منذ سنوات عديدة تمر إيران بأزمة اقتصادية ومعيشية خانقة نتيجة العقوبات الدولية المفروضة، بسبب برنامجها النووي، الأمر الذي انعكس على سعر صرف العملة وزيادة في التضخم. وقدر البنك الدولي معدل التضخم في إيران بنحو 43 بالمئة عام 2021.

حيث تفاقمت الأوضاع الاقتصادية بشكل غير مسبوق في البلاد، إزاء ذلك تندلع سلسلة من الاحتجاجات من مختلف القطاعات المهنية والخدمية، وخاصة قطاع التعليم (المعلمين) في إيران، من حين لآخر على خلفية تدهور الأوضاع المعيشية والقرارات الحكومية الجائرة بحقهم.

واندلعت، منذ يوم أمس الخميس، احتجاجات شعبية في محافظة خوزستان جنوبي إيران، فيما انطلقت احتجاجات مماثلة في محافظتي كردستان ولرستان غربي إيران، رفضا لقرار الحكومة برفع أسعار بعض المواد الغذائية ولسوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية عموما، حيث توسعت الاحتجاجات لتشمل معظم المدن الإيرانية وسط انقطاع واسع لشبكة الإنترنت.

مواصلة الاحتجاجات في إيران

منذ نحو أسبوع اندلعت احتجاجات في خوزستان جنوب إيران ذات الغالبية العربية على خلفية قرار حكومة إبراهيم رئيسي رفع الدعم عن السلع الأساسية من بينها الطحين والزيوت والدجاج واللحوم والألبان وغيرها، الأمر الذي تسبب بزيادة كبيرة في أسعار السلع.

وتجددت الاحتجاجات، منذ ليلة الخميس الماضية، مرددين هتافات ضد المرشد الأعلى، علي خامنئي، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.كذلك، قام متظاهرون في مدينة جنقان جنوب غربي البلاد بحرق مقر للباسيج التابع “للحرس الثوري الإيراني”، وفق موقع “إيران انترناشونال“.

وبدأت الاحتجاجات، في مدينة شهركرد، عاصمة إقليم تشارمحال وبختياري، ونزل المتظاهرون إلى الشوارع مرددين هتافات مناهضة للجمهورية الإسلامية والسلطات الإيرانية. وردد المتظاهرون خلال احتجاجهم شعارات لصالح النظام الملكي السابق ولزوم طرد “الملالي” من إيران.

وبحسب الموقع الإيراني، “منذ الدقائق الأولى للمظاهرات في شهر كورد، واستنادا إلى مقاطع الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مساء الخميس، سمع صوت إطلاق نار من قِبل رجال الأمن في التجمعات الاحتجاجية”.

وبحسب تقارير صحفية إيرانية، أن “قوات الأمن الإيرانية في وسط محافظة شهرمحال وبختياري، قامت بإطلاق النار في الهواء والقنابل المسيلة للدموع والهراوات لتفريق المتظاهرين، وأطلقت عدة أعيرة نارية على المحتجين”.

ومن بين الشعارات التي رددها المتظاهرون في مدينة جنقان ضد السلطات الإيرانية: “الموت لخامنئي” و “عار على رئيسي” و”يا رئيسي اذا كنت تستحي، فتنحى”.

أيضا وعلى مدى الساعات الماضية، صدمت مقاطع مصورة انتشرت على مواقع التواصل مئات الإيرانيين. فقد أظهر العديد منها تقاتل المواطنين على المواد الغذائية والسلع، فضلا عن تكسير ونهب بعض المحال بهدف الحصول على سلع غذائية، لاسيما بعد رفع أسعارها بشكل مفاجئ من قبل الحكومة الإيرانية.

كما بينت الفيديوهات الزبائن المذعورين يجتاحون المتاجر ويعبئون المواد الغذائية الأساسية في علب كراتين وأكياس بلاستيكية كبيرة.

قد يهمك: نائب إيراني.. ملايين الأسر الإيرانية تعيش تحت خط الفقر

انقطاع للإنترنت وإلغاء الدعم

في السياق ذاته، أكدت وكالة أنباء “إرنا” المحلية، اندلاع المظاهرات في مدن: دورود، وشهرکرد، وإيذه، وإندیمشك، ودزفول، ویاسوج، وجونقان، وفشافویه، وقالت إن “ليلة الخميس شهدت بعض المدن في البلاد تجمعات احتجاجية على تنفيذ قانون تعديل نظام دفع المعونات النقدية”.

وأردفت الوكالة المحلية في تقريرها، أن “المتظاهرين في إيذه هاجموا بعض الممتلكات العامة والمتاجر، وأضرموا النار في أحد المساجد، إلا أنهم تفرقوا مع تدخل الشرطة”.

وفي غضون اندلاع الاحتجاجات الشعبية، أعلن مكتب النائب العام في مدينة دزفول، جنوب غربي إيران، عن “اعتقال ما لا يقل عن 15 من المتظاهرين فيها”.

وبحسب تقارير محلية، قامت قوات الأمن خلال مظاهرات ليلة أمس، باعتقال عدد من المحتجين في مدن إيرانية مختلفة، ولم تعلن السلطات حتى الآن عن العدد الإجمالي للأشخاص المعتقلين.كما ولا يزال الوصول إلى الإنترنت عبر الهاتف المحمول في جميع مدن خوزستان بعد أسبوع من الاحتجاجات مقطوعا أو انخفضت سرعته بشدة، بحسب موقع “إيران انترناشونال”.

من جانبها، أفادت “إینتربان” التي تراقب أوضاع الإنترنت في إيران، بأن الشبكة كانت شبه مقطوعة في محافظة کردستان من الأربعاء إلى مساء أمس الخميس، وكانت شبكة الإنترنت في محافظة خوزستان مقطوعة أو شبه مقطوعة من السادس من الشهر الجاري، عقب دعوة للتجمهر. ورغم انقطاع الإنترنت، فقد تظاهر المواطنون في عدة مدن إيرانية.

يشار إلى أن الحكومة الإيرانية، ألغت الدعم عن بعض السلع الأساسية، وارتفعت الأسعار المعتمدة للدجاج ومنتجات الألبان وزيت الطهي منذ يوم أمس الخميس 12 أيار/ مايو الجاري، وأصبحت بعض هذه المنتجات أغلى بنحو مرتين إلى ثلاث مرات.

إزاء ذلك، استبق آلاف الإيرانيين هذا القرار، فهموا إلى المحال الغذائية وانتظروا لساعات في صفوف طويلة للحصول على المواد الغذائية.

كما أفرغوا رفوف محلات البقالة في أنحاء البلاد خلال ساعات قبل دخول رفع الأسعار حيز التنفيذ، بحسب ما أفادت “أسوشييتد برس”.


وأدلى مسؤولو حكومة “رئيسي” في وقت لاحق بتصريحات متناقضة حول إلغاء الدعم الحكومي لسعر الدولار (4200 تومان مقابل الدولار الذي يصل في السوق الحرة إلى 30 ألف تومان) و”تحرير الأسعار” في سلسلة من التصريحات المبهمة، وفق موقع “إيران انترناشونال”.

وفي وقت سابق، كان الرئيس الإيراني الأسبق، محمود أحمدي نجاد، قد حذر من “فيضان الاستياء العام في إيران”، نتيجة الأوضاع المعيشية السيئة في إيران، وفق ما أفاد به موقع الرسمي “دولت بهار”. وقال أحمدي نجاد الذي كان يتحدث في مدينة بوشهر، إن “السيول البشرية قادمة في العالم كله وفي إيران على وجه خاص، والخطوة الأولى هي الاستياء العام”.

فيما واجه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تحذيرات من حلفائه المحافظين من تبعات ارتفاع الأسعار على إثارة “احتجاجات في البلاد”.

وتأتي موجة التضخم الجديدة في إيران بينما زادت المخاوف من انهيار مفاوضات فيينا، ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران. وقبل أن تتضح نتائج المفاوضات، قررت الحكومة أن تبدأ العام المالي الجديد (اعتبارا من 21 آذار/مارس) برفع الدعم الحكومي للسلع الغذائية المستوردة، وفق تقارير صحفية.

بينما تبرر الحكومة الإيرانية ذلك بالتوقف عن تزويد مستوردي السلع الغذائية بالدولار المدعوم حكوميا في إطار حملتها ضد الفساد.

ووصل خط الفقر للفرد في إيران عام 2021 إلى 1.254 مليون تومان، ما يعادل أقل من 50 دولارا، وسجلت أعلى معدلات للفقر بين المحافظات الإيرانية، بمقاطعات سيستان وبلوشستان وكرمان في إيران، حيث إن خط الفقر لأسرة مكونة من أربعة أفراد بلغ 3.385 ملايين تومان ما يعادل 130 دولارا.

قد يهمك: إيران.. من بين أسوأ ثلاث دول في العالم من حيث حرية الصحافة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة