تيم تيمان، ذا دايلي بيست، 6 كانون الثاني 2016.

ترجمة موقع الحل السوري.

 

تعدم داعش فتىً في الخامسة عشر من عمره بتهمة المثلية الجنسية، ولكنها تنقذ حياة “مُغتَصِبه”، القائد الجهادي الكبير.. ما الذي يكمن وراء سياسة الكيل بمكيالين وحشيين؟

 إن مقتل المراهق البالغ من العمر خمسة عشر عاماً، والذي لقي حتفه على يد داعش بتهمة المثلية الجنسية، لا يفضي فقط _ ومجدداً _ إلى فضح المثلية الجنسية ضمن المجموعة الإرهابية القاتلة، وإنما أيضاً إلى النفاق الذي يصاحب هذه الجماعة.

قائدا كبير في ما يسمى الدولة الإسلامية، والذي تم ذكر اسمه في تقارير على أنه أبو زيد الجزراوي، كان له نوع من العلاقة مع الفتى ذي الخمسة عشر عاماً، والذي لم يتم ذكر اسمه حتى الآن، لكن الرجل الأكبر من قائد لم يتم قتله، إنما بدلاً من ذلك، قيل أن الجزراوي جُلد، وأُجبر على مغادرة سوريا والانضمام إلى جبهات القتال في شمال غرب العراق.

الفتى، الذي قُتل في #دير_الزور، سابع كُبرى المدن السورية، ليس أول من قتل بهذا الأسلوب: فقد أصبحت صور الرجال، المتهمين وحتى الذين يُشك في كونهم شاذين، والذين يُرمون من أعلى المباني الشاهقة ليلقوا حتفهم، أصبحت مألوفة بشكل قاسٍ ووحشي.

المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره في المملكة المتحدة، أخبر صحيفة The Independent يوم الثلاثاء أنه تم قتل 25 شخصاً على الأقل من قبل #داعش بتهمة المثلية الجنسية: قُتل ستة منهم رجماً، وثلاثة بإطلاق النار على رؤوسهم، وستة عشر تم رميهم من المباني العالية.

بالنسبة لمقتل الفتى ذي الخمسة عشر عاماً، “الإعدام المروع الذي حصل أمام حشد كبير من الناس”، تحدث به ناشط إعلامي محلي وشاهد عيان إلى وكالة الأنباء السورية آرا نيوز.

تحدث الناشط الإعلامي سراي الدين إلى الوكالة قائلاً: “اتُهِم الصبي بضلوعه في علاقة جنسية شاذة مع أبو زيد الجزراوي، الضابط الكبير لدى داعش”.

وحسب ما قيل، فإن المحكمة الشرعية في دير الزور قالت ينبغي أن يتم قتل أبو زيد مثل الصبي لكونه شاذ، ولكن قادة داعش اقتضوا أن يتم ترحيله للقتال في #العراق بدلاً من إعدامه.

صبحي نحّاس، مثلي الجنس السوري الذي هرب من البلاد خوفاً على حياته، والذي شارك في خطاب صنع التاريخ لدى الأمم المتحدة العام الماضي حول اضطهاد المثليين LGBT  في سوريا، أخبر صحيفة ذا دايلي بيست أنه هناك أسباب ثقافية محتملة تقف وراء قتل فتىً وإنقاذ حياة شريكه الجنسي الأكبر، ووصفه بـ “مُغتصِب” المراهق في بعض التقارير.

وقال نحاس: “لقد وجد التقليد الذي يرتبط به الذكور البالغون من خلال علاقة استمناء جنسية مع الصبيان قبل بلوغهم _ فتية _ ومن ضمنهم الصبيان الخنثويين، قبل وجود الإسلام”. وأضاف : “لأن هذه العلاقات لم تُسفر عن حدوث الحمل، وقد أصبحت أكثر شيوعاً بعد أن تجذّر الإسلام”.

إن توصيف علاقة الفتى ذي الـخمسة عشر عاماً مع الضابط متناقضة: لقد تم وصفها بصفات مختلفة كـ “علاقة جنسية” و “اغتصاب”. كيف كانت طبيعة العلاقة بين الفتى والرجل البالغ؟ هل كانت بالتراضي أم قسرية؟ هذا غير واضح.

“ثقافياً، وبعد تشكيل الإسلام، نسب الناس اللواط إلى اغتصاب الأطفال”، قال نحاس الذي يعمل الآن ناشطاً مع منظمة ( ORAM )  التي تُعنى بشؤون اللاجئين وطالبي اللجوء والهجرة.. “ليس هناك علامة فارقة تُستخلص للتمييز بين الحالتين، إذا ما اغتصب أحدهم فتىً يطلقون عليه لقب شاذ جنسياً، وليس مغتصب أطفال. لربما حصل هذا القائد على نوع من التنازل منحه إياه قرينه”. إنهم يعتقدون، أنه “يقوم بأشياء عظيمة من أجل الناس. لا يمكن أن نقوم بقتله، لكننا نحتاج إلى كبش الفداء، وهو الفتى”.

ويكمل نحاس: “إنهم لا يصفون هذه العلاقة أو ( هؤلاء الرجال ) بالمثلية الجنسية”، ويضيف: “إذا مارس رجل الجنