زيارة الأسد للإمارات: هل ستتحدى أبو ظبي العقوبات الأميركية على حكومة دمشق؟

زيارة الأسد للإمارات: هل ستتحدى أبو ظبي العقوبات الأميركية على حكومة دمشق؟

تعتبر زيارة الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة الأولى من نوعها للرئيس السوري لدولة عربية منذ بداية الأزمة السورية في آذار/مارس 2011، إلى جانب زياراته، خلال سنوات الحرب، إلى روسيا وإيران، والتي كانت تتم بشكل سري، ولا يعلن عنها إلا بعد نهايتها.

وجاءت زيارة الأسد للإمارات بالتزامن مع ذكرى اندلاع الاحتجاجات ضد الحكومة السورية، لتلاقي استنكارا أميركيا واضحا. إذ قالت الخارجية الأميركية، في بيان لها عقب الإعلان عن الزيارة، إن “الولايات المتحدة تشعر بخيبة أمل كبيرة، وبقلق من المحاولة الواضحة لإضفاء الشرعية على الرئيس السوري بشار الأسد”. مؤكدة على “عدم دعم إعادة إعمار سوريا دون تقدم سياسي”.

فما أهم أسباب ودوافع هذه الزيارة؟ وما الرسائل التي وجهتها كل من الإمارات وحكومة دمشق إلى مختلف الأطراف الفاعلة في المنطقة؟

ما دوافع زيارة الأسد للإمارات؟

د.كرم الشعار، مدير الأبحاث في مركز السياسات وبحوث العمليات، يرى أنه من “الصعب معرفة الدوافع الرئيسية لزيارة الأسد للإمارات. إلا أن الدافع الأساسي اقتصادي”.

ويتابع في حديثه لـ”الحل نت”: “الوضع الاقتصادي في سوريا، وخاصة في مناطق سيطرة الحكومة السورية، في أسوأ حالاته على الإطلاق. وزاد من تدهوره الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي تزامن مع عوامل اقتصادية أخرى. لذلك يسعى الأسد، من خلال زيارته للإمارات، للحصول على دعم اقتصادي، إضافة لنقاش ملفات سياسية، مرتبطة بتطبيع العلاقات بين الطرفين”.

من جهته، أكد الخبير الاقتصادي حسن سليمان لموقع”الحل نت” أن “بإمكان زيارة الأسد للإمارات تأمين مساعدة عاجلة لحكومة دمشق، ولكن بشكل أموال وليس مشاريع استثمارية، وربما هذا ما يحتاج إليه الأسد في الوقت الحالي، فالحصول على المال يصب في مصلحة حكومته أساسا، وليس في مصلحة الشعب السوري”.

مقالات قد تهمك:  المعارضة السورية والرؤية القاصرة للحدث العالمي “الأزمة الأوكرانية” 

هل يمكن أن للإمارات أن تساهم بإعادة الإعمار بعد زيارة الأسد؟

وأثارت زيارة الأسد للإمارات تساؤلات حول علاقتها بملف إعادة الإعمار، فمنذ العام 2018 بدأت الحكومة السورية وروسيا بالدعوة للمساهمة في إعادة إعمار سوريا، وتهيئة الأرضية الملائمة لعودة اللاجئين السوريين، لكن هذه الدعوات اصطدمت بالرفض الغربي والعقوبات الأميركية على سوريا، المتجسدة بقانون قيصر، الذي يجيز للولايات المتحدة فرض عقوبات على أية دولة أو مؤسسة أو كيان اقتصادي يقوم بتقديم الدعم للحكومة السورية.

وحتى الآن لا تزال الولايات المتحدة تصر على استمرار هذه العقوبات، فقد صرّح مسؤول في الخارجية الأميركية، مطلع شهر شباط/فبراير الماضي، أن “الولايات المتحدة لن تتنازل عن العقوبات المفروضة على سوريا، ولن تقوم برفعها. كما أن واشنطن لاتدعم أي جهود لتطبيع العلاقات مع الحكومة السورية. إلا بتقدّم واضح، لا تراجع فيه، نحو حل سياسي”. مؤكدا أن “بلاده ستواصل تطبيق العقوبات، بالتعاون مع شركائها الإقليميين”.

الشعار يرى أنه “من المستبعد أن تتخذ الإمارات مزيدا من المواقف التطبيعية المباشرة مع الرئيس السوري، بسبب الامتعاض الذي واجهته من الدول الغربية، وحتى من السعودية، عقب الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد إلى دمشق، والتقى خلالها الأسد”.

وأشار الشعار إلى أن “زيارة بن زايد لدمشق أسفرت عن توقيع اتفاقية بين الطرفين لإنشاء محطة توليد كهرباء كهروضوئية في ريف دمشق. لكن في الواقع لم يتم إنجاز أي شيء على الأرض حتى الآن، وذلك بسبب قانون قيصر الأميركي”.

هل يمكن للإمارات تحدي العقوبات الأميركية؟

حسن سليمان يؤكد أنه “على الرغم من زيارة الأسد للإمارات لا يمكن لأي شركة إماراتية القيام حاليا بالاستثمار في سوريا، أو المساهمة بإعادة الإعمار، إن كان بشكل علني أو سري. فبمجرد حدوث شيء كهذا ستكون معرضة لعقوبات قانون قيصر. وفي الواقع لا يمكن لأي دولة أو شركة أن تتمكن من مواجهة العقوبات الأميركية والغربية، والعقوبات التي فُرضت على روسيا مؤخرا أكبر دليل على ذلك، فقد بدأ الاقتصاد الروسي بالتأثر بها بشكل كبير، دون أن يستطيع أي حليف لموسكو، بما في ذلك الصين، مساعدتها”.

وأضاف سليمان: “لا يمكن أن تقوم الإمارات في النهاية بالمغامرة بعلاقاتها مع الولايات المتحدة والدول الغربية لدعم الأسد وحكومته في إعادة الإعمار، فذلك سيعرض موقعها الاقتصادي المهم في المنطقة، وبيئتها الجاذبة للاستثمارات، إلى هزة كبيرة، سيكون لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد الإماراتي”.

ما مصلحة الإمارات من العلاقة مع الأسد؟

كرم الشعار يقول إنه “من الصعب فهم النزعة الإماراتية للتطبيع مع حكومة الأسد. مع العلم أن الأسد انتقد الإمارات، واتهم دول الخليج كلها بأنها ممالك البترودولار. كما سبق له انتقاد حكام الخليج والإمارات أثناء الحرب الإسرائيلية ضد لبنان في تموز/يوليو 2006، واصفا إياهم بأشباه الرجال. ولكن من الواضح أن هناك تخوفا إماراتيا من نجاح أي عملية انتقال سياسي ديمقراطي في الدول العربية، ومنها سوريا”.

وكان نيد برايس، الناطق باسم الخارجية الأميركية، قد قال، تعليقا على زيارة الأسد للإمارات، إن “وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أكد أن الولايات المتحدة لا تدعم جهود إعادة تأهيل الأسد، ولا تؤيد قيام الآخرين بتطبيع العلاقات معه، وكانت واضحة مع شركائها بهذا الشأن”.

ويجمع كثير من المحللين أنه ما يزال من المبكر ظهور نتائج زيارة الأسد للإمارات، وخاصة من الناحية الاقتصادية. وإن كان تمكن الأسد من زيارة دولة عربية يعتبر نجاحا سياسيا له، وقد يمهّد لتغيير شبكة العلاقات في المنطقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.