، ومساعدة الحكومة بالحصول على موارد اقتصادية جديدة، بالإضافة لتضييق الخناق على شمال غرب سوريا.

وأوضح عبد الغني، أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان طالبت وأجرت العديد من المحادثات مع عدة دول، من أجل السماح بدخول المساعدات دون الحاجة لقرار من مجلس الأمن، وذلك لأن المساعدات حيادية والحاجة كبيرة في المنطقة، مؤكدا أن “رفض النظام تعسفي”.

وشدد عبد الغني، أنه لا بد من وجود مخرج من الابتزاز الروسي، مشيراً إلى أن “الروس وصلوا لمرحلة من الهمجية، ولم يكتفوا  بقصف الناس وتشريدهم، ويسعون الآن لقطع المساعدات عنهم وهي عملية انتقامية”.

اقرأ أيضا: استمرار إغلاق معبر اليعربية.. صراع روسي على ملف المساعدات الإنسانية

ملايين السوريين معرضون لخطر فقدان المساعدات الإغاثية

في 10 حزيران/ يونيو، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن ملايين السوريين معرضون لخطر فقدان الوصول إلى المساعدات المنقذة للحياة، في حال استخدمت روسيا حق النقض “الفيتو” ضد إعادة تفويض ممر المساعدات الوحيد المتبقي من تركيا إلى شمال غرب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة. 

من جانبه قال، جيري سيمبسون، المدير المساعد لقسم شؤون الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: “إن إغلاق شريان الحياة الأممي الوحيد المتبقي في شمال غرب سوريا سيعزل ملايين الناس عن المساعدات ويُفجّر كارثة إنسانية”. 

وأضاف سيمبسون، أنه “ينبغي أن يتلقى سكان شمال غرب سوريا، وملايين آخرين في الشمال الشرقي، المساعدة، بما في ذلك لقاحات فيروس كورونا وإمدادات الرعاية الصحية الأساسية الأخرى، عبر جميع الطرق الممكنة”.

وجددت روسيا والصين رفضهما تمديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري عبر معبر “باب الهوى”، بينما تزداد الاحتياجات الإنسانية لسكان الشمال والنازحين في المخيمات، لاسيما في الشتاء وهطول الأمطار وانخفاض درجات الحرارة، إلى جانب الأوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع الأسعار الكبير الذي تعاني منه المنطقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.