رشا عباس

المذيع منصور: قبل أن نبدأ الحوار مولانا، أرى أن يكون اللقاء خالياً من أية رموز مؤثرة أو مشتتّة للانتباه، ماذا لو أزحنا هذا العلم قليلاً عن الطاولة؟

 

(إعتام كامل للغرفة، وصوت رشّاشات تخرج من مكانها)

“صقاح” صفعة خاطفة، ثم إضاءة من جديد.

الحارس: إذا كنت تظنّ أنّك في حضرة #خالد_الخوجة فلا تنتظر من الأمير أقل من أن يتصرّف كأحمد الجربا.

(صوت سوط يضرب في زاوية ما من المكان)

منصور يشير بارتباك للمصور ليستأنف إعداد الكاميرا، في هذه الأثناء يحاول تلطيف الجو مع الأمير.

منصور: ولكن هذا الكرسي جميلٌ جداً، أخشى أن تصيبني متلازمة الحكّام ولا أستطيع النهوض عنه.. كان يجب أن تصنعوا لي نسخة ستانلس ستيل.. أها ها..

الأمير يترك التابلت الذي يقلّب فيه من يده وينظر باستغراب إلى المذيع.

منصور: تعرف، النكتة حول الكرسي والتصاق الحاكم والستانلس.. حسناً أياً يكن انس الموضوع، لقد بدت أكثر إضحاكاً في ذهني.

الأمير يعود لمراقبة محاصيله في #لعبة_المزرعة_السعيدة على التابلت.

منصور: من المشوّق للغاية أنّكم بتّم على بعد 30 كم فقط عن #القرداحة، سيكون هذا الجزء من الحديث مشوّقاً.

الأمير يفقش بإصبعه فيسرع المصوّر لإطفاء الكاميرا مذعوراً. حارس الأمير ينحني على منصور هامساً: “شريك، هل ترى هذا الجدار؟” منصور يلاحظ بإعجاب الجدار المزيّن بعدة لوحات تجريدية.

منصور: “نعم هذه الأعمال قيمة، تكاد تنطق بالتفاصيل”

الرجل: “نعم، ولكن يعيبها التقشّف اللوني الذي اشتهر به الفنان كصرخة فنية ضد واقع الإبهار البصري. عنّي شخصياً أراه أكثر نجاحاً في البورتريهات، على كلّ إذا تحامقت مرة أخرى أثناء اللقاء فسترى كيف تنفرش تلافيفك الدماغية على الجدار متغلّبة على التقشّف اللوني، لا داعي لأية تفاصيل حول أي مكان وزمان تدلّ أي مشاهد على مواقعنا، لا داعي لتفاصيل حول أي شيء على الإطلاق”.

منصور يشير للمصور مرتبكاً ليعيد تشغيل الكاميرا ويبدأ من جديد:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم وأرحب بكم في حلقة جديدة من البرنامج والتي نصوّرها من.. (يراقب حارس الأمير بذعر والذي يشير إلى رقبته) من مكان ما مجهول الأبعاد تماماً وقد يكون في أي مكان. (نظرة وعيد من الحارس) لم نقل أنّ المكان في إحدى المناطق المحررة شمال #سوريا ولم نقل أنّه ليس هناك أيضاً (يبتسم منصور مع غمزة للحارس). وتعتبر الجبهة السرية التي نستضيف أميرها اليوم إحدى الركائز الأساسية لجيشٍ أو مجموعة ما. أسست هذه الجبهة السرية تماماً في أحد الأعوام بعدما عاد قائدها المجهول من بلدٍ ما بعد القيام بما لا يسعنا الحديث عنه. في حلقة اليوم نسعى لفهم أهداف واستراتيجية الجبهة المجهولة باعتبارها إحدى القوى الرئيسية العاملة على الساحة السورية في مجال قد يكون عسكرياً، ربما ثقافياً أو خدمياً وقد يكون غير ذلك. وحوارنا هو مع قائدها الذي قد لا يكون قائدها وقد لا يكون قائد أي شيء على الإطلاق. لنسمّه مبدئياً أبو فراس، وهذا كما نعلم هو الاسم الذي أطلقته العرب على #النمر، قد يتشابه اللقب مع لقب مسؤول سوري ونحن هنا لا نؤكد أنّه ليس هو بالضرورة ولكن لا نؤكد العكس أيضاً. أبو فراس مرحباً بك.

الأمير وهو منهمك بزراعة محصول الطماطم في المزرعة: أهلاً أهلاً.

منصور: أشكرك أن منحتنا هذا اللقاء.

الأمير يحصد محصول الفروالة في اللعبة.

منصور: لدي عشرات الأسئلة التي أنوب فيها عن مئات بل ملايين الصحفيين الذين تقدموا بطلباتٍ إليكم وآثرتمونا عن الآخرين.

الأمير: أهلاً أهلاً.

منصور: ما هي معركتكم أو خطتكم القادمة إذ نحن لم نقل أنّكم فصيل عسكري، ولم نقل عكس ذلك. أسأل بالنسبة لمناطق فئة معينة من الناس. قد تكون طائفة وقد تكون حركةً فنية متركّزة في المناطق الساحلية، خصوصاً وأنّ الناس تتحدث عن مجزرة تحضرها جبهتكم بحقهم، ونؤكد أن كلمة مجزرة قد تكون كلمة مجازية تعني أي شيء، ربما انتصاراً ساحقاً في مناظرة فكرية.

الأمير: أهلاً أهلاً.

الحارس ينحني ليهمس في أذن الأمير، فيترك الجهاز ويعود للمقابلة: إذا عادوا عن ضلالتهم فهم إخوان لنا.

منصور: وما هي شروط هذه العودة؟ هل من نطاق زمني يحددها؟

الأمير: لا أعرف. في الواقع لم أفكر بالأمر كثيراً كنت أحاول المشاركة في الحديث فقط.

منصور: حسناً، كيف تنظرون عقائدياً إلى الفصائل الأخرى، مع التذكير أنّ عقائدياً وفصائل والأخرى بدورها قد تكون استعارات رمزية قد لا تعبّر عن واقعٍ عسكري.

الأمير: يا إلهي كيف يمكن للمرء أن يحصل على موئل الدببة في هذه اللعبة؟ لا أريد أن أشتري ميّزات اللعبة بنقودٍ حقيقية. نعم، الفصائل كلها جيدة عموماً ليس لدينا مشكلة مع أحد.

(قطع)

في مكانٍ آخر، أمام شاشة التلفاز في مقهى، مجموعة من الشبان مجتمعون على طاولة مع رجل أكبر منهم سناً يبدو كأنّه أستاذهم يتابعون اللقاء. يطفئ التلفاز بغضب.

“إمعات، خلايا سرطانية، انظر إلى كم هذا الهراء. يقول لك كيف يمكن للمرء أن يحصل على موئل الدببة في هذه اللعبة، هذا ما يتغوّطه الكتّاب الليبراليون العرب هذه الأيام من هراء يتلقّفه إعلام النفط على الفور على أنّه زبدة الحداثة في الكتابة ملقّباً إياه بأمير أيضاً.”

أحد الشبّان: نعم إمعات.

شابّ آخر: ومادام واثقاً كل الثقة بمبادئه لماذا اختار أن يتنكر متكتماً على اسمه واسم جماعته؟

أحد الشبّان: نعم لماذا.

الأستاذ: وكأنّ ذلك خافٍ على أحد، انظر كيف يتظاهر بالسماحة قائلاً أنّ ليس لديه مشاكل مع أحد، وكأنّه ليس هو من يدخل من حسابات فيس بوك وهمية ليشتمني.

أحد الشبّان: نعم ليس هو.

شابٌ آخر: ربّما عرف أنّك أنت منشئ الصفحة الوهمية لإصدارات الأدب الرديء والتي لا تتضمن سوى مؤلفاته الأربعة الأخيرة.

الأستاذ مرتبكاً: من قال أنّني منشئ هذه الصفحة؟

الشبّان يتبادلون نظرات حائرة، يكمل الشاب: لا أعرف، لا أحد يقول أو ربما سمعت ذلك عرضاً.

الأستاذ: لا يمكن أن أنزل إلى ذلك المستوى، وهو يعرف ذلك، يغيظه فحسب أنّني إذا غمست مؤخرتي بمحبرة وجلست على ورق أبيض لظلّ ذلك منجزاً أفضل مما يكتبه.

شاب آخر: كم هي قلة تربية منه أن يلمّح بشكلٍ ساخر إليك أستاذ عندما قال أنّه لا يريد شراء الميّزات بنقودٍ حقيقية. انظر من يتّهم الناس بالضلالة بعد كل شيء.

الأستاذ: إذا كان يهددنا بمجزرة ويريد مناظرة أكاديمية، فليحصل على مناظرة ولا داعي لأتواجد أنا شخصياً، حتى أي غبيّ منكم أنتم – لا أٌقصد الإهانة – يستطيع مواجهة منطقه السفيه. يكفي، للصبر حدود.

أحد الشبان: نعم للصبر..

الأستاذ: اخرس.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.