مرحلة جديدة من المراحل التي تزيد من واقع انعدام الأمن الغذائي في سوريا، إذ أن محصول القمح السوري لهذا العام جاء منخفضا بشكل كبير، بالإضافة إلى النقص بإمدادات الحبوب الأخرى كالحمص الذي يعتبر من المواد الأساسية للغذاء في سوريا، ما يزيد من سوء الأوضاع.

القمح يهوي إلى النصف

وزير الزراعة السوري، حسان قطنا، وفي تصريح لوكالة “سبوتنيك” الروسية يوم أمس السبت، أوضح أن،إنتاج سوريا من القمح تراجع هذا العام عن المتوقع ليبلغ 1.7 مليون طن، بسبب الظروف المناخية الاستثنائية، مبينا أن سوريا تحتاج إلى 3,2 مليون طن من القمح، ما يعني أن إنتاج العام الحالي لا يتجاوز نصف الكمية المطلوبة.

وأشار قطنا، إلى أن احتياجات سوريا للقمح هذا العام تبلغ مليوني طن للخبز فقط، بالإضافة لاحتياجات أخرى كبذار القمح والبرغل والفريكة والسميد وغير ذلك.

وحول الأسباب، أوضح قطنا، أنها نتيجة التغيرات المناخية التي تشمل انخفاض الهطولات المطرية أوشدتها التي تؤدي إلى انجرافات وأضرار، إضافة لعدم التوزع الصحيح لكميات الأمطار، والجفاف لفترات طويلة والتي ينتج عنها موت النبات وانخفاض الكميات المخزنة في السدود وخسارة المساحات القابلة للزراعة في موسم الصيف.

إقرأ:ارتفاع أسعار القمح عالميا.. ماذا عن رغيف الخبز بسوريا؟

الحمص وغزو أوكرانيا

العديد من الدول التي تعتمد على البقوليات كأحد مصادر للبروتين، ومنها سوريا، تواجه نقصا في مادة الحمص، ما قد يترك آثارا سلبية على مستوى الأمن الغذائي من جهة، وارتفاع أسعار هذه المادة بشكل غير مسبوق من جهة أخرى.

فبحسب تقرير لصحيفة “الجارديان” البريطانية، يوم الخميس الفائت، فقد انخفضت إمدادات الحمص بنسبة تصل إلى 20بالمئة هذا العام، وذلك بسبب الظروف الجوية الصعبة، والغزو الروسي في أوكرانيا، ما أثر على الإنتاج.

ونقلت الصحيفة، عن سينغ تشابرا، مديرة مؤسسة “شري شيلا إنترناشونال” العالمية المتخصصة بتجارة الحمص، أن العقوبات التي تلت غزو أوكرانيا تسبب في توقف الشحنات من روسيا، التي عادة ما تكون أكبر مصدر للحمص، يمثل حوالي ربع التجارة العالمية، كمالم تتمكن أوكرانيا من زرع محصولها الإجمالي من الحمص بسبب الغزو، في الوقت نفسه.

قد يهمك:بقيمة 40 مليون دولار.. روسيا تنقل القمح المسروق من أوكرانيا لسوريا

سوريا وانعدام الأمن الغذائي

في نهاية شباط/فبراير الماضي، بينت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، جويس مسويا، أن السوريين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية الآن أكثر من أي وقت مضى، موضحة أن 14.6 مليون سوري سيعتمدون على المساعدة في العام 2022، بزيادة 9بالمئة عن عام 2021، وزيادة بنسبة 32بالمئة عن عام 2020، بحسب الموقع الرسمي لـ”الأمم المتحدة”.

وأشارت مسويا، إلى أنأن سوريا الآن تحتل المرتبة الأولى بين الدول العشر الأكثر انعدامًا للأمن الغذائي على مستوى العالم، حيث يعاني 12 مليون شخص من وصول محدود أو غير مؤكد إلى الغذاء، بحسب متابعة “الحل نت”.

وأيضا، بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، فإن 90 بالمئة من السوريين، يعيشون تحت خط الفقر، بينهم نحو 60 بالمئة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وذلك استنادا على أرقام “الأمم المتحدة”.

منظمة “الفاو”، قالت في تقرير نُشر في 16 كانون الأول/ديسمبر الماضي، أن سوريا تمثل جزءا من مشكلة أكبر ألا وهي مشكلة انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط، حيث أكد التقرير بأن نحو ثلث السكان في منطقة الشرق الأوسط يعيشون حالة انعدام أمن غذائي، وذلك مع ارتفاع في نسبة الجوع التي وصلت إلى 91.1 بالمئة خلال العقدين الأخيرين.

حيث شهدت سوريا في عام 2021 أخفض نسبة لإنتاج القمح منذ خمسين سنة وذلك بسبب القحط وارتفاع أسعار المواد والظروف الاقتصادية السيئة، وذلك بحسب ما ورد في تقرير نشرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو”.

الخبير الاقتصادي، حسن البكفاني، أشار في حديث سابق لـ”الحل نت”، إلى أن سوريا، كانت تتمتع سابقا باكتفاء ذاتي من مادتي القمح والشعير، ولكن في السنوات القليلة الماضية انخفضت نسبة إنتاجهما بشكل غير مسبوق، إضافة للظروف المناخية وقلة مياه الري وانخفاض مستوى الأمطار التي أثرت جميعها على حقول القمح والشعير ما جعلها تتحول لمراعي للماشية.

ومن جهته، الباحث في العلاقات الاقتصادية الدولية، حسن الشاغل، قال لـ”الحل نت”، في وقت سابق، أن الدول التي تعيش في حالة حرب يتأثر فيها الأمن الغذائي بشكل سلبي وبشكل كبير، ولكن مع الغزو الروسي لأوكرانيا، زادت حدة المشكلة الغذائية في العالم، ما أنتج دولا تتأثر مباشرة بهذه الأزمة كسوريا.

وأشار الشاغل، أنه بالنسبة لتصنيف سوريا بأنها من أكثر الدول تأثرا بالأزمة الغذائية، فذلك يعود لعدة أسباب، منها الحرائق التي تصيب المحاصيل الزراعية، أما السبب الثاني فهو “الحمائية”، بمعنى أن غالبية دول العالم تتبع الآن نظام الحمائية والذي يعني أن كل دولة توقف تصدير السلع الغذائية مثل القمح والأرز، وهذا سيؤثر على السوق الدولي، ويخفّض مستوى العرض والسوق الدولية.

إقرأ:أزمة غذاء كبرى تهدد العالم.. ما التوقعات؟

من الجدير بالذكر، أزمة الحبوب التي تعاني منها سوريا ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل أكبر، وهذا بدوره سيؤثر على سوريا بكافة مناطقها، لأن البلاد تعيش أزمة مالية، تفتقر فيها إلى النقد الأجنبي، فضلا عن المشاكل الأخرى التي تعيشها مثل انعدام الموارد المالية، والعجز عن القدرة من شراء السلع الغذائية بأسعار مرتفعة من السوق الدولية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.