قبل اندلاع الصراع، كانت السياحة في سوريا مزدهرة. ساهمت بنحو 14 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد حيث وظفت 8.3 بالمئة من القوة العاملة. لكن الحرب قضت على سوق السياحة الإقليمية، وأدى الصراع إلى ثني معظم المسافرين عن قضاء الإجازات في سوريا. ومع ذلك، بذلت الحكومة السورية مؤخرا جهودا لإعادة بناء السياحة وجذب “المسافرين الجريئين” لكن الواقع يظهر عكس ذلك.

الخدمة لا تتوافق مع المعايير المطلوبة

في الواقع، حضرت الحكومة السورية خلال الثلاثة الأعوام السابقة عدة معارض سياحة دولية، حيث قال مساعد وزير السياحة، غياث الفرّاح، إن مشاركة سوريا في المعرض رسالة من الشعب السوري إلى جميع دول العالم تعكس انتهاء الحرب التي عانوا منها منذ ذلك الحين. والتي دمرت البنية التحتية الحيوية في سوريا، بما في ذلك قطاع السياحة.

ولكن على عكس هذه التصريحات، قال إسماعيل ناصر، مدير الشركات والفنادق بوزارة السياحة، فاليوم الخميس، إن الخدمات المقدمة في الفنادق المصنفة “خمسة نجوم” لا تفي بالمعايير الدولية، وأن الصراع في سوريا جعل الخدمة غير متوافقة مع معايير الخدمة المطلوبة، لا سيما بالنظر إلى حقيقة أن السوق المحلي غير قادر على تلبية معايير الخمس نجوم بشكل كامل.

وذكر مدير الشركات والفنادق في وزارة السياحة، في تصريح لجريدة “تشرين” المحلية، أن هذه المنشآت تجاوزت قيمة أعمالها الإجمالية الـ 36.5 مليار ليرة خلال العام الماضي، بزيادة عما حققته خلال الفترة نفسها من العام 2020 بما يقارب الـ 27.5 مليار ليرة .

وأشار ناصر، إلى أن إجمالي الربح المحقق في هذه الفنادق خلال الفترة نفسها ما يقارب 15.9 مليار ليرة، و 6 مليارات ليرة عائدات غير مباشرة من الضرائب والرسوم.

وعن نتائج أعمال الفنادق في وزارة السياحة أوضح إلى وجود بعض الصعوبات والمعوقات التي تعترض سير العمل كتسرب اليد العاملة الفندقية الخبيرة. مبينا أن الفنادق العائدة بملكيتها لوزارة السياحة وهي (داما روز- شيراتون دمشق- شهبا حلب- منتجع لاميرا).

للقراءة أو الاستماع: ارتفاع أسعار “الأركيلة” بدمشق.. ووزارة السياحة تدافع عن الغلاء

صورة قاتمة للسياحة في سوريا

تبيّن الميزانية الوطنية الأخيرة للحكومة السورية صورة قاتمة للأوضاع المالية للبلاد. ومع تزايد ديون الحرب وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 400 بالمئة، تواجه الحكومة أزمة غذاء حادة وقد تكون غير قادرة على دفع رواتب العسكريين بحلول عام 2022. في حين أن المؤسسات التابعة لحكومة دمشق يائسة عن فتح مصادر جديدة للإيرادات والتي أحد شريانيها هو السياحة.

تشير التحذيرات التي تنشرها سفارات الدول الغربية إلى التحذير المستمر لرعاياها من السفر إلى سوريا، إذ تصنف هذه الدول وأبرزها كندا السفر إلى سوريا خطيرا، بسبب “النزاع المسلح المستمر والإرهاب والجريمة والاحتجاز التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري”. وتطلب عبر موقع خارجيتها الرسمي “إذا كنت في سوريا، فعليك التفكير في المغادرة من أجل أمانك”.

وتضيف الخارجية الكندية، أن “قرار السفر هو اختيارك وأنت مسؤول عن سلامتك الشخصية في الخارج. نحن نتعامل مع سلامة وأمن الكنديين في الخارج على محمل الجد. ونقدم معلومات موثوقة وفي الوقت المناسب في إرشادات السفر الخاصة بنا. لتمكينك من اتخاذ قرارات مستنيرة فيما يتعلق بسفرك إلى الخارج”.

وحول المعلومات التي توفرها عن سوريا والتي لا تزال صالحة حتى الـ 3 من شباط/فبراير الحالي، توضح الوزارة، أن منطقة وسط وجنوب سوريا غير مستقرة وخطيرة بسبب الضربات الجوية المتقطعة ضد أهداف متحالفة مع إيران. ويشكل القتال النشط بين الحين والآخر بين قوات المعارضة والجيش السورية. فضلا عن أنشطة تهريب المخدرات في المنطقة، تهديدا أمنيا إضافيا. كما يساهم برنامج الأسلحة الكيماوية والبيولوجية في سوريا واستعمالها التاريخي ضد المدنيين في تفاقم الوضع.

وتلفت الوزارة، إلى أنه “إذا حاولت السفر إلى سوريا، فإنك تعرض نفسك لخطر جسيم. بالإضافة إلى التهديدات من الحرب، فإن الإرهاب والجريمة والاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري من قبل الحكومة السورية تشكل تهديدات مستمرة”.

والجدير ذكره، أن وزير السياحة السوري، محمد مارتيني، أعلن في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، عن خطة لاستعادة القطاع بحلول عام 2030. مؤكدا أن هناك فرصا كبيرة للاستثمار السياحي في سوريا ستوفر أكثر من 100 ألف فرصة عمل.

وفي عام 2010، أي قبل عام من اندلاع الحرب في سوريا، استقبلت البلاد 8.5 مليون سائح. ويمثل دخل القطاع تسعة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبعد ذلك انخفض عدد الزوار بنسبة 98 بالمائة.

للقراءة أو الاستماع: هل تستطيع السياحة السورية النهوض من جديد؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.