يعيش ملايين الإيرانيين في وضع اقتصادي متدهور، وسط سلسلة من الاحتجاجات من مختلف القطاعات المهنية والخدمية، وخاصة قطاع التعليم (المعلمين) في إيران، من حين لآخر على خلفية تدهور الأوضاع المعيشية والقرارات الحكومية الجائرة بحقهم، واعتقال النشطاء.

منذ عدة سنوات، تمر إيران بأزمة اقتصادية ومعيشية خانقة نتيجة العقوبات الدولية المفروضة، نتيجة لبرنامجها النووي، الأمر الذي انعكس على سعر صرف العملة وزيادة في التضخم. وقدر البنك الدولي معدل التضخم في إيران بنحو 43 بالمئة عام 2021.

كما شهدت الأسواق الإيرانية، منذ فترة ليست ببعيدة، ارتفاعا في الأسعار، وكل ذلك يؤثر حتما على الظروف المعيشية في البلاد وبالتالي زيادة في معدلات الفقر في البلاد.

فيضان الاستياء العام في إيران

الرئيس الإيراني الأسبق، محمود أحمدي نجاد، حذر من “فيضان الاستياء العام في إيران”، نتيجة الأوضاع المعيشية السيئة في إيران، وفق ما أفاد به موقع الرسمي “دولت بهار”. وقال أحمدي نجاد الذي كان يتحدث في مدينة بوشهر، إن “السيول البشرية قادمة في العالم كله وفي إيران على وجه خاص، والخطوة الأولى هي الاستياء العام”.

فيما واجه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تحذيرات من حلفائه المحافظين من تبعات ارتفاع الأسعار على إثارة “احتجاجات في البلاد”.

من جانبه ألقى عضو لجنة الشؤون الداخلية الإيرانية في البرلمان، النائب محمد حسن أصفري باللوم على جميع الأطراف الإيرانية في الأوضاع الحالية التي تواجه البلاد.

وأردف أصفري في حديثه لوسائل الإعلام، منتقدا رفع الدعم الحكومي لاستيراد السلع الغذائية، وقال: “عندما نريد حل المشكلات الاقتصادية من جيوب الناس، لا يمكننا اجتثاث جذور الفقر فحسب بل يزداد الفقر ضراوة كل يوم”، نقلا عن تقارير صحفية.

أشار أصفري إلى أن مشكلات الاقتصاد “لا يمكن حلها بالوعود والكلام”. وحول ما يتردد عن زيادة تصل إلى 57 بالمئة برواتب العمال، “قلل من أهمية الزيادة”. معللا ذلك بتساؤل “كيف يمكن أن تحل مشكلة الفقر بهذه المداخيل (للأفراد)؟”.

ونوّه إلى أن 9 ملايين أسرة إيرانية “ترزح تحت خط الفقر”،  “غالبية الأسر الإيرانية تنتظر الحصول على معونات من لجنة الإمام ومنظمة الرفاهية”، وهي هيئات معنية برعاية ذوي الدخل المحدود في البلاد، وفقا لـ “الشرق الأوسط”.

بينما، قال خطيب جمعة طهران، محمد حسن أبو ترابي  قبل يومين، إن المشكلات الاقتصادية في البلاد “نتيجة مؤكدة للسياسات الاقتصادية للعقود الماضية. وطالب الحكومة بإبلاغ الناس مسبقا في حال قررت تعديل دفع الإعانات لذوي الدخل المحدود. وحذر من اتخاذ قرارات “غير علمية” في معالجة المشكلات الاقتصادية.

أما محمد تقي فاضل ميبدي وهو عضو هيئة مدرسي حوزة قم العلمية، معقل رجال الدين المتنفذين في إيران، قال في رسالة تحذير إلى الرئيس الإيراني، إنه “في حال عدم تحسن أوضاع اقتصاد البلاد، ولم يلجم الغلاء، يجب أن ننتظر تمرد الجياع”، مشددا على أن “التمرد أخطر من الثورة”، نقلا عن موقع “إصلاحات نيوز”.

جاء ذلك في وقت أصدر “الباسيج الطلابي” ذراع قوات الباسيج في الجامعات الإيرانية، تحذيرات جدية إلى الرئيس إبراهيم رئيسي من نشوب اضطرابات في أنحاء البلاد، على خلفية الرفع المفاجئ لأسعار السلع الغذائية.

قد يهمك: إيران.. من بين أسوأ ثلاث دول في العالم من حيث حرية الصحافة

احتجاجات وتهديد بالفصل!

مجيد أنصاري، عضو مجلس تشخيص مصلحة الحكومة الإیرانية، في مقابلة مع وكالة “جماران” الإخبارية، يوم أمس، قال: “إذا لم يتم تحديد سبب ارتفاع الأسعار بدقة؛ فسينتقل بشكل متسلسل إلى قطاعات أخرى، وسیسحق ظهر المواطنين، وخاصة الشرائح الضعيفة من المجتمع، تحت عبء هذا الغلاء”.

