يذكر القاص والكاتب السوري الراحل نصر الدين البحرة في كتابه “الضحك، تاريخ وفن”، أن قدماء المصريين كانوا يعتقدون أن العالم خلق من الضحك “فحين أراد الإله الأكبر أن يخلق العالم أطلق ضحكة قوية، فكانت أرجاء العالم السبعة، ثم أطلق ضحكة أخرى فكان النور، وأطلق ضحكة ثالثة فكان الماء، وهكذا حتى خلق الروح من الضحكة السابعة”.

هذا ما يحتاجه الإنسان السوري في مرحلة ما بعد الحرب، وفي ظل الارتفاع الكبير في الأسعار غير المسبوقة، وأجواء النكد الكثيرة، فالحاجة في دراما رمضان للعام 2022، إلى ما يضحك المشاهد السوري على الواقع الذي وصل إليه السوريين، ومن هذه الأجواء كتب المسرحي والدرامي محمود الجعفوري، وبإشراف فني من قبل الفنان أيمن زيدان نصه العمل الدرامي الناقد “الفرسان الثلاثة”، معتمدا على الصداقة التي تجمع هؤلاء الفرسان من خلال عملهم في المديرية العامة للإحصاء، وقد تجاوزت أعمارهم الخمسين عاما من العمر، وقد أنهكت سنوات العمل الوظيفي مسارات حياتهم المعقدة بما فيها الضغوط الحياتية الشديدة.

من هم الفرسان الثلاثة؟

فشخصية “أبو عماد” التي يجسدها الفنان السوري القدير أيمن زيدان، عمرها ستين عاما يتميز بالنزاهة التي لا يساوم ولا يهادن عليها في تاريخه الوظيفي، إلى جانب أنه رب أسرة نموذجي عصامي عمل على بناء أسرة نموذجية مكافحة تعاني من الظروف المعيشية القاسية والعوز الاقتصادي نتيجة الظروف التي تعيشها الأسر السورية.

وتتشكل هذه الأسرة من شكران مرتجى (الأم) “أم عماد”، والشاب رامي أحمر “عماد”، والابنة الصبية جيانا عنيد “زينة”، والطفل المشاغب والمشاكس علي عكروش “سعيد”.

أما الفارس الثاني جرجس جبارة “أبو عزيز” يجسد شخصية الموظف الثاني في دائرة الإحصاء مع “أبو عماد”، زوجته الفنانة غادة بشور “أم عزيز”، تلعب دور زوجة شريرة حاقدة ومزعوجة دائما من طيبة زوجها.

والفارس الثالث جمال العلي “مرهف” من عمر “أبو عزيز”، وهو عاشق طيب القلب، يفكر الآخرون في ابتزازه.

هؤلاء الفرسان سرقت أعمارهم الوظيفة، وتعرضوا إلى شتى أنواع الضغوط والقهر الاجتماعي. يحاولون استعادة شيئا من قناعاتهم بالانتقام بالطرق القانونية من كل الفاسدين الذين سرقوا منهم جهدهم وأعمارهم، وينضم إليهم فرسان آخرون من المتقاعدين، لكن هناك مجموعة منهم تنشق عنهم بسبب قناعاتهم أن الحق لا يمكن استرجاعه ضمن منظومة القوانين، فيشكلون عصابة المتقاعدين الأشاوس ويبدؤون رحلتهم بالانتقام بطرق مغايرة تقوم على أساس الخطف والابتزاز.

بالتوازي مع المسارات الرئيسية لأحداث العمل الدرامي، تتحرك حكاية دراماتيكية مشوقة ذات مفارقات كوميدية وحديثة.
عن العمل الذي ينتظره جمهور الدراما السورية، يضيف الفنان أيمن زيدان خلال حديثه لـ”الحل نت” أن العمل كوميديا اجتماعية ناقدة ساخرة، فيها الكثير من الحنين إلى الكوميديا العائلية التي تضع يدها على معاناة الإنسان السوري في هذه المرحلة، نقدم نماذج إنسانية بسيطة من الفقراء السوريين يعبر عنهم شركائي وزملائي الفنانين إلى جانب مجموعة من الشباب الجدد الذي يدخلون الوسط الفني.

وأوضح متابعا أن الحياة العائلية لأسرة “أبو عماد”، تقوم على “علاقات أسرية طبيعية يتخللها الكثير من النكد والخلافات الدائمة في الحياة الزوجية، والنقد الاجتماعي للكثير من المواقف في المعاناة اليومية، خصيصا في جانب الحضور الأخلاقي في المواقف الوظيفية، ويتضح ذلك في مواقف الفرسان الثلاثة من الفساد الذي كان سائدا في المديرية العامة للإحصاء”.

وأكد أن شخصية “أبو زيتون” تقف معنا هي” مثال الشرف والنزاهة في المديرية، لكن هذه الشخصية تموت في ظروف غامضة، وهذا ما يعمق إرادة أبو عماد في كشف الحقائق التي تغيبها عصابة أبو سمير، أبو المثنى”.

أما الفنانة شكران مرتجى، أكدت أنها سعيدة لتحقيق حلم شخصية أمل في العمل الدرامي الكوميدي “جميل وهناء”، بالزواج من شخصية “جميل”، أيمن زيدان عرابها، وتضيف خلال حديثها لـ”الحل نت”، بأن في الحياة اليومية للأسرة يظهر النكد الحياتي نتيجة الظروف التي تعيشها الأسر السورية، “هناك “كيميا خاصة مع زوجي أبو عماد، إذ أفهم ما يريد من الإشارة، والنظرة، وهناك لحظات سعيدة وخاصة في حياة الأسرة، عبر التعليقات التي تظهر عن طريق أصغر العائلة؛ سعيد”،
وزادت بالقول أنها سعيدة بهذا “الكاست الفني الذي يزيد عن 28 ممثل وممثلة منهم الكثير من الأصدقاء”.

تسلّط أم عزيز وعصابة الفساد

من جانبه، الفنان جرجس جبارة، قال لـ”الحل نت” إن شخصية “أبو عزيز”؛ بسيطة وطيبة تحب عملها، “تعاني من أعباء العمل الوظيفي ومن حياته الأسرية، يصبر كثيرا على اضطهاد وتسلط زوجته أم عزيز، لكن ما يجري من إهانات تجاه هذه الشخصية فوق قدرتها على التحمل”.

أما الفنانة غادة بشور، “أم عزيز” أوضحت لـ”الحل نت” أن دورها في العمل عبارة عن “زوجة متسلطة قوية بسبب ملكيتها للبيت الذي تعيش فيه مع أبو عزيز، نكدية، شرسة، قوية تضرب زوجها وتتحكم بكل صغيرة وكبيرة في حياته”.

في حين أكد جمال العلي صاحب شخصية “مرهف – الفارس الثالث” خلال حديثه لـ”الحل نت” أنه يرث قطعة أرض عن والده، وهذا ما يزيد اهتمام الآخرين به، في محاولة لاستغلال بساطته وطيبته بغية خداعه وسرقة هذه الأرض منه.

لا يكتفي الكاتب محمود الجعفوري بحياة “الفرسان الثلاثة”، وما يتعرضون له، بل يظهر عصابة فساد وسرقة مؤلفة من ” أبو سمير، أبو المثنى، سمير، والمثنى” التي تورط “عماد الإبن البكر لأبيه” عند عودته من اليونان، وعدم قدرته الوصول إلى البلدان الأوربية الغنية، حيث يجري “أبو المثنى” عملية تجميل لعماد، فيصبح شبيه المثنى، ويجري استغلال هذا الشبه لتنفيذ العديد من عمليات الفساد في التعهدات في قطاع العام، وتقوم العصابة المنشقة بخطف عماد على أنه المثنى وتطلب فدية من أبو المثنى، بعد أن هرب ابنه إلى لبنان.

يكشف عماد للعصابة أنه ليس المثنى لكي تستطيع عصابة الثلاثة مواجهة أبو المثنى لأنه استغل وسائل الأعلام من أجل الاستمرار في النصب والاحتيال، ويقنعها أن أبو المثنى لن يدفع الفدية، وأنه سوف يقوم بقتله، لكنه يقع ضحية التبسيط، ليتم القبض عليه من “أبو المثنى، أبو سمير، ومجموعة الفاسدين”، بينما يتابع أبو عماد مع فرسانه رحلتهم في مكافحة الفاسدين وظيفيا تحت ظل القانون.

في حين أوضح المخرج علي المؤذن (مخرج العمل)، خلال حديثه لـ”الحل نت” أنه سعيد في التجربة الإخراجية الثانية بعد “بقعة ضوء”، وأن العمل مع هذه الكوكبة الفنية يقدم له خبرة جديدة في مجال الإخراج.

فيما تحدث مدير الإنتاج إياد حيدر قائلا: إن “عملية الإنتاج في سوريا في ظل حالة الغلاء الشديدة توقع المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي بحالة إرباك شديدة. أجور المعدات كل يوم ترتفع عن السابق مع اقتراب شهر رمضان”.

وأضاف أن المؤسسة تحتاج لتشغيل المولدة الكبيرة، وإلى كميات مازوت كبيرة لاستمرار العمل في مواقع التصوير الخارجية، وهذا لا يتوفر بالأسعار الرسمية دائما.

وعن مواقع التصوير ذكر أن التصوير تم في (القصاع، ساحة برج الروس) حيث كان منزل “أبو عماد”، وفي خورشيد منزل “أبو سمير، وشقة عماد”، بمشروع دمر فيلا “أبو المثنى”، وبفندق “الشيراتون”، وحديقة “تشرين”.

هذا ويشارك بالعمل مجموعة كبيرة من الفنانين السوريين منهم “فادي صبيح، حسام عيد، لمى بدور، شادي ووائل زيدان، عبير شمس الدين، عدنان أبو الشامات، علي كريم، حسين عباس، مازن عباس، رجاء يوسف، صفوح ميماس، عبدالله شيخ خميس، سالي أحمد، شادي قاسو، جبريل مالكي، ومؤنس مروة”، ويقوم بالمونتاج شركة المصنع (إبراهيم ملحق)، تصوير محمد الباشر، وdop رامي معقد، ومدير الإنتاج عبد الرازق حوراني، وإبراهيم طعمة، والموسيقا والمكساج لـ غالب زيدان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.