يبدو أنه وخلال الفترة الماضية وتحديدا أثناء عيد الأضحى، وسط أزمة المحروقات وغياب الرقابة الحكومية، كانت هناك فرصا ذهبية لأصحاب سيارات الأجرة والبولمانات لاستغلال السوريين وتفريغ جيوبهم، حيث تكاد الأرقام الخيالية التي جنوها من جيوبهم لا تصدق، فتراوحت أجرة التكسي من كراجات البولمان بدمشق إلى المزة 45 ألف ليرة سورية، وأجرة التكسي من دمشق إلى اللاذقية مليون ليرة، وأجرة الراكب في التكسي من دمشق إلى اللاذقية 250 ألف ليرة سورية، والسفر على “درج” البولمان خمسة آلاف.

أسعار كاوية

في حديث جانبي بين سائقين على خط جديدة عرطوز بدمشق، إذ نقل أحدهم قول مراقب الخط دون تحديد أي مراقب أو اسمه، “شلي حصتي وروح شلح الناس أموالها”، في إشارة إلى أنه يتم استغلال المواطنين أثناء أزمة المواصلات والمحروقات وفترة الأعياد بأسعار كاوية، وسط غياب الجهات الرقابية المعنية بضبط الأجور، وفق تقرير لموقع “الساعة 25” المحلي، نشر يوم السبت الفائت.

وبحسب التقرير المحلي، فإن الأرقام “مريخية” ولا تصدق، وأردف التقرير المحلي بالقول: “حصّل أحد السائقين من فتاة في دمشق أجرة التكسي من كراجات البولمان بدمشق إلى المزة 65 ألف ليرة سورية، واعتبر أن هذه الأجرة رزقة، وأجرة التكسي من دمشق إلى اللاذقية مليون ليرة، وأجرة الراكب في التكسي من دمشق إلى اللاذقية 250 ألف ليرة، وأجرة الراكب بالتكسي من مزة جبل إلى كراجات البولمان 8 آلاف ليرة، وأجرة الراكب بالسرفيس يوم السبت من البرامكة للمزة ألف ليرة”.

ومن الأجور الأخرى غير المنظورة التي دفعت خلال عطلة العيد، والذي دفع ببعض المسافرون لحجز مقعد على “درج” البولمان، والذي بلغ 5 آلاف ليرة سورية.

أما حول أجور التكاسي الخاصة بين المدن والأرياف هي الأخرى حلّقت وأصبحت أجرة كل واحد كيلو متر 2000 ليرة، والانتظار عداد مفتوح، وغالبية السيارات العامة التي تعمل عند طلبها تكون الإجابة برسالة مختصرة لا يوجد بنزين و”بإنتظار الرسالة”.

أحد سكان العاصمة دمشق، أكد لـ “الحل نت”، في ثالث أيام عيد الأضحى الماضي، أن العديد من أصحاب سيارات الأجرة يستغلون فترات الأعياد لرفع الأجور والتوصيلات، وسط غياب النقل العام وأي دور رقابي، وأضاف في حديثه السابق بالقول: “تواجد السرافيس نادر جدا خلال فترة العيد، وأصحاب سيارات الأجرة رفعوا أسعارهم بشكل كبير وغير منطقي، بحجة أنه فترة الأعياد وأنهم يشترون الوقود من السوق السوداء”.

وأردف بالقول: “مشوار واحد من جسر الرئيس إلى أي منطقة ضمن المدينة، يكلف نحو 5 آلاف ليرة سورية وأحيانا البعض يأخذون 6 آلاف، أما بالنسبة للمسافات الطويلة بين المدينة والريف فقد تصل إلى نحو 15 ألفا وأكثر حسب المسافة المقطوعة وضمير السائق”، في حين يصل سعر الليتر الواحد في السوق السوداء إلى نحو 6000 ليرة سورية.

قد يهمك: زبائن “التكاسي” في سوريا أصحاب الحوالات فقط!

“تكسي الركاب”

في الآونة الأخيرة، نتيجة لأزمة النقل الخانقة في البلاد، انتشرت ظاهرة “تكسي الركاب”، أي أنه أربعة أشخاص يركبون التكسي ويتقاسمون الأجرة كاملة فيما بينهم، وأصبح الطلب على 100 ألف ليرة حديث عادي بين أصحاب السرافيس والتكاسي، وهذا مبلغ الأجرة التي يحصل عليها صاحب التكسي على طلب توصيلة مطار “دمشق” وبعض السائقين يتصيدون التسعيرة بطرق مختلفة.

وأضاف تقرير موقع “الساعة 25” المحلي، بأن أصحاب السيارات الذين يعملون عبر التطبيقات سمعوا بهذه الأرقام الفلكية وأصبحوا يهجرون الطلبات بحجة بذريعة عدم توفر البنزين، ومنهم من أصبح يتصيد زبائن التطبيقات خارج الطلبات المعتمدة من أجل التحكم بالأجرة على مزاجه، وعند مناقشة صاحب أي تكسي أجرة، يرد بكل بساطة “أدفع الأجرة وروح اشتكي” وهو يعلم جيدا أن الرقابة الحكومية غير مجدية.

السفر على سطح الباص!

خلال الشهرين الماضيين، وفي ظل أزمة الوقود وغلاء المواصلات المستمرة بين الحين والآخر، اضطر مسافرون، مدنيون وعسكريون، إلى الركوب على سطح حافلة متجهة من دمشق إلى السويداء لمسافة نحو 100 كيلومتر، بسبب عدم قدرتهم على دفع تكلفة رحلة البولمان.

حيث أكد أحد المسافرين لموقع “السويداء 24” حينذاك، إن “عدم توفر آليات للنقل في ظل أزمة المواصلات، دفع الركاب لمطالبة سائق الحافلة بالركوب على سقفها، فلا خيار أمامهم، وليس لهم قدرة على دفع ثمن رحلة البولمان”.

وتابع في حديثه: “نحن كنا مصرّين على الركوب، السائق لا يتحمل المسؤولية، وقام بواجبه معنا، إنما الحكومة تتحمل مسؤولية هذا التقصير، بحق المدني والعسكري في نفس السوية”، على حد وصفه.

أثارت صورة هذه الحافلة موجة من الاستهزاء وانتقادات لاذعة للحكومة السورية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام، في إشارة إلى تقاعس الحكومة عن أداء واجباتها تجاه المواطنين، وفشلها في وضع أي حل لأي أزمة التي قد تواجهها البلاد.

هذا ويبدو أن “رفع الأسعار” لن يختفي من قاموس السوريين، وسيبقى شبحا يطاردهم، خاصة ممن يعيشون تحت خط الفقر، والذين تشكل نسبتهم الآن أكثر من 90 بالمئة من السكان وفق ما أفادت به تقارير أممية.

على الرغم من إطلاق حكومة دمشق العديد من الوعود لإنهاء أزمة المواد النفطية المستمرة منذ أشهر، وذلك من خلال التأكيد على وصول ناقلتي نفط إلى الموانئ السورية من إيران، إلا أن ذلك لم ينعكس على الأزمة، حيث ما تزال مستمرة، فضلا عن الطوابير الطويلة على محطات الوقود في البلد، وبدلا من ذلك، شكل وصول تلك البواخر الإيرانية رافدا جديدا للسوق السوداء.

في إطار رصد أزمة الوقود في سوريا، قال عضو المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات في ريف دمشق، ريدان الشيخ، في وقت سابق، إن وصول باخرة نفط إلى مصفاة بانياس أدى إلى زيادة كميات الوقود الواصلة للمحافظة وإلى السوق السوداء على حد سواء ولا سيما البنزين.

وبحسب ما ذكره الشيخ، لصحيفة “تشرين” المحلية، مؤخرا، فإن الطلبات على شراء المازوت والبنزين ارتفعت تباعا، 24 طلبا للمازوت و23 طلبا للبنزين، ما أدى إلى رفع التوزيع للمحطات بنسبة 95 بالمئة، خلال عطلة العيد.

وأوضح الشيخ، أن المراقبة وضبط المشتقات النفطية عن طريق البلديات والتوزيع، أظهرت خللا في توفر المادة في السوق السوداء بأسعار تراوح بين 6- 8 آلاف ليرة، مبينا أن سعر السوق السوداء يحدد حسب العرض والطلب وكان الإقبال عليها بشكل كبير قبل فترة عيد الأضحى الفائت.

قد يهمك: في ثالث أيام العيد بسوريا.. غياب شبه كامل للمواصلات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.