واندلعت احتجاجات من قبل المعلمين في إيران، على خلفية تفاقم الأوضاع المعيشية وزيادة الأسعار وتدني الرواتب، بدوره، هدد يوسف نوري، وزير التربية والتعليم الإيراني، بفصل المعلمين المشاركين في الاحتجاجات على سوء الأوضاع المعيشية، وذلك بالتزامن مع استمرار اعتقال 17 معلما، وفقا لموقع “إيران انترناشيونال”.

وأضاف نوري في تهديده، إن “هيئة المخالفات الإدارية قد تفصل المدرسين لمشاركتهم في تجمعات غير قانونية”.

أفادت صحيفة “اعتماد” الإيرانية، نقلا عن “هيومن رايتس ووتش” أن 38 مدرسا اعتقلوا ولا يزال 17 منهم على الأقل موقوفين.

وقالت تارا سبهري فر الباحثة في “هيومن رايتس ووتش”: “قررت السلطات الإيرانية مجددا أن تسجن أفرادا حاولوا تنظيم أنفسهم للمطالبة بحقوقهم المشتركة”. وتقول المنظمة إن النظام الإيراني ضيق الخناق على “المدرسين الناشطين” منذ بدء السنة الإيرانية في آذار/مارس الفائت.

تعطل الإنترنت في “الأهواز” بعد دعوات الاحتجاج!

نتيجة لدعوات النشطاء للخروج للاحتجاجات بسبب الظروف المعيشية السيئة، انقطع الإنترنت الخاص بالهاتف المحمول في محافظة “خوزستان” الإيرانية، وسط إدلاء مسؤولين حكوميين بتصريحات غامضة ومتناقضة حول الوضع المستقبلي للخبز.

ووفقا للتقارير التي تلقتها “إيران انترناشیونال”، فقد قطع، يوم أمس الجمعة، إنترنت الهاتف المحمول في العديد من مدن محافظة خوزستان، بما في ذلك الأهواز، والخفاجية/ سوسنكرد، والحميدية، والفلاحية/ شادكان، أو انخفضت سرعتها بشدة.

وكان عدد من مواطني خوزستان قد دعوا في وقت سابق إلى تجمعات في عدة مدن، بما في ذلك سوسنكرد يوم أمس؛ للاحتجاج على الارتفاع الأخير في الأسعار.

كما أكد عدد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أيضا، انقطاع أو انخفاض سرعة الإنترنت عبر الهاتف المحمول في مدن مختلفة في خوزستان.

من جهة أخرى، وعقب التصريحات المتناقضة، نفى هادي سبحانيان، مساعد وزير الاقتصاد، يوم أمس، تقنين الخبز، مشيرا إلى أن الطحين لا يزال مدعوما للخبز التقليدي، وأن “الخبز لن يتم تقنينه، بل سيتم دعم الطحین الذي يصبح خبزا فقط، وسيتم وقف تهريب الطحين”.

وقامت الحكومة بتجربة مشروع توصيل المخابز في المحافظة بقارئات البطاقات الذكية في زنجان؛ لتلقي دعم الخبز مقابل عدد الأرغفة المبيعة.

وأدت الزيادة المضاعفة في سعر الطحين للاستخدام الصناعي والتجاري إلى موجة من الاحتجاجات والمخاوف، فضلا عن نقص بعض المواد الغذائية، بما في ذلك المعكرونة في المتاجر.

وقد ارتفع سعر كل كيلوغرام من الطحين للاستخدام النقابي والصناعي من 2700 تومان إلى 12 ألف تومان خلال أسبوع، ووصل الآن إلى 16 ألف تومان. وقال مسؤول نقابي: إن هذا السعر سيرتفع أكثر.

وكان سعر كل عبوة من المعكرونة في مارس الماضي نحو 7500 تومان، لكن ارتفع هذا المنتج فجأة يوم الثلاثاء الماضي إلى 12 ألف تومان، ثم إلى 24 ألف تومان للعبوة.وبالإضافة إلى مضاعفة سعر المعكرونة، فهناك تقارير عن نقص حاد في هذا المنتج، وفي بعض المتاجر، ويتم بيع 6 عبوات كحد أقصى من المعكرونة لكل شخص.

وتأتي موجة التضخم الجديدة في إيران بينما زادت المخاوف من انهيار مفاوضات فيينا، ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران. وقبل أن تتضح نتائج المفاوضات، قررت الحكومة أن تبدأ العام المالي الجديد (اعتبارا من 21 آذار/مارس) برفع الدعم الحكومي للسلع الغذائية المستوردة، وفق تقارير صحفية.

بينما تبرر الحكومة الإيرانية التوقف عن تزويد مستوردي السلع الغذائية بالدولار المدعوم حكوميا في إطار حملتها ضد الفساد.

ووصل خط الفقر للفرد في إيران عام 2021 إلى 1.254 مليون تومان، ما يعادل أقل من 50 دولارا، وسجلت أعلى معدلات للفقر بين المحافظات الإيرانية، بمقاطعات سيستان وبلوشستان وكرمان في إيران، حيث إن خط الفقر لأسرة مكونة من أربعة أفراد بلغ  3.385ملايين تومان ما يعادل 130 دولارا.

قد يهمك: ازدياد حالات الفقر وارتفاع حاد للأسعار في إيران

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.