أزمة حادة يشهدها العراق بين جمهوري “التيار الصدري” و”الإطار التنسيقي”، نشبت مع انتهاء عرض مسلسل “آمرلي”، ليلة أمس الأحد، ولكن السؤال، هو ما علاقة المسلسل بالأزمة الحاصلة؟ 

“آمرلي” هو أبرز عمل في السباق الرمضاني لهذا العام، يوثق صمود مدينة آمرلي أمام تنظيم “داعش” إبّان سيطرته على ثلث مساحة العراق بين عامي 2014 و2017، قبل هزيمته في 9 كانون الأول/ ديسمبر 2017 على يد القوات العراقية و”التحالف الدولي”، ليصبح هذا اليوم “يوم النصر” ويُحتفى به كل عام.

لمحة عن “آمرلي” 

العمل هو مسلسل في إطار حربي درامي يتناول قصة مدينة آمرلي العراقية الواقعة ضمن حدود محافظة صلاح الدين شمال العاصمة العراقية بغداد، التي اشتهرت بمقاومتها لحصار “داعش” ومنعها له من احتلالها، إذ حاول التنظيم وعلى امتداد 3 أشهر بين حزيران/ يونيو وأيلول/ سبتمبر 2014 أن يدخلها فلم ينجح رغم منعه دخول الماء والغذاء إلى أهالي المدينة، وبعد 84 يوما من الدفاع المستميت دخلت القوات الأمنية المدينة وطردت “داعش” الذي هُزم دون احتلال المدينة الصغيرة. 

المسلسل هو ملحمة رومانسية بسياق إنساني، وتدور أحداثه في إطار درامي اجتماعي تشويقي، ويتحدث عن قصة الدكتور (رافد) الذي يتعرض لضغوطات، تجبره وعائلته على الانتقال إلى مدينة آمرلي لتبدأ الأحداث بالتداعي، ضمن سياقات عدة، سيكون للسياق الإنساني، الدور الرئيسي فيها.

العمل من تأليف الكاتب العراقي الشاب جعفر تايه، وإخراج المخرج السوري أحمد إبراهيم أحمد، وبطولة الفنان الإيراني مصطفى زماني -صاحب دور يوسف الصديق في مسلسل النبي يوسف ذائع الصيت- وناريمان الصالحي وكاظم القريشي، ومازن محمد مصطفى وعواطف السلمان.

أمس، كانت الحلقة 21 من المسلسل الذي عُرض على شاشة “الرابعة” الفضائية العراقية، وهي الحلقة الأخيرة، ومع نهاية العمل، نشبت أزمة غير طبيعية عبر منصات التواصل الاجتماعي في العراق، بين “الصدريين” و”الإطاريين”، فما الحكاية؟ 

“الصدريون” هم أتباع “التيار الصدري” الذي يقوده مقتدى الصدر، المنسحب من العملية السياسية منذ عامين بعد عدم تمكنه من إبعاد قوى إيران عن تشكيل الحكومة العراقية عقب انتخابات تشرين الأول/ أكتوبر 2021، أما “الإطاريين” فهم جمهور الأحزاب المقربة من إيران التي تحكم البلاد الآن بعد أن أتاح لها انسحاب الصدر الفرصة للبقاء وحيدة في الحكم، والتي يعود لها “الحشد الشعبي” والفصائل المسلّحة المقربة من إيران بالولاء. 

سبب الأزمة 

نشوب الأزمة كان حادا جدا، شتائم وطعن متبادل بالأَعراض يواجهه أي شخص ينشر تدوينة عن العمل، حتى أولئك الذين يكتبون عنه بحياد، والسبب هو أن الجمهور الصدري، يقول إن المسلسل زيّف الحقائق، إذ أظهر أن “الحشد الشعبي” هو من حرّر مدينة آمرلي، والحقيقة بحسبهم، أن “سرايا السلام” التابعة لمقتدى الصدر، هي التي حرّرت المدينة، معتبرين أن القائمين على المسلسل قاموا باستغلال المدينة وضحاياها بنسب تحريرها لجهة لا علاقة لها بتحرير آمرلي مطلقا، على حد قولهم. 

في المقابل، يقول “الإطاريون”، إن “الحشد الشعبي” شارك بتحرير آمرلي، وأن “سرايا السلام” هي جزء من “الحشد”، وبالتالي فإن الطرفين شاركا في معركة تحرير المدينة، ولا وجود لأي تشويه في الحقائق، وهو ما يرفضه جمهور “التيار الصدري” جملة وتفصيلا، معبّرين عن غضبهم من إنتاح المسلسل، حتى أن بعضهم اعتبر أن المسلسل إيرانيا وليس عراقيا.

البعض من المدونين من وسط المجتمع المدني، اصطفّوا مع “التيار الصدري” بقولهم إن “آمرلي”، مسلسل إيراني، وهنا السؤال، لماذا يتم مثل هذا الطرح؟ الجواب؛ لأن المسلسل أنتجته شركة إيرانية متخصصة بالدراما، وتم تصويره في إيران وآمرلي، لكن الجزء الأكبر منه كان في إيران، إضافة إلى أن نجم العمل، هو الفنان الإيراني، مصطفى زماني، ناهيك عن تسويق العمل وعرضه في إيران وروسيا بعد دبلجته للغتين الفارسية والروسبة. 

صحيح كل ذلك، لكن الصحيح أيضا، أن مؤلف وكاتب العمل، هو عراقي، وأن الممثلين -باستثناء زماني- كلهم من نخبة الفنانين العراقيين، ناهيك عن أن مخرج المسلسل، أحمد إبراهيم أحمد، من سوريا وليس إيرانيا، والعمل بمجمله وثّق حقبة تاريخية مرّت بها مدينة آمرلي بشكل إنتاجي رائع، وفق النقاد، أما الاختلاف حول من حرّر المدينة، فهو صراع سياسي؛ لأن المدينة تحررت على أيدي الطرفين المتخاصمَيْن، إضافة إلى القوات الأمنية العراقية بمختلف صنوفها، وبالتالي لا أحد حرّر آمرلي بمفرده. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات