حتى خلال الأعياد، يواجه السوريون أزمات ومعاناة يبدو أنها تصاحبهم طوال العام. في اليوم الثالث من عيد الأضحى في سوريا، هناك أزمة وقود وغياب شبه كامل للمواصلات، مما يجعل التواصل الاجتماعي بين الناس والتنقل بين المحافظات صعبا وشبه مستحيلا.

ولعل مشهد انطلاق الكراجات بين محافظة حماة وريفها ومدنها هو صورة لجميع المحافظات وقد تختلف قليلا من محافظة إلى أخرى، بحيث تظل سمة غياب المازوت وغياب المعنيين أكثر موضوع بارز في حديث السوريين في ثالث أيام العيد، بحسب وسائل إعلام محلية، اليوم الاثنين.

أزمة “محروقات”

في اليوم الثالث من أيام عطلة عيد الأضحى، لا حركة ولا بركة بالأسواق والسبب غياب وسائط النقل، وفقا لحديث صاحب محل في سوق مصياف أسامة الحرك، لصحيفة “تشرين” المحلية، اليوم الاثنين.

وأضاف الحرك: “كيف يمكن للسوق أن ينشط وتتحرك عملية البيع والشراء في ظل عدم وجود مواصلات بين الريف والمدينة؟”، فيما قال آخر: “القضية ليست جديدة، حيث أن قصة غياب المازوت لها تأثير كبير على كل الأنشطة الاقتصادية، على الرغم من أننا نقرأ ونسمع أن عدد الطلبات على البنزين والمازوت زادت للمحافظة، إلا أن سوء التوزيع والإدارة غالبا ما كان وراء مشاكلنا مهما كانت”، في إشارة إلى وجود فساد ومحسوبيات بمحطات الوقود والقائمين على عملية التوزيع.

من جانبه، رئيس شعبة حماية المستهلك بمدينة مصياف بريف حماة، باسم حسن، صرح للصحيفة المحلية، بالقول: “دورنا ينحصر في مراقبة أجور النقل، فضلا عن أن عملية توزيع المشتقات النفطية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في المناسبات كالأعياد والامتحانات، الأمر الذي يسهل حركة وتنقلات المواطنين، وعناصر الرقابة التموينية حتى في عطلة العيد موجودين، وسوف نتابع بعد قليل حركة النقل في الكراجات”.

أحد سكان العاصمة دمشق، أكد لـ “الحل نت”، اليوم الاثنين، ثالث أيام عيد الأضحى، أن العديد من أصحاب سيارات الأجرة “التكاسي” يستغلون فترات الأعياد لرفع الأجور والتوصيلات، وسط غياب النقل العام وأي دور رقابي، ويضيف بالقول: “تواجد السرافيس نادر جدا خلال فترة العيد، وأصحاب سيارات الأجرة رفعوا أسعارهم بشكل كبير، بحجة أنه فترة الأعياد وأنهم يشترون الوقود من السوق السوداء”.

وأردف بالقول: “مشوار واحد من جسر الرئيس إلى أي منطقة ضمن المدينة، يكلف نحو 5 آلاف ليرة سورية وأحيانا البعض يأخذون 6 آلاف، أما بالنسبة للمسافات الطويلة بين المدينة والريف فقد تصل إلى نحو 15 ألفا وأكثر حسب المسافة المقطوعة”، في حين يصل سعر الليتر الواحد في السوق السوداء إلى نحو 6000 ليرة سورية.

واختتمت الصحيفة المحلية تقريرها في ثالث أيام عيد الأضحى بقولها: “باختصار ما معنى العيد في غياب المواصلات والكهرباء وبالتالي مياه الشرب كما هو الحال في كثير من أحياء مدينة حماة، وسط غياب أي دور حقيقي للجهات الحكومية “.

تنشيط السوق السوداء

بالرغم من إطلاق حكومة دمشق العديد من الوعود لإنهاء أزمة المواد النفطية المستمرة منذ أشهر، وذلك من خلال التأكيد على وصول ناقلتي نفط إلى الموانئ السورية من إيران، إلا أن ذلك لم ينعكس على الأزمة، حيث ما تزال مستمرة، فضلا عن الطوابير الطويلة على محطات الوقود في البلد، وبدلا من ذلك، شكل وصول تلك البواخر الإيرانية رافدا جديدا للسوق السوداء.

في إطار رصد أزمة الوقود في سوريا، قال عضو المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات في ريف دمشق، ريدان الشيخ، في وقت سابق، إن وصول باخرة نفط إلى مصفاة بانياس أدى إلى زيادة كميات الوقود الواصلة للمحافظة وإلى السوق السوداء على حد سواء ولا سيما البنزين.

وبحسب ما ذكره الشيخ، لصحيفة “تشرين” المحلية، مؤخرا، فإن الطلبات على شراء المازوت والبنزين ارتفعت تباعا، 24 طلبا للمازوت و23 طلبا للبنزين، ما أدى إلى رفع التوزيع للمحطات بنسبة 95 بالمئة، خلال عطلة العيد.

وأوضح الشيخ، أن المراقبة وضبط المشتقات النفطية عن طريق البلديات والتوزيع، أظهرت خللا في توفر المادة في السوق السوداء بأسعار تراوح بين 6- 8 آلاف ليرة، مبينا أن سعر السوق السوداء يحدد حسب العرض والطلب وكان الإقبال عليها بشكل كبير قبل فترة العيد.

قد يهمك: باصات “الهوب هوب” في سوريا.. حجز مسبق الدفع!

فساد في توزيع المحروقات

صحيفة “الوطن” المحلية نقلت عن وزارة النفط السورية، تأكيدها في وقت سابق، أن عمليات توزيع المخصصات من المحروقات، بدأت منذ نحو أسبوع، حيث تم البدء بآلية توزيع 4 ملايين لتر من البنزين يوميا، و4.5 مليون لتر من مادة المازوت.

لكن من جانبه، أكد عضو مجلس الشعب السوري زهير تيناوي، وجود فساد في آليات توزيع البنزين والمازوت. وأضاف في تصريحات سابقة لـ“الوطن“: “الدليل على الفساد، هو أن هذه المواد متوافرة بكثرة في السوق السوداء لكنها ليست متوافرة لدى شركة “محروقات”، وهذا يشير إلى وجود خلل في التوزيع وهذا الخلل تتحمل مسؤوليته وزارة النفط والتموين”.

هذا فضلا عن عدم تقليص مُدة رسائل البنزين، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه مجددا لتجار السوق السوداء، الذين كالعادة استغلوا النقص في ضخ المادة من شركة محروقات ليرفعوا سعر(التنكة) لتتراوح اليوم بين 100 و150 ألف ليرة.

ولفت تيناوي، إلى أن الكميات التي أعلنت عن توزيعها وزارة النفط، لا تكفي لسد احتياجات البلاد من المحروقات، مشيرا إلى أن “أزمة النقص متواصلة ما سينعكس على المستهلك النهائي، وخصوصا أن سعر (تنكة) البنزين وصل في السوق السوداء اليوم لحدود 150 ألف ليرة، كما وصل سعر ليتر المازوت إلى 7 آلاف ليرة“.

في ظل فشل حكومة دمشق في إدارة الأزمات في البلاد، إذ ساهمت أزمة المحروقات مؤخرا في شلل شبه كامل لوسائل المواصلات، في ظل عزوف معظم السائقين عن العمل، بدعوى عدم تلقيهم لمخصصاتهم في المحروقات، ويبدو أن مناطق سيطرة دمشق ستبقى في دوامة الأزمات العامة من المواصلات والمياه والكهرباء وغيرها من الأمور الحياتية اليومية، وحتى في أيام الأعياد والمناسبات، بذريعة عدم توفر المشتقات النفطية والفيول والغاز وغيرها من الموارد.

قد يهمك: البواخر الإيرانية تنشط السوق السوداء السورية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.