هناك بعض المشكلات التي تحول دون الوصول إلى اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، وتجعل مفاوضات فيينا متعثرة أمام هدفها بإحياء الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران، وذلك في ظل المتغيرات التي جرت منذ الانسحاب الأحادي للرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، من اتفاق عام 2015.

ومن بين هذه العوائق رفع نسبة مستوى تخصيب اليورانيوم لنحو 60 بالمائة، وحظر وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمواقع النووية، هذا وبالإضافة إلى تعطيل كاميرات المراقبة، حيث أعلنت الوكالة الأممية في تقاريرها الفنية عن اقتراب إيران من امتلاك قنبلة نووية.

ووفق تقرير في صحيفة “الغارديان” البريطانية، فإن هناك ثلاث مشكلات تمنع التوصل للاتفاق النووي، هي “الخلافات حول كيفية تصنيف العقوبات المفروضة على طهران، وما إذا كانت العقوبة تتعلق بالاتفاق النووي، بالتالي، يجب رفعها الآن، أو مرتبطة بقضايا أخرى، مثل الإرهاب، أو انتهاكات حقوق الإنسان، التي تقول الولايات المتحدة وآخرون إنّها يجب أن تظل سارية، والمشكلة الثانية تتصل بالضمانات التي تسعى إيران للحصول عليها بأنّ الولايات المتحدة لن تكرّر انسحاب ترامب من الصفقة في أيار(مايو) 2018”.

أما المشكلة الثالثة التي تضحها الصحيفة البريطانية، تتصل بـ”كيفية التحقق من رفع العقوبات في الواقع، وليس فقط على الورق، ومن ثم، يجب على طهران التوقف عن تخصيب اليورانيوم بمستويات نقاء غير مسموح بها بموجب الاتفاقية، إضافة إلى كيفية التعامل مع المعرفة التقنية، بما في ذلك أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، وكميات كبيرة من اليورانيوم المخصب التي حصلت عليها إيران خلال الفترة التي أنهت فيها التزاماتها تجاه خطة العمل الشاملة المشتركة”.


تفاوت أجواء المفاوضات

أجريت المفاوضات في أجواء متفاوتة بين الايجابية والتشاؤمية؛ حيث بدأت الجولات بنبرة خطاب حادة من جانب إيران، ثم جاء الحديث عن تقدم الجهود في التفاوض نحو مسار متقدم، إلا أن الدول الغربية أعربت عن بطء المسار التفاوضي في ظل استمرار إيران في تطوير مشروعها النووي، بينما حملت الصين واشنطن مسؤولية الصعوبات المستمرة مع إيران بعد انسحابها من جانب واحد من الاتفاق النووي في عهد إدارة ترامب.

وأكدت الصين في تصريحات رسمية دعمها بقوة استئناف المفاوضات بشأن الاتفاق النووي، لكن أوضحت كذلك أنها تعارض بشدة العقوبات أحادية الجانب غير القانونية ضد إيران والتلاعب السياسي من خلال مواضيع تشمل حقوق الإنسان والتدخل في الشؤون الداخلية لإيران والدول الأخرى بالمنطقة.

يقول الباحث المتخصص في العلوم السياسية الدكتور عبد السلام القصاص، إن النظام الإيراني سلم الحكم للجناح القريب من المرشد الإيراني، مضيفا لـ”الحل نت” أنه بعد خسارة الرئيس الإيراني السابق المحسوب على الجناح المعتدل حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية، قاد فريق آخر غير دبلوماسي المفاوضات في فيينا والأخير يصطف مع موقف خامنئي الذي يطلب بشدة “رفع كامل، وليس جزئيا، للعقوبات، ثم أخد كل الضمانات بعدم انسحاب أمريكا، مرة أخرى”.


هل سيتم إحياء الاتفاق؟

وبحسب الباحث المتخصص في العلوم السياسية، فإن أعضاء مجلس الأمن القومي الإيراني هم على رأس فريق التفاوض، وقد ارتبطت بهم المفاوضات الفاشلة في عامي 2005 و2013، في فترة محمود أحمدي نجاد.

وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية فإن عددا من المسؤولين الأميركيين اعتبروا أنه حتى لو تم إحياء الاتفاق النووي، فإن إيران لن تحتاج سوى ستة أشهر للحصول على الوقود اللازم لصنع قنبلة ذرية، بينما كان الهدف الأولي من الاتفاق إيصال هذا الوقت لسنة على الأقل.

وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن فترة الـ12 شهرا للهروب النووي لم يتم ذكرها صراحة في نص الاتفاق النووي، ولكن تم التوصل إلى اتفاق على أنه إذا انحرفت إيران عن القيود الواردة في الاتفاق وتحولت إلى الهروب النووي، فإنها ستستغرق عاما للوصول إلى الوقود اللازم لصنع القنبلة الذرية.

وعليه رفض متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية التعليق على تقرير “وول ستريت جورنال”، وقال للصحيفة إن إدارة بايدن تثق في أن التوصل إلى اتفاق “يعالج المخاوف الفورية بشأن عدم الانتشار”. وأضاف: “كما قلنا، أمامنا أسابيع قليلة فقط للتوصل إلى اتفاق، وبعد ذلك ستكون عودة إيران إلى الاتفاق مستحيلة”.

لكن، تحديد الوقت الذي تستغرقه إيران في الحصول على القنبلة النووية في صفقة محتملة يعتمد على قضايا مثل “مدى تفكيك أجهزة الطرد المركزي وشحن احتياطيات اليورانيوم إلى خارج إيران”.


مواجهة عسكرية أم عقوبات إضافية؟

دول الغرب تشير دوما إلى مسألة “نفاذ الوقت”، وقد حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قبل فترة، من أنه لم يتبقى سوى “بضعة أسابيع”. ذلك أن طهران اتخذت منذ مطلع العام عدة خطوات، فرفعت معدل تخصيب اليورانيوم إلى مستويات غير مسبوقة قريبة من 90 بالمئة اللازمة لصنع القنبلة النووية.

وقال بلينكن إنه في حال فشل المحادثات “سنبحث في خطوات أخرى وخيارات أخرى” مع حلفاء الولايات المتحدة “في أوروبا والشرق الأوسط وما بعدهما”. مضيفا “نحن مستعدون لأي من المسارين”.

كما ألقى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس باللوم على إدارة ترامب للوضع الحالي، وعارض، بوب مينينديز، الرئيس الديمقراطي للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، في خطاب ألقاه في مجلس الشيوخ، استمرار محادثات فيينا، داعيا حكومة بايدن إلى انتهاج سياسة جديدة لمواجهة برنامج إيران النووي والصاروخي ومواجهة دعم طهران للجماعات التي تعمل بالوكالة.

بدورهم أبدى الرافضون لاتفاق 2015 واشنطن إلى رفع حدة العقوبات على إيران قبل اللجوء إلى خيار عسكري محتمل. كما ودعا نحو مئة عضو جمهوري في الكونغرس هذا الأسبوع إدارة بايدن إلى الانسحاب من “مفاوضات فيينا” و وصفوها بالغير مجدية.

يمكن القول بأن الخيار العسكري مستبعد تماما، لأن مصالح الجميع مرتبط بالوصول إلى تفاهم ما، وهذه الفرصة الأخيرة بحساب المصالح الاستراتيجية السياسية والإقليمية والأمنية والاقتصادية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة