خلال زيارة عضو “الكونغرس” الأميركي، كوري ميلز إلى دمشق، التقى مع رئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ومسؤولين آخرين من حكومته، حيث ناقش ملفات حساسة وشائكة تتعلق بمستقبل سوريا بعد التغيير السياسي الجذري الذي شهدته البلاد، قبل أزيد من أربعة أشهر. 

وأجرى ميلز نقاشات موسعة حول سُبل الانتقال إلى نظام حكم ديمقراطي تعددي وشامل، إلى جانب مصير المقاتلين الأجانب والعلاقات مع إسرائيل وإيران وتركيا. 

المقاتلون الأجانب

ميلز قال إنه ذهب إلى دمشق بذهن منفتح، ساعياً لفهم كيفية بناء سوريا جديدة يعيش فيها الشعب بحرية بعد سنوات من الاضطهاد، وكيف يمكن لهذه الدولة أن تتحول إلى قوة نموذجية في المنطقة.

وأضاف أن الرؤية المطروحة حول الحكم في سوريا تتضمن تمثيلاً لجميع مكونات المجتمع، بمن فيهم اليهود، والمسلمون، والعلويون، والنساء 

فيما يتعلق بالمقاتلين الأجانب في سوريا، فإن مصيرهم سيكون إما الدمج وفق القوانين أو الترحيل، بحسب ما قال المسؤول الأميركي في لقاء متلفز. 

ويعتبر ملف المقاتلين الأجانب من الملفات الحساسة التي تشغل الولايات المتحدة، وهو من ضمن المطالب الثمانية التي سلّمتها الدبلوماسية الأميركية فرانشيسكا لـوزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني على هامش مؤتمر بروكسل في آذار/مارس الماضي.

وطلبت الولايات المتحدة تشكيل جيش مهني وعدم وضع المقاتلين الأجانب في مناصب قيادية حساسة، وهو ما لم يتم إدراجه ضمن ردّ دمشق على المطالب، بحسب ما علِم موقع “الحل نت” من مصدر سوري مطّلع، في وقت سابق. 

وكان الشرع قال في كانون ثاني/يناير الماضي، إن المقاتلين الأجانب الذين ساهموا في الإطاحة بنظام الأسد “يستحقون المكافأة”. بينما أعلنت “الإدارة السورية” الجديدة عن تعيين عدد من المقاتلين الأجانب في مناصب عسكرية عليا. 

العلاقات الإقليمية

المسؤول الأميركي قال إن الشرع أظهر انفتاحاً على العمل مع الدول المجاورة وعلى تطبيع العلاقات بما يحقق السلام الشامل، مبيناً أنه لا يسعى إلى السلطة أو المال، بل إلى رفع العقوبات وقيادة سوريا نحو مستقبل مزدهر وسلمي.

الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع يلتقي مع عضو الكونغرس الأميركي كوري ميلز في قصر الشعب بدمشق – الرئاسة السورية

وأضاف أن أحد أبرز المواضيع المطروحة خلال زيارته إلى دمشق، كان سبل التعامل مع العلاقات السورية الإسرائيلية، لا سيما ما يتعلق بملف الحدود، وفق ميلز. 

فيما يتعلق بموقف الشرع من “اتفاقات أبراهام”، قال ميلز إن الأخير أبدى استعداداً للتعاون مع إسرائيل، لا سيما في ضبط الحدود ومنع تهريب الأسلحة، وأكد رغبته في بناء علاقات دبلوماسية مع جميع الدول المجاورة، من منطلق تعزيز الاستقرار والحوار الإقليمي.

أما فيما يخص العلاقات مع إيران، قال ميلز إن الشرع أبدى حرصه على الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية، بما في ذلك الإبقاء على السفارة، لكنه عبّر في الوقت ذاته عن رفضه لمحاولات زعزعة الاستقرار أو التغلغل الإيراني المزعزع. 

وفي الشأن الأمني، نوّه ميلز بدور الشرع في منع استخدام الأراضي السورية لتهريب الأسلحة إلى لبنان، خاصة من قبل الحشد الشعبي، وأشار إلى وجود انفتاح نحو تعزيز العلاقات مع إسرائيل، وربما حتى توقيع اتفاقات سلام موسعة، في إطار الرغبة في ضمان الاستقرار الإقليمي.

الاجتماع تطرق أيضا إلى العلاقات السورية التركية، مؤكداً أنه التقى نائب وزير الخارجية التركي في إسطنبول لمناقشة ملف الاستقرار الإقليمي والتنسيق حول الملف السوري، وأهمية منع استخدام سوريا من قبل دول أجنبية كأداة نفوذ. 

رفع العقوبات الأميركية

وفي سياق الحديث عن العقوبات، أكد عضو “الكونغرس” الأميركي، كوري ميلز، أن قرار رفع العقوبات عن سوريا يعود إلى الرئيس الأميركي، إلا أنه يدعم هذا التوجه شريطة أن تكون هناك ضمانات واضحة بعدم خضوع سوريا لنفوذ النظام الإيراني، وضمان قدرة الولايات المتحدة على العمل إقليمياً، ووقف جميع أشكال الاضطهاد على أساس النوع أو المعتقد. 

واعتبر أن العقوبات تعيق جهود التحديث، بما في ذلك تطوير الموانئ والتكنولوجيا التجارية وسلاسل الإمداد، وحتى القدرة على التواصل داخل سوريا. إذ أكد أهمية استخدام تقنيات مثل “ستارلينك” لضمان تواصل السوريين في مختلف المناطق. 

وأضاف أنه ناقش مع وزارة الاتصالات السورية ضرورة تمكين سوريا من استخدام تقنيات حديثة والتوقيع على اتفاقيات تجارية جديدة مع الغرب والمنطقة، بما يضمن انخراطها في الاقتصادين الإقليمي والدولي. كما شدد على أهمية إشراك سوريا في طاولة المفاوضات في أي مسار يتعلق باستقرار الشرق الأوسط. 

بشأن الوجود العسكري الأميركي في سوريا، أوضح أن القرار يعود إلى وزارة الدفاع و”البيت الأبيض” ومستشار الأمن القومي، مشيراً إلى أن زيارته إلى دمشق كأول عضو في “الكونغرس” بعد سقوط نظام الأسد كانت تهدف إلى تقييم فرص التعاون مع الحكومة الجديدة.

وفي ختام حديثه، شدد ميلز على ضرورة أن يكون الحل في سوريا بقيادة السوريين أنفسهم، لا أن يُفرض من الخارج، مؤكداً أن احترام إرادة الشعوب هو الأساس في بناء استقرار حقيقي ومستدام.

ميلز التقى، إلى جانب النائب الأميركي مارلين ستوتزمان، مع الشرع في قصر الشعب بدمشق، يوم الجمعة الماضي، بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني، في زيارة هي الأولى من نوعها لوفد من “الكونغرس” الأميركي إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد، بغية استكشاف واقع البلاد وبحث آفاق إقامة علاقات جديدة معها. إذ جاءت الزيارة برفقة عدد من أفراد الجالية السورية المقيمين في الولايات المتحدة، في زيارة وُصفت بأنها “مهمة لتقصي الحقائق”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات