تعجز الحكومة السورية ممثلة بوزارة الكهرباء عن إيجاد حلول ناجحة لأزمة الكهرباء في البلاد والتي تفاقمت في الأعوام الثلاثة الأخيرة، نتيجة لدمار البنية التحتية الخاصة بهذا القطاع، وعدم وجود بدائل للصيانة وتغيير المعدات في ظل العقوبات المفروضة على دمشق.

حقيقة خصخصة الكهرباء في سوريا

تتوجه وزارة الكهرباء نحو مشاركة القطاع الخاص ببناء محطات توليد خاصة ومستقلة لبيع الكهرباء للصناعيين، وفي مذكرة صادرة عن وزارة الكهرباء، فإن هذا التوجه هو نتيجة الطلب المرتفع على الطاقة الكهربائية في مختلف المجالات المنزلية والصناعية وغيرها، حسب موقع “هاشتاغ” المحلي.

وبحسب المذكرة فإن هنالك مستثمرين من القطاع الخاص يرغبون في بناء محطات توليد مستقلة خاصة، ما يفسح المجال لوزارة الكهرباء لتغذية القطاع المنزلي وغيره من القطاعات الخدمية بالكهرباء، وإلزام الصناعيين بتلبية جزء من أحمالهم الكهربائية من مصادر الطاقات المتجددة.

وبينت المذكرة الوزارية، أن قيام وزارة الكهرباء بتوفير الاستثمارات لبناء محطات توليد كهربائية بتمويل من الحكومة عن طريق القروض الميسرة أو تسهيلات دفع مالية لا يعتبر الحل الأنجع لتلبية الطلب على الكهرباء والتخفيف من الطلب على “الفيول أويل” والغاز الطبيعي اللازمين لتوليد الكهرباء، وذلك بسبب الدعم المباشر المقدم لسلعة الكهرباء.

ولا يعتبر توجه دمشق نحو خصخصة الكهرباء جديدا، حيث خرج قطاع الكهرباء من الموازنة العامة للعام 2021، ما يعتبر مؤشرا آخر على اتخاذ خيار الخصخصة يضاف إلى التصريحات التي يطلقها مسؤولون حكوميون تعزز من السير في هذا الاتجاه، كما كان عام 2009 قد شهد توجه جاد لدى دمشق إلى خصخصة الكهرباء، بدأ أول خطواته مع توسعة محطة الناصرية، وتشرين الحرارية، بتسيير وتوجيه من قبل كل من طريف الأخرس، ماهر الأسد، و رامي مخلوف، حسب متابعة “الحل نت”.

إقرأ:مدينة صناعية سوريّة تتخلى عن الكهرباء لمصلحة الطاقة المتجددة.. هل تنجح؟

دور إيران في الخصخصة

تبين المذكرة الصادرة عن وزارة الكهرباء، أن الحل الأمثل لاستخدام الطاقات المتجددة هو استثمارها مباشرة في جانب الطلب كتركيب سخانات المياه الشمسية، واللواقط الكهروضوئية وبعض العنفات الكهروريحية الصغيرة على أسطح المنشآت الصناعية وغيرها من تقنيات الطاقات المتجددة وتلبية نحو 25 بالمئة من الأحمال الكهربائية لهذه المنشآت، وكل هذا يتطلب، وفقا للمذكرة الصادرة عن وزارة الكهرباء، إلزام الصناعيين بهذا الموضوع كما حدث في عدد من دول العالم، حيث تقترح تمويل مشاريع الطاقة المتجددة من برنامج دعم أسعار الفائدة بتوفير القروض اللازمة لها.

الكاتب المتخصص في الشؤون الاقتصادية، سمير طويل، قال خلال حديث سابق لـ “الحل نت” إن خطة تحرير أسعار الكهرباء لدى الحكومة السورية، هو أمر طبيعي ويندرج ضمن المخطط الأشمل المتعلق برفع الدعم عن الحاجات الأساسية للمواطنين الذي تنتهجه دمشق خلال الآونة الأخيرة.

وأضاف الطويل، أن دمشق تسعى للقول أن كلفة استجرار الطاقة الكهربائية وتوزيعها هي كلفة مرتفعة نتيجة ارتفاع أسعار الوقود، وبالتالي لابد من اختلاف تسعيرة الكهرباء ويتم تحرير الأسعار في هذا القطاع. وبالتالي يتم التملص من دعم المواطنين ضمن هذا القطاع.

من جهته، لفت الباحث الاقتصادي، مخلص الناظر، إلى أن تحرير أسعار الكهرباء يتطلب خصخصة القطاع بالكامل، وهذا بالضرورة يعني “إصلاح البنية التحتية، أي الدخول بعملية إعادة الإعمار التي لايبدو لها أفق في المرحلة الراهنة، ولا أعتقد أن أي من الشركات الرائدة في هذا المجال قد تقدم على شراء هذا القطاع”، مضيفا خلال حديث سابق لـ”الحل نت”، تحرير أسعار الكهرباء سيجعل الفاتورة الشهرية تصل وسطيا إلى حوالي 30 دولارا أميركيا، وهذا يعادل راتبا شهريا لأستاذ جامعي في سوريا.

و وفق معلومات حصل عليها في وقت سابق موقع “الحل نت” من مصادر خاصة في وزارة الكهرباء، فإن أحد الخيارات التي قد تتبعها دمشق خلال الفترة المقبلة ستكون تحرير أسعار الكهرباء بعد التوجه إلى خصخصة القطاع الكهربائي، ما يُشكل قيمة أكبر للجهة التي ستدخل على خط الاستثمار في هذا القطاع، والتي ترجح المصادر أن تكون جهة تتبع لإيران، ما يمنح الأخيرة السيطرة على مفصل مهم من مفاصل العمليات الإنشائية والتنموية في مرحلة إعادة الإعمار، وذلك بالتوازي مع اهتمام دمشق بتكثيف اللجوء إلى الطاقة البديلة خلال الفترة المقبلة.

وكانت إيران قد دخلت على خط إنتاج الكهرباء في سوريا، أواخرعام 2019 وتنوعت عقودها بين تطوير المنظومة وإنشاء محطات توليد وتحويل توزعت في عدة محافظات، منها حمص واللاذقية وحلب، بالإضافة إلى اتفاقية عامة تشمل تطوير القطاع الكهربائي والتجهيزات الخاصة به.

قد يهمك:وزارة الكهرباء للسوريين: انتظروا تخفيض ساعات التقنين

ومن الجدير بالذكر، أنه يبلغ إنتاج  دمشق من الكهرباء يوميا 2,700 ميغاواط، بينما تحتاج مناطق مناطقها يوميا إلى 7,000 ميغا واط، ويتم الاعتماد في إنتاجها إما على الفيول أو الغاز الخامن بينما يقدر حجم الضرر الذي أصاب المنظومة الكهربائية بعد عقد من الحرب بـ3000 مليار ليرة سورية، وفق أرقام حكومية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.