لا علاقات اقتصادية رسمية بين أبوظبي ودمشق، ولا تطبيع سياسي حالي دون الانتقال السياسي الكامل في الملف السوري، هي شروط واضحة أعلنتها الدول الفاعلة في الملف السوري حتى قبل زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات مؤخرا، منذ أن حذرت الدول الغربية الإمارات أو أي دولة عربية يمكن أن تتقارب مع دمشق سياسيا واقتصاديا، إبان افتتاح السفارة الإماراتية بدمشق عام 2018.

وفق تقديرات خبراء، فإن استقبال الإمارات للرئيس السوري، جاء بطلب وضغط من قبل كل من روسيا وإيران، مقابل وقف ضغط “الحوثيين” (ذراع إيران في اليمن) واعتدائهم على بعض المناطق في الإمارات.

خاصة بعد طلب وزير الخارجية الروسي قبل أيام في مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية الإماراتي، من موسكو، بعودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، ومنها يتبين بأن هناك طلب روسي للإمارات باستقبال بشار الأسد، فالزيارة يبدو أنها جاءت بطلب روسي إيراني مقابل الضغط على الحوثي، وفقا لمحللين سياسيين.

ما طبيعة العلاقات؟

الباحث في العلاقات الدولية، محمد ربيع الديهي، يعتبر خلال حديثه لـ “الحل نت”، أن زيارة الأسد إلى الإمارات، قبلتها أبوظبي في محاولة لتحجيم النفوذ المعادي للدول العربية، وعلى رأسها الدور الإيراني ومخططاته في المنطقة، إضافة إلى الدور التركي الذي يلعب أيضا ربما تهديد لدول المنطقة وخاصة سوريا، وفق اعتباره.

وجاءت هذه الزيارة على ما يبدو بدون تنسيق مسبق مع كل من السعودية أو الولايات المتحدة الأميركية، الذي يفضي بعدم جدواها وأهميتها الكبيرة لتقوية حكومة دمشق عموما، أو تقوية دورها الاقتصادي بشكل خاص، الذي بات ينهار يوما بعد يوم، خاصة مع انخفاض الليرة السورية أمام الدولار وارتفاع في الأسعار، دون أن تقوم دمشق بوضع خطة لكبح جماح هذا التدهور.

قد يهمك: زيارة الأسد للإمارات: هل ستتحدى أبو ظبي العقوبات الأميركية على حكومة دمشق؟

وأوضح لـ “الحل نت”، بأن “الأمر الأكيد هو أن الإمارات، تريد إضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة وليس أكثر من ذلك. خاصة مع اقتراب إتمام صفقة الاتفاق النووي الإيراني التي ربما تقوي من الدور الإيراني فيما إذا تم رفع العقوبات الأمريكية عليها”.

https://twitter.com/Ramy_Aziz1/status/1505020645519855616?s=20&t=dNznoD643fp3l4JKS9aAJw

وبحسب مراقبين، فإن أي تقوية للعلاقات الاقتصادية بين دمشق وأبوظبي أو حتى بين دمشق وبين أي طرف آخر، في ظل رفض دولي لأي تطبيع مع دمشق دون تحقيق عملية انتقال سياسي كاملة في سوريا. لن يعيد أي شرعية لحكومة دمشق.

وأن تأويل استقبال الأسد على النمط القديم، أي اعتبار الإمارات واجهة لسياسة دولية أوسع لا يصحّ. لا لأن واشنطن تحفظت على الزيارة فحسب، وإنما لأنه لا يلحظ رغبة الجهة المضيفة بأن تكون مركزا إقليميا تمر عبره الرسائل، وتُبرم فيه الصفقات، بصرف النظر عن فحواها.

المصالح الإماراتية والروسية

لا يلزم التذكير كل مرة بعدم وجود ما يمنع استقبال الأسد في أية عاصمة عربية، فالأصل في علاقة هذه العواصم مع الشأن السوري هي الحسابات السياسية في لحظتها لا الحسابات المبدئية بالتأكيد. الحسابات السياسية لتلك الدول “تحديدا صراعها مع إيران”، وفقا لمحللين سياسيين.

من جهته يقول الباحث السياسي، كمال الزغول، خلال حديث لـ”الحل نت”، أنه وفي مقابل التصويت الروسي على حظر السلاح للحوثي في مجلس الأمن، تسعى الإمارات للحفاظ على الموقف الروسي تجاه اليمن، ولذلك ذهبت لاستقبال بشار الأسد لضمان استمرار هذا الموقف خاصة بعد تهديد الحوثيين للأمن القومي الإماراتي.

وتابع “ذلك أيضا يضمن التوازن الإقليمي في المنطقة، ويؤجل إثارة الصراع في الملف السوري لحين توقيع اتفاق نووي مع إيران.
الملف السوري يعيش تهدئة مؤقتة، ولا يمكن حله إقليميا على الإطلاق، والتصعيد بين القطبين الروسي والأميركي هو من سيتحكم في هذا الملف، وليس التصعيد بين دول المنطقة وإيران”.

وأضاف “وانطلاقا من ذلك فإن الدور الإماراتي يعتبر استثمارا وفرصة حضور في الأمم المتحدة، وإستثمارا في الأمن الإماراتي البحت، لحين محاصرة الحوثيين ومقاومة طائراتهم وصواريخهم التي تهدد أمن المنطقة، والتطبيع مع الأسد يحتاج الى تطبيع جميع اللاعبين في الملف السوري بما في ذلك تركيا والولايات المتحدة الأميركية”.

من جانبها، أثارت هذه الزيارة حفيظة واشنطن، فقد علقت وزارة الخارجية الأميركية على وصول الأسد بالإمارات بالقول: “نشعر بخيبة أمل عميقة ومقلقة من هذه المحاولة الواضحة لإضفاء الشرعية على بشار الأسد، الذي يظل مسؤولا عن مقتل ومعاناة عدد لا يحصى من السوريين“.

وأضاف المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس بحسب ما نقلت عنه وكالة “رويترز“: “نحث الدول التي تفكر في التعامل مع الأسد، على أن تتذكر بعناية الفظائع المروعة التي فرضها النظام على السوريين على مدار العقد الماضي“ وفق تعبيره.

قد يهمك: ما سر استقبال الإمارات للأسد؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة