في خطوة مفاجئة، أصدرت جماعة “الحوثي” قراراً يقضي بحظر الإعلانات الرقمية الممولة على منصات التواصل الاجتماعي في اليمن، الأمر الذي أثار سخطاً شعبياً واسعاً بين الأوساط الشبابية، كما اٌعتبر هذا القرار استهدافاً مباشراً لأرزاق آلاف اليمنيين، الذين يعتمدون على الإنترنت، كمصدر دخل وحيد في ظل الحرب. 

ورغم أن شركة “يمن نت” التي تسيطر عليها جماعة “الحوثي”، ترفض إصدار أي توضيح رسمي، غير أن مراقبين يربطون بين هذا القرار وبين الحملة الإعلانية التي سبقت ذلك، والتي استهدفت الجماعة بشكل مباشر على المنصات الرقمية، أثناء الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة، أو عبر إعلانات وزارة الخزانة الأميركية التي تحث اليمنيين على الإبلاغ عن شبكات تمويل الجماعة. 

حملة إلكترونية تفضح القمع “الحوثي” 

أطلق ناشطون يمنيون وسم #يمن_مت في إشارة ساخرة إلى حال شركة “يمن نت”، الشركة الخاضعة لسيطرة جماعة “الحوثي” المحتكرة للانترنت، التي وصفوها بأنها جماعة “تمنع الخدمة، وتقطع الأرزاق، وتغلق آخر نوافذ الأمل في بلد يعيش أسوأ أزماته”. 

كتب أحد المشاركين، في اليمن يوجد “أبطأ انترنت في العالم، تنقطع الخدمة في أي وقت، توقف الإعلانات.. لم يبقَ إلا إعلان رسمي بإعدام كل من يفكر يشتغل أونلاين!”. 

بينما غرد آخر، “القرار لا يستهدف الإعلانات المخالفة كما يدّعون، بل يهدف لخنق كل نشاط مستقل خارج سلطة الجماعة، حتى لو كان شاباً يبيع تيشيرتات على الفيسبوك!” 

ضربة للمشاريع الصغيرة 

الناشط عبد اللطيف الزيلعي أوضح أن قرار إيقاف الإعلانات الممولة على مواقع التواصل الاجتماعي، شكّل ضربة قاسية لآلاف الشباب وأصحاب المشاريع الصغيرة، الذين يعتمدون عليها كمصدر رزق أساسي.

وقال الزيلعي، في تصريح نشره على صفحته بمنصة “فيسبوك”، إن “الكثير من الأسر والشباب الذين لا يملكون متاجر فعلية كانوا يروّجون لمنتجاتهم وخدماتهم من خلال الإعلانات الممولة”، مؤكدًا أن “هذه الإعلانات ساعدتهم في الوصول إلى جمهورهم دون الحاجة لرأس مال كبير أو قنوات تسويق تقليدية”. 

وأشار الناشط اليمني إلى أن هذا الإجراء طال أيضا “صنّاع الملابس والحقائب والحرفيين، بالإضافة إلى المبرمجين والمدونين وصناع المحتوى”، موضحاً أنهم “كانوا ينفقون عشرات الدولارات للإعلان عبر مواقع التواصل، بينما أصبحوا اليوم بحاجة إلى آلاف الدولارات للظهور عبر القنوات الفضائية، وهو ما لا يملكونه”.

وأكد الزيلعي أن البعض يبرر القرار بالحديث عن الإعلانات غير المناسبة، لكنه يرى أن الحل كان ينبغي أن يتم بحجب تلك الإعلانات المسيئة فقط، بدلاً من حرمان الجميع من وسيلة الإعلان الوحيدة المتاحة لهم. 

وختم تصريحه بالقول إن “إيقاف الإعلانات الممولة لا يحد من الإزعاج كما يُروّج له، بل يُفاقم من معاناة الناس ويقطع أرزاقهم في وقت تزداد فيه الظروف الاقتصادية سوءا. 

سياسة قمعية 

ولا يمكن فصل قرار إيقاف الإعلانات الممولة عن السياسات القمعية التي تنتهجها جماعة “الحوثي” ضد الشعب اليمني، سواء عبر فرض الجبايات، أو مصادرة الحريات، أو التحكم الكامل في موارد الدولة وشبكات الاتصالات. 

هذا الإجراء الذي حرم آلاف الشباب من مصدر دخلهم الوحيد، يكشف أن جماعة “الحوثي” لا تعبأ بمعيشة الناس، ولا تسعى إلا لإحكام السيطرة على الفضاء العام، حتى لو جاء ذلك على حساب جوع المواطنين وإغلاق آخر منافذ رزقهم. 

في وقت تزداد فيه البطالة وتنهار مؤسسات الدولة في اليمن، ما تزال جماعة “الحوثي” تمضي في مسار لا ينتج سوى الفقر والدمار، ويزيد من عزلة اليمنيين ويخنقهم اقتصادياً واجتماعياً، في ظل صمت داخلي وقصور دولي عن كبح جماح هذا المشروع الإيراني التخريبي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات