ايران1

الحروب في سوريا والعراق تمتص إيران إلى النزاعات المتشابكة أكثر من أي وقتٍ مضى.

3 كانون الثاني، 2015، إكنومست، من النسخة المطبوعة

ترجمة موقع الحل السوري

 

حرّك العديد من الرؤساء مراجل الحرب التي أنهكت سوريا والعراق، ولكن ربما لم يقم أحدهم بحركة قوية وواسعة جداً مثلما فعلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وعلى خلاف التحالف الدولي الذي شُكّل بقيادةٍ أمريكية لمحاربة الدولة الإسلامية (داعش)_ وهي جماعة إسلامية سنيّة متطرفة، ذلك عقب إندفاعها الصيفي نحو بغداد_  والذي اقتصر دوره على الضربات الجوية خلافاً لروسيا والبلدان العربية التي قامت بتسليح الأطراف المعارضة في سوريا، فإن إيران أقحمت نفسها جسدياً في النزاعات المتشابكة. لم تقم بمجرد إرسال الوقود والأسلحة إلى سوريا، بل أرسلت أيضاً مئات المستشارين من نخبة قوات الحرس الثوري الإيراني (IRGC) وكذلك أرسلت آلاف المقاتلين من الجيوش الشعبية الشيعية التي قامت إيران برعايتهم وتسليحهم وتدريبهم وتمويلهم في كل من لبنان والعراق.

ففي يوم 29 كانون الأول من العام المنصرم، تأكّد عمق إلتزامها من خلال حَدَثَين وقعا في العاصمة الإيرانية طهران. شارك الضباط والسياسيون صباح ذلك اليوم في شرف جنائزي للجنرال حميد تقوي ، العميد في الحرس الثوري الإيراني و الذي قضى برصاص قناص في مدينة سامرّاء العراقية، وهو بطل الحرب العراقية الإيرانية التي وقعت خلال 1980 – 1989، والذي يعتبر حتى الآن أكبر ضابط إيراني قتل خلال القتال في العراق. وبعد ذلك بوقتٍ قصير، تلقى وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان رسمياً نظيره العراقي خالد العبيدي. وتعهّد لاحقاً السيد دهقان في مؤتمرٍ صحفي له، تعهد بمساعدة إيران في الجهود المشتركة لتطهير العراق من الإرهاب.

إن ضلوع إيران في النزاعات المجاورة ليس بالأمر الجديد، فالسيد دهقان بنفسه خدم في لبنان في الحرب الأهلية الدائرة خلال 1975 – 1989. بصفته مؤثراً بالحرس الثوري الإيراني، وزعيماً إيديولوجياً للثوة الإيرانية، فقد يكون له بعض الفضل في إنشاء حزب الله _الجيش الشعبي الشيعي القوي في لبنان_ وربما كذلك له أثراً في تفجير الثكنة العسكرية الأمريكية في عام 1983.

لقد أثرت هذه الروابط الشخصية والمؤسساتية بشكل كبير على الإستراتيجية الإقليمية اللاحقة لإيران. ساعدت النتائج المُحققة من ما كان يُنظر إليه كحرب عصابات ناجحة شنتها قوات حزب الله لطرد إسرائيل من احتلالها الطويل للجنوب اللبناني على دفع إيران لتبني محاولة مماثلة في العراق الهدف منها الإطاحة بالقوات الأمريكية بعد غزوها العراق عام 2003 ، وكانت وسيلتها بذلك الميليشيات الشيعية التي شنّت آلافاً من الهجمات الفتاكة ضد القوات الأمريكية.

كانت إيران سريعة في دعمها لبشار الأسد عندما ثار شعبه ضدّه في عام 2011، ذلك بصفتها الحليف المقرّب للنظام السوري منذ عام 1980. سوريا تدعم حزب الله ليس فقط مادياً، إنها محور آراء الحرس الثوري بإعتباره محور المقاومة ضد الجهود الأمريكية الواضحة لتأكيد هيمنتها على المنطقة.

ربما كان سيسقط السيد الأسد لولا المساعدة الإيرانية له، لقد قُتل أكثر من ألف من المقاتلين الشيعة في دفاعهم عنه منذ 2012. و لقد فقدت إيران أيضاً ثلاثة جنرالات على الأقل في سوريا. وتزعم مصادر في المعارضة السورية أن إيران قد أنفقت ما يصل إلى 15 بليون دولار أيضاً على المساعدات، وأن معظم مساعداتها كان على شكل وقود، ذلك لدعم النظام السوري.

لم تُحسب تكلفة إيران هذه _ خسارتها في الدم والمال_ ومن المحتمل أن تصبح أكبر كلما انخفضت أسعار النفط. رغم التورط الإيراني _مثل أمريكا_ والمتشابكة مع التناقضات. يلقي الساسة الإيرانيين المتشددين عقائدياً اللوم على أمريكا لإنتاجها جماعات مثل الدولة الإسلامية، ذلك بينما يتشارك الحرس الثوري الإيراني وأمريكا  عبء القضاء على تلك الجماعة.

تهدد الميلشيات الشعبية الشيعية العراقية أي عزاة، سواء أميركيين أو متحالفين، حتى بينما يتمتعون بالغطاء الجوي لقوات التحالف. وفي سوريا، لدى إيران فكرة قليلة مثل أي شخص آخر عن كيفية يتم إتمام اللعبة حتى النهاية والخروج منها. بالرغم من الدعم من قبل كل من إبران التي تقدم المساعدات على الأرض، وعملياً من قبل قوة السلاح الجوي الأمريكي، إلا أن السيد الأسد لم يعد يمتلك القوة أو المصداقية للحكم أكثر بكثير من ما تبقى من بلاده المدمرة.

من النسخة المطبوعة: الشرق الأوسط وأفريقيا.

 

 

 

 

 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.