من خلال جملة مشاريع تنموية، تحاول مصر تنويع مصادر اقتصادها الوطني للنهوض بواقع الحال المصري، وفي سياق ذلك تسعى مصر للتحول إلى مركز للتجارة العالمية، من خلال تطوير الموانئ المصرية والبنية التحتية الخاصة بطرق النقل البرية والحديدية، حيث أعلنت مؤخرا تدشين مشروع ممر “العريش – طابا” اللوجيستي التنموي المتكامل، الذي سيرتبط بـ “خط التجارة العربي” الذي سيساعد بنقل البضائع إلى العراق والأردن ودول الخليج، ما يساعد في تحفيز حركة التجارة والموانئ المصرية.

الممر التنموي المتكامل سيبدأ من “ميناء العريش” البحري وحتى منفذ طابا البري، ويربط بينهما، بحسب وزير النقل كامل الوزير، خط سكة حديد العريش – طابا، وهو امتداد لخط الفردان بئر العبد – العريش، مرورا بمنطقة الصناعات الثقيلة بسيناء، حيث ستساهم هذه الممرات في ربط مناطق الإنتاج الصناعي والزراعي والتعديني والخدمي، بالموانئ البحرية عبر وسائل نقل سريعة ونظيفة وآمنة، مرورا بالموانئ الجافة والمناطق اللوجيستية.

الممر اللوجيستي “العريش – طابا”، سيمتد باتجاه الشرق إلى الأردن والعراق باعتباره جزءا من طريق النقل العربي الذي سمي بـ “خط التجارة العربي” الذي سيخدم حركة التجارة إلى الأردن والعراق ودول الخليج وإلى الدول العربية الإفريقية، كما قال الوزير المصري، وذلك بينما يجري إنجاز مشروع إعادة تأهيل وتطوير وإنشاء خط سكة حديد الفردان – شرق بورسعيد باتجاه بئر العبد والعريش، ومنها إلى طابا البالغ إجمالي أطوالها حوالي 500 كيلومتر ويربط البحرين الأحمر والمتوسط.

مضامين المشروع المصري

المشروع يتضمن إعادة تأهيل وتطوير خط الفردان – بئر العبد بطول 100 كيلومتر، بالإضافة إلى تطوير الوصلة من بالوظة حتى “ميناء شرق بورسعيد” بطول 44 كيلومترا، وإنشاء خط بئر العبد العريش بطول 80 كيلومترا، وكذلك إنشاء خط العريش – النخل – التمد – طابا بطول 275 كيلومترا، حيث سيخدم المشروع كافة التجمعات السكنية والصناعية والتعدينية بسيناء، كما يمتد الخط باتجاه الأردن والعراق لنقل البضائع، بما يساهم بقدر كبير في تنمية الصادرات المصرية وإنعاش عملية التصدير باتجاه العديد من الدول العربية الأخرى.

مشروع مواصلات سيناء/ إنترنت + وكالات

“خط التجارة العربي” يستهدف نقل بضائع الأردن والعراق ودول الخليج برّيا، باستخدام السكك الحديدية وصولا إلى منطقة العقبة، بحسب وزير النقل المصري، الذي أشار إلى أن شركة الجسر العربي للملاحة تنقل بضائع الأردن والعراق ودول الخليج من العقبة إلى طابا ونويبع باستخدام عبارات الشركة المملوكة لمصر والأردن والعراق.

كذلك أوضح الوزير، أن المشرع سيساهم في انتقال الصادرات الأردنية والعراقية إلى دول أوروبا والولايات المتحدة، مشيرا إلى الاتفاق مع شركة “سي إم إيه” الفرنسية على النقل بنظام الفراغات، على المراكب التي تأتي لمنطقة بورسعيد، في حين ينتظر أن يساعد الممر على التنمية الشاملة لشبه جزيرة سيناء، بحيث يمكن إقامة تجمعات سكانية كبيرة على طول الخط.

يشير خبراء إلى إمكانية توسع ربط الممر بالعراق والأردن ليشمل دول أخرى، مع تطوير “ميناء العريش” حاليا ليصبح رئيسيا، فضلا عن خدمة الخط الجديد للتجمعات الصناعية القائمة في سيناء، مما سيساعد في توسّعها بشكل أكبر.

إن إنشاء هذا الممر الذي سيرتبط بـ “خط التجارة العربي”، من المتوقع أن ينعكس على تطوير البنية التحتية والخدمات، حيث يتطلب ذلك تطوير وتحسين البنية التحتية في منطقة سيناء، مما سيؤدي إلى توفير فرص عمل وتنمية اقتصادية في المنطقة، لما لها من ارتباط بموانئ ومحطات ومستودعات وشبكات نقل وخدمات أخرى لدعم حركة الشحن والتجارة.

وجهة نظر اقتصادية

في هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي المصري محمد عادل، إن الهدف الرئيسي من المشروع الذي نفذته مصر، هو إنشاء ممر لوجستي استراتيجي يربط بين موانئ البحر الأحمر وموانئ البحر المتوسط مروراً بسيناء، ما يجعله يربط شمالها بجنوبها.

توقعات بتحقيق “خط التجارة العربي” مكاسب كبيرة لمصر والعراق والأردن/ إنترنت + وكالات

خط السكة الحديد يمر أيضا، بحسب عادل، بمناطق التعدين واستخراج الرخام في سيناء، ويساهم في نقل البضائع. والأهم أن هذا المشروع على حد قول الاقتصادي المصري، يصل إلى مدينة طابا ويمكن أن يمتد باتجاه الشرق نحو الأردن والعراق.

عادل يوضح في حديث مع موقع “الحل نت”، أن التحالف بين الدول الثلاث -العراق ومصر، والأردن- فكرة قديمة تعود إلى نهاية الثمانينات، وسبق وأن وقّعت القاهرة وبغداد وعمّان على بروتوكول تعاون في عام 2020 يتضمن إنشاء خط نقل بري بين الدول الثلاث يبـدأ مـن القـاهرة مـروراً بعمّـان بـالأردن، وصـولًا إلـى بغـداد.

عادل يشرح مسترسلا، أن المشروع يهدف إلى تعزيز العلاقـات الاقتصـادية والتجاريـة بيـن الدول العراق ومصر والأردن، وتسهيل التنقل بينها خصوصا وأن الدول الثلاثة تسعى بحسبه، إلــــى توطيــــد التعاون الاقتصادي والتنسيق المتبادل، حيث يمكن أن تساهم مصر في تصدير الكهرباء والغاز إلى الأردن والعراق اللذين يحتاجان إليهما بشدة، مقابل الحصول على واردات العراق الغنية بالنفط.

عادل يشير في حديثه عن المشروع، إلى أنه يمكن أن يسفر عنه تفعيل اتفاقية النفط مقابل البناء، حيث تستطيع مصر المشاركة في جهود إعادة العمران والتشييد والبناء في العراق، وهو الأمر الذي سيساهم في فتح سوق العمل العراقي أمام ملايين من العمال المصريين، وبشكل عام يمكن أن يشكل هذا التعاون منافع وأرباح متبادلة، يقول عادل مختتما.

هذا وكانت حرب الخليج الأولى قد أدت إلى توقف العلاقات الدبلوماسية بين العراق ومصر، لكن العلاقات تحسنت في السنوات الماضية مع تبادل كثيرين من كبار مسؤولي البلدين الزيارات، لاسيما في إطار تقارب البلدان الثلاث العراق ومصر والأردن.

تقارب أدى إلى مشاريع استراتيجية

تقارب توهج بشكل كبير في عام 2021، حيث وقعت مصر 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مختلف القطاعات، بما في ذلك النفط والطرق والإسكان والتشييد والتجارة، بعدما وافق “مجلس الوزراء العراقي” في كانون الأول/ ديسمبر على تجديد عقد إمداد “الهيئة المصرية العامة للبترول” بإجمالي 12 مليون برميل من خام البصرة الخفيف لعام 2021.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (يمين)، العاهل الأردني الملك عبدالله (وسط)، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي (يسار)/ إنترنت + وكالات

كما يخطط العراق لإنشاء خط أنابيب يستهدف تصدير مليون برميل يوميا من الخام العراقي من مدينة البصرة في جنوب البلاد إلى ميناء العقبة الأردني على البحر الأحمر، وهذا ما سيساعد فيه مشروع سكك الحديد المصري بشكل كبير، وذلك بينما تسعى بغداد إلى تحقيق تقارب مع محيطها العربي والإقليمي.

في ظل هذه الطموحات العربية، فإن التكامل الاقتصادي بين مصر والأردن والعراق يعد حافزا لجذب الاستثمارات بالمنطقة، حيث هناك العديد من الاتفاقيات الثلاثية بين القاهرة وعمان وبغداد لها تأثير مباشر على جذب الاستثمارات في البلدان الثلاثة والمنطقة بشكل عام.

خصوصا وأن المنطقة العربية هي الأفضل للاستثمار في ضوء عدة مشاريع تمت مناقشتها بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، ورئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني، على هامش قمة “بغداد 2” التي عقدت العام الماضي بالبحر الميت.

بناء على ذلك، فإن ما تعمل البلدان الثلاث على تنفيذه بشكل مشترك سيساعد في خلق منطقة جذب اقتصادي، تصب في صالح المنطقة العربية، وذلك إذا ما استمرت جميع الأطراف بالالتزام بتعهداتها من دون التنصل عنها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات