منذ سقوط نظام بشار الأسد في كانون أول/ديسمبر الماضي، تمر سوريا بحالة من الفراغ الأمني جراء حل الأجهزة الأمنية وفرار عدد كبير منهم بسبب ارتكابهم انتهاكات خلال 14 عاما من الثورة السورية، في حين تعمل الإدارة الجديدة على إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد، تمهيدا للبدء بعملية إعادة الإعمار واستقطاب استثمارات عربية وأجنبية.

هذه المهمة تقع على عاتق وزارة الداخلية بشكل أساسي، التي بدأت العمل على اعتماد هيكل تنظيمي جديد يهدف إلى إعادة ضبط الجهاز الأمني والشّرطي، بما يتلاءم مع التحديات الميدانية والإدارية.

5 قطاعات رئيسية

وزارة الداخلية كشفت عن خطة لإدارة الوضع الأمني في سوريا، تشمل التوجه لتقسيم البلاد إلى 5 قطاعات جغرافية رئيسية، يتولى الإشراف على كل منطقة معاون خاص لوزير الداخلية، يكون مسؤولاً عنها بشكل مباشر أمام الوزير، في خطوة تعكس تحولا في بنية المؤسسات الأمنية بعد سقوط النظام.

عناصر جهاز الأمن العام في سوريا – إنترنت

التقسيم المقترح، بحسب ما نقلت وسائل إعلام سورية، لا يغيّر من مركزية السلطة التي تبقى في دمشق، بل يأتي لأغراض تنظيمية تهدف إلى تسهيل إدارة العمليات الأمنية على الأرض.

المناطق الخمس تشمل المنطقة الشرقية التي تضم الحسكة والرقة ودير الزور، والمنطقة الشمالية وتشمل حلب وإدلب، والمنطقة الساحلية التي تضم اللاذقية وطرطوس، والمنطقة الوسطى وتشمل حمص وحماة، والمنطقة الجنوبية التي تضم دمشق ودرعا والسويداء والقنيطرة.

تأتي الهيكلية الجديدة في أعقاب تنسيق مشترك بين الوزارة ووزارات الداخلية في كل من السعودية وقطر وتركيا، بهدف الاطلاع على التجارب الأمنية في هذه الدول وبحث سبل عقد شراكات معها، وفق منصة “سوريا 24” المحلية.

وأضافت أن وزير الداخلية بدأ سلسلة تعيينات استباقية شملت تعيين عبد القادر طحّان معاونًا للوزير للشؤون الأمنية، والمقدم شادي اليوسف معاونًا لشؤون الشرطة، إضافة إلى تولي زياد العايش منصب معاون الوزير للشؤون المدنية.

هذه الخطة لم يتم اعتمادها رسميا بعد، لكن مصادر مطلعة أكدت أنها في المراحل النهائية من المراجعة وقد يتم إقرارها قريبا، وفق المنصة.

وقالت إن الوزارة تعمل على توحيد العديد من الإدارات الأمنية، حيث جرى دمج قيادة الشرطة مع مديريات الأمن العام في هيكل موحد تحت إشراف مسؤول واحد، ضمن عملية إعادة التنظيم.

ومن المتوقع، بحسب المصدر، أن تكون إدارة الأمن العام والشرطة كيانًا مشتركًا بين وزارتي الداخلية والدفاع، على أن تبقى تحت الرقابة الكاملة لوزارة الداخلية. وهناك بحث في إمكانية ضم الشرطة العسكرية والأمن العسكري إلى هذه الإدارة الجديدة، في إطار عملية توحيد المنظومة الأمنية.

بحسب مصادر خاصة لـ “الحل نت” من داخل جهاز الأمن العام، فقد بلغ تعداد المقاتلين ضمن الجهاز حتى أواسط نيسان/أبريل الفائت، ما بين 25 إلى 30 ألف مقاتل، ينتشرون في المدن الرئيسية وعلى رأسها دمشق، حلب، حماه، حمص، درعا، السويداء حديثا، دير الزور، اللاذقية، طرطوس، وعلى الطرقات الدولية، وعلى الطرقات الواصلة بين القرى والبلدات عموماً.

إدارات مستحدثة

في ظل التغير الجذري في البلاد، برزت الحاجة إلى إعادة العمل على جهاز أمني لإعادة الاستقرار وحفظ الأمن في كل المحافظات السورية، لكن هذه المهمة ليست سهلة، بعد حل الأجهزة الأمنية التي كانت في عهد النظام المخلوع وارتكبت انتهاكات جسيمة على مدار السنوات الماضية.

قوات الأمن العام تنتشر في أحياء مدينة اللاذقية لبسط الأمن والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة – “سانا”

إضافة إلى ذلك، فإن العناصر الأمنية التي تتبع لجهاز الأمن العام الحالي، ليست متجانسة ولم تخضع لدورات وتدريبات تؤهلها لإتمام مهامها، ناهيك عن نقص الكوادر البشرية والخبرة لإدارة المناطق والتعامل مع الأحداث الطارئة، كما حصل في الساحل في آذار/مارس الماضي.

أُنشئت إدارات جديدة، من بينها إدارة ملاحقة الخارجين عن القانون، التي ظهرت نتيجة الانفلات الأمني في الساحل، وتعاونت فيها الداخلية مع وزارة الدفاع لملاحقة فلول النظام السابق والمجموعات غير المنضبطة.

كما استُحدثت إدارة قوات التدخل السريع، وهي قوة جديدة بلباس مميز ومركبات سوداء، مهمتها تنفيذ العمليات الخاصة والاستجابة الفورية للأحداث.

إلى جانب ذلك، استمر العمل في تطوير الإدارات الكلاسيكية مثل المباحث الجنائية، والمرور، والسجون، ومكافحة المخدرات، والهجرة والجوازات، إلى جانب إدارات القوى البشرية، والتوجيه المعنوي، والتدريب والتأهيل، والمالية.

في الوقت نفسه، افتُتح معسكر تدريب خاص لإدارة حرس الحدود التي تنشط حاليا على الحدود اللبنانية، وما زال باب الانتساب مفتوحًا أمام المتطوعين الجدد.

وأعلنت إدارة القوى البشرية في وزارة الداخلية، أمس الجمعة، عن فتح باب الانتساب إلى إدارة الهجرة والجوازات، وذلك لتطويع عدد من الذكور والإناث الراغبين في العمل بصفة صف ضابط، وفق شروط محددة.

بناء على ذلك، فإن وزارتي الداخلية والدفاع أمام مهمة صعبة، لإدارة البلاد أمنيا وتحقيق الاستقرار الكلي، إذ يتوجب العمل بشكل فعّال على تهيئة العناصر وضبطها، إضافة إلى إنهاء ملف المجموعات المسلحة التي تنتحل صفة أمنية وتربك المشهد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة