يوم واحد يفصلنا عن جلسة الحقيقة. جلسة انتخاب رئيس جديد لبرلمان العراق بعد 6 أشهر من الإطاحة برئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، بقرار قضائي بتهمة التزوير، وبين العيساوي والمشهداني، من سيحظى بالكرسي المفقود؟ 

تنافس محموم بين الختيار والشاب، فالأول صعدت أسهمه بعد أن كان ميتا سريريا، أما الثاني فلا يزال ثابتا بحظوظ مرتفعة، لكن التكهن بالفائز لا يمكن البتة، فطبيعة السياسة العراقية بعد 2003، علّمتنا على المفاجآت في اللحظات الأخيرة. 

قبل جلسة الغد، حصلت جلسة سابقة في 13 كانون الثاني/ يناير الماضي لانتخاب رئيس برلمان جديد، لكن تم إفشالها بعد فوز شعلان الكريم في الجولة الأولى والذهاب للجولة الثانية، جولة الحسم بينه وبين العيساوي، باعتبارهما أكثر من حصدا الأصوات، وجاء ثالثهما المشهداني. 

لكن قبل بدء الجولة الثانية، جرت لعبة في الكواليس، أدت إلى إفشال عملية انتخاب رئيس جديد للبرلمان، بعد تداول مقاطع فيديوية قديمة للكريّم وهو يمتدح رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين، وأُطيح به نهائيا، تحت ذريعة أن العراق يحظر “حزب البعث” وأي ترويج لرموزه السابقة، وهي رسالة شيعية لإنهاك الحلبوسي، باعتبار أن الكريّم مرشحه للرئاسة.

“الإطار” وإخضاع الحلبوسي 

نجح “الإطار التنسيقي” الذي يضم القوى الشيعية الموالية لإيران بالانتقام من الحلبوسي عندما تحالف مع خصمهم زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر بعد انتخابات 2021 النيابية، عبر سحب عضويته من البرلمان ورئاسته في تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، ثم الإطاحة بمرشحه -شعلان الكريّم- ليكون خلفا له، باعتبار أن حزب الحلبوسي -حزب تقدم- هو الحزب الذي يملك أكثر مقاعد برلمانية من جانب المكون السني. 

الحلبوسي بات أمام خيارين أحلاهما مر، كلاهما يدفعانه للرضوخ، إما الاصطفاف مع خصمائه من الأحزاب السنية بقبول سالم العيساوي كمرشح لرئاسة البرلمان، وهو الذي رشحه تحالف “السيادة” و”حسم” و”العزم”، أو الاصطفاف مع زعيم “ائتلاف دولة القانون” نوري المالكي، بالمضي مع خيار ترشيح محمود المشهداني.

هنا اختار الحلبوسي الذهاب مع المالكي الذي يمثل كتلة شيعية ضد خصومه من مكوّنه السني، وذهبت مقولته التي يرددها مرارا وتكرارا “الإزاحة الجيلية” وإبعاد الختيارية والمجيء بجيل الشباب للمناصب السياسية أدراج الرياح، فقط لأن العيساوي يهدد مصلحته الشخصية السياسية، فاختار ترشيح المشهداني -أول رئيس للبرلمان العراقي بعد 2003- والذي سبق وأن كان منافسا له على منصب رئاسة البرلمان للدورة الحالية، بعد أن فاز عليه الحلبوسي حينها، ليصطف اليوم مع خصم الأمس. 

الحلبوسي – إنترنت

المعطيات لجلسة الغد هي كالآتي، منافسة بين العيساوي والمشهداني، ومن يريد حسم الفوز من الجولة الأولى، عليه حصد أصوات “النصف + واحد” من مجموع نواب البرلمان الكلي، أي 165 صوتا من أصل 329 صوتا، وإلا فسيذهبان لجولة ثانية لحسم المنصب، وحينها من يحصد أعلى الأصوات سيكون رئيس برلمان العراق بغض النظر عن مجموع الأصوات. 

ما يحدث، هو أن العيساوي مرشح كل الكتل السياسية السنية -باستثناء الحلبوسي- والتي يبلغ عدد نوابها قرابة 37 نائبا، أما المشهداني فهو ظاهريا مرشح الحلبوسي الذي يمتلك حزبه 35 مقعدا، وبالتالي فإن حسم الفائز بمنصب الرئاسة سيحتاج لأصوات الأحزاب الشيعية والكردية. 

واقعيا، فإن المشهداني هو مرشح المالكي، الذي أجبر الحلبوسي على الذهاب مع خياره، لمنع خصومه السنة من تولية العيساوي لمنصب الرئاسة، وقلق الحلبوسي من العيساوي، يأتي لأن الأخير ابن محافظته الأنبار، ويخشى في حال فوزه من أن يسحب منه بساط قاعدته الشعبية التي كوّنها في الأنبار لصالحه، كما فعل هو عندما استولى على أفئدة الانباريين حينما كان رئيسا للبرلمان. 

3 سيناريوهات لجلسة السبت 

مع المالكي والحلبوسي، تقول المصادر، إن كتلة “الاتحاد الوطني الكردستاني” التي أسسها الرئيس العراقي الأسبق جلال طالباني، وبات يقودها أولاده اليوم، هي أيضا ستسير مع خيار المشهداني، فضلا عن بعض الأصوات المتأرجحة من هنا وهناك، وبجمع هذه الأصوات، فإن المشهداني يملك قرابة 100 – 110 صوت. 

العيساوي ترشحه الكتل السياسية السنية، وكذلك تقف في دعمه كتلة “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود بارزاني، إضافة إلى قوى “الإطار التنسيقي” باستثناء المالكي، ناهيك عن عدد من النواب المستقلين، والأحزاب الناشئة الصغيرة، وبالتالي يقترب العيساوي من امتلاك 170 – 180 صوتا، وهو رقم يؤهله للفوز برئاسة البرلمان. 

مع ذلك، في الإعلام تتعالى الأصوات مؤخرا، بأن المشهداني هو الأوفر حظا، لسبب واحد، هو قوة المالكي السياسية، خاصة وأن رئيس الحكومة شياع السوداني من كتلته سابقا، وأسّس تياره الجديد “الفراتين” كتمويه لا أكثر، ناهيك عن أنه جاء برئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد رئيسا للبلاد عكس رغبة الحزبين الكرديين “البارتي” و”اليكتي”، ولذا فإنه حين يصر على أمر، يناله.

في المقابل، فإن إرادة العديد من النواب قد تخرج عن توصية رؤساء كتلهم، ويصوّت كل نائب حسب قناعته، وهنا فإن أغلبية النواب يميلون بأفئدتهم صوب العيساوي، وسبق وأن تمرد النواب على قادتهم في 2018، عندما صوّتوا لاختيار برهم صالح رئيسا للجمهورية، عكس اتفاق رؤساء كتلهم بتنصيب فؤاد حسين رئيسا للبلاد. 

في النهاية، فإن جلسة السبت ستكون أمام 3 خيارات، المضي مع إرادة القادة الأقوياء وتنصيب المشهداني رئيسا للبرلمان، أو الذهاب وفق قناعات النواب واختيار العيساوي رئيسا لمجلس النواب، أو إفشال عقد الجلسة، وبقاء كرسي الرئاسة مفقودا إلى أجل غير مسمّى. أي سيناريو سيحدث، هذا ما ستجيب عنه جلسة السبت، أليسَ السبت بقريب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات