تشهد مناطق متفرقة في الساحل السوري، إلى جانب العاصمة دمشق، تصاعدا خطيرا في حوادث الخطف والاختفاء القسري، وسط غياب أمني مطبق.

ويقول تقرير حديث لـ”المرصد السوري لحقوق الإنسان”، إن حوادث الخطف تتكرر من القرداحة الساحلية إلى دمشق دون أي توضيح من الجهات الرسمية أو فتح تحقيقات جدية، في ظل ما يبدو أنه تآكل لسيادة القانون وهيمنة مجموعات مسلّحة باتت تمارس سلطتها فوق الدولة.

وأشار “المرصد السوري” إلى تورّط فصائل مسلّحة في حالات الاختطاف، إذ تعمل هذه الفصائل خارج إطار المساءلة والرقابة، ما يثير مخاوف السكان ويعزز شعورهم بانعدام الأمان.

تزايد حوادث الخطف

منذ عدة أشهر، ولا سيما بعد المجازر التي ارتُكبت بحق أهالي الساحل السوري في آذار/مارس الماضي، على يد فصائل مسلحة متشددة محسوبة على الإدارة السورية الجديدة، تشهد المناطق الساحلية تصاعدا لافتا في حالات الخطف، وسط اتهامات لعناصر منضوية ضمن فصائل مسلّحة محسوبة على الإدارة في دمشق بالضلوع في هذه العمليات.

ووثق “المرصد السوري” تفاصيل الحوادث خلال الأيام القليلة الماضية، قائلا: “اختطف مسلحون مجهولون شابا مساء الأربعاء الماضي في مدينة حلب”.

وطبقا لمعلومات “المرصد السوري”، وقعت الحادثة مساءً قرب دوّار الكرة الأرضية، أحد أكثر المناطق حيوية في المدينة، حيث أقدم مسلحون يستقلون سيارتين على اعتراض طريق محمد واقتياده بالقوة إلى جهة مجهولة، وأكدت العائلة أن عملية الخطف تمت بدافع طلب فدية مالية.

وفي اليوم الأول من شهر أيار/مايو الجاري، اختُطف شاب من منزله في قرية عين العروس بالقرداحة، على يد قائد فصيل مسلح في المنطقة.

كذلك وفي اللاذقية، اخُتطف قاصر (17 سنة) وهو وحيد أهله، من أمام مدرسة رفيق سكاف بسيارة “شيفروليه”، وعند مراجعة الأمن العام، أفادوا أن السيارة “تتبع لفصائل وليس للأجهزة الرسمية”.

كما فُقد الاتصال مع سائق من بلدة الرويمية في ريف اللاذقية صباح 4 أيار/مايو الجاري، ووجدت سيارته متوقفة قرب شركة الجود دون أثر له.

وفي مدينة الحفة الساحلية، فُقد شابان بعد ذهابهما إلى مدينة اللاذقية لاستلام حوالة مالية، ولم يُعرف عنهما شيء منذ ذلك الحين، وفق ما وثقه “المرصد السوري”.

كما اختطف شاب على طريق التل – دمشق بتاريخ الثاني من آذار/مارس الفائت على يد مسلحين ملثمين كانوا يستقلون سيارة “سنتافيه” فضية، صادروا الهواتف والهويات والمصاغ الذهبي، ولم يُعرف عن الضحية أي شيء حتى اللحظة.

استمرار عمليات القتل بحمص

وفي ظل التفلت الأمني المنتشر في العديد من المناطق السورية، تتواصل في مدينة حمص سلسلة من حوادث القتل العشوائي التي ينفذها مسلحون مجهولون، وغالبا ما يستقلّون دراجات نارية، وسط غياب تام للسلطات الأمنية وغياب أي مؤشرات على المحاسبة أو الردع، ما يثير مخاوف من تفاقم الفوضى وتنامي العنف المسلح.

وفي أحدث هذه الحوادث، وفق ما تم توثيقه من قبل وسائل إعلام سورية محلية، فقبل يومين، قتلت السيدة وكيلة محمود درويش وابنتها الشابة بتول أحمد سطام، البالغة من العمر 20 عاما، وإصابة أخرى شهد أحمد سطام، البالغة من العمر 11 عاما، في حي وادي الذهب بحمص، على أيدي مسلّحين يستقلّون دراجة نارية، حيث قاموا بإطلاق النار عليهم ولاذوا بالفرار.

كذلك، قُتلت مواطنة من مدينة حمص، وتبلغ من العمر 35 عاما، مساء السبت الفائت، جراء إطلاق نار مباشر أثناء جلوسها مع زوجها على شرفة منزلهما في حي وادي الذهب. والضحية تعمل معلمة وأم لطفلين، وقد فارقت الحياة متأثرة بإصابة بالغة، بينما نجا زوجها رغم إصابته في يده.

شهود عيان أفادوا بأن شخصين ملثمين يستقلان دراجة نارية اقتربا من المبنى وأطلقا النار قبل أن يلوذا بالفرار دون أن تُعرف هويتهما، وفق تقارير صحفية.

ويأتي هذا الحادث بعد نحو أسبوعين من جريمة مشابهة وقعت في حي فرن النازحين بحمص، حين أطلق مسلحان النار على عائلة أيمن زيود أثناء جلوسهم في باحة منزلهم، ما أسفر عن مقتل الزوجة لينا عواد (أم مازن) وضيف العائلة الشاب مصطفى، إلى جانب إصابة رب الأسرة وابنه بجروح متفاوتة.

لا شك أن هذه الحوادث العنيفة والعشوائية تعكس هشاشة الوضع الأمني ​​في المدينة، وتفتح الباب أمام المزيد من التصعيد. فيما يبدو أن غياب المحاسبة وتجاهل السلطات السورية الجديدة لنداءات الأهالي بتوطيد الأمن والاستقرار وضبط هؤلاء المسلحين المنفلتين، وفتح تحقيقات جدية حيال حوادث الخطف والاختفاء القسري، سيزيد حتما الشعور لدى المدنيين بأن الدولة لا تملك القدرة أو ربما متواطئة في انتشار هذه الفوضى الأمنية.

ويُحذر الخبراء من أن استمرار هذا النهج قد يُدخل سوريا في دوامة لا تنتهي من العنف المتبادل، ويؤخر فرص الاستقرار وإعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات