في مساومة روسية جديدة لتعليق مصير المساعدات الإنسانية بالمشاريع الروسية في سوريا، أفاد المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أن تنفيذ مشاريع التعافي المبكر في سوريا ما زال يخضع لشروط سياسية أولية من جانب المانحين، متوعدا بوقف آلية دخول المساعدات عبر الحدود التي ربط العمل بها بمشاريع “التعافي المبكر”.

وأضاف نيبينزيا، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في سوريا، أن خطة الأمم المتحدة الإنسانية لسورية لعام 2022 للتعافي المبكر، للمرافق الطبية والتعليمية وشبكات المياه تعاني من نقص كبير في التمويل، معتبرا أن لهذه الأسباب دورا كبيرا في أن أكثر من نصف السوريين يعيشون في مناطق بحاجة إلى إزالة الألغام حتى الآن فيما لا تزال إمدادات الكهرباء تشهد نقصا كبيرا.

مساومة روسية على المساعدات الإنسانية؟

 يقول الخبير الاقتصادي حسن سليمان، لموقع “الحل نت”، بأن المساعدات الإنسانية ومشاريع الأمم المتحدة تشكل موردا رئيسيا لشركات ومؤسسات عديدة في سوريا، منها شركات تعمل لصالح مسؤولين سوريين، أو منظمات ومؤسسات انسانية كـ”الأمانة العامة للتنمية” التي تعمل تحت مظلة زوجة الرئيس السوري بشاؤ الأسد، أسماء الأخرس.

ويضيف “هذه الشركات تستخدم عقودها لكسر الحصار والعقوبات على سوريا، وقد تستثمر بأنشطتها روسيا لأنها اليوم هي التالية تحت العقوبات وتحتاج للالتفاف عليها، ومن جهة ثانية فقد وضع الروس أيديهم على أهم الموارد الاقتصادية في سوريا، ولن تستثنى المساعدات الإنسانية”.

ويتابع سليمان، أن روسيا والحكومة السورية لا يقيمان أي وزن للنواحي الإنسانية، “المكاسب والتمدد والسيطرة أولوية عند الروس، وسيساومون بالطبع ويضغطون بشكل جدي بكل أوراق الضغط المتاحة منها المساعدات الإنسانية الطارئة”.

حتى الآن تسيطر دمشق على توزيع المساعدات وسرقة الحوالات الأممية، ونتيجة لذلك قررت حكومات تقدم مساعدات للشعب السوري في مناطق الحكومة، وبشكل غير مباشر التوقف عن إرسال الحوالات المالية إلى سوريا، بسبب فوارق سعر الصرف التي تستغلها دمشق منذ فترة طويلة.

ما هو التعافي المبكر، وبماذا يختلف عن إعادة الإعمار؟

التعافي المبكر هو نهج يلبي حاجات التعافي في مرحلة الاستجابة الإنسانية للطوارئ، وذلك حسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهذا ما يجعله بعيدا عن فكرة إعادة الإعمار التي يتم الحديث عنها باستمرار خلال النقاشات الدولية المتعلقة بسوريا.

ويختلف التعافي المبكر عن إعادة الإعمار في ثلاث نقاط، إن وضع خطط إعادة الإعمار وتنفيذها يقع على عاتق الدولة، في حين يتم تخطيط وتنفيذ التعافي المبكر من قبل منظمات الإغاثة، كذلك فإن إعادة الإعمار تأتي عبر قروض واجبة السداد لاحقا، في حين أن مشاريع التعافي المبكر نوع من أنواع المساعدات الإنسانية، كذلك فإن إعادة الإعمار لا تأخذ بعين الاعتبار الأولويات الإنسانية عكس مشاريع التعافي المبكر.

ويرى مختصون، أن التعافي المبكر هو الحد الفاصل ما بين وضع سوريا السابق وما بين إعادة الإعمار، حيث تعتمد إعادة الإعمار على كمية المال الذي قد يجمع للتعافي المبكر، وهو ما نجحت الولايات المتحدة بالتقليل منه، من خلال خطواتها حيث جعلت دفعات التعافي المبكر غير متناسبة مع فكرة إعادة الإعمار.

روسيا والالتفاف على المساعدات

إن تسهيلات تقديم مساعدات التعافي المبكر لن تؤدي إلى تحسين الوضع الإنساني في سوريا، فالتأثير مرهون بـ توفر التمويل الكافي. وفي حال زيادة كبيرة في تمويل مشاريع التعافي المبكر، فإن التأثير العام على تحسن الوضع الإنساني للسوريين سيعتمد على مدى نهب دمشق لها، وحاليا تعمل روسيا للسيطرة على هذه المساعدات.

ويرى حسن سليمان، أن روسيا اليوم في مأزق وتحتاج للخروج منه، وحتى بالطرق غير المشروعة، للالتفاف على العقوبات والفيتو الدولي ضد إعادة إعمار سوريا دون انتقال سياسي حقيقي. “الدول التي ستسهم في إعادة الإعمار تعلم أنها ترمي أموالها في الهاوية دون نتيجة، حيث لا يزال النظام السياسي والإداري في سوريا فاسدا، ومع تلاقي مصالحه مع الروس سيتم سرقة أي أموال أممية أو مساعدات إنسانية”.

يذكر أن مختصين يرون أنه، يجب على الغرب ضمان عدم تحول برامج التعافي المبكر إلى إعادة إعمار شاملة دون إحراز تقدم ملموس على الجبهة السياسية، يكون موازيا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار والشروع بتسوية سياسية، بالإضافة إلى ذلك، يتعين على الغرب تنفيذ آليات تتعقب من خلالها بشكل فاعل تأثير إعفاءاتها على توزيع المساعدات على الأرض، ومن يكون بالضبط المستفيد من برامج التعافي المبكر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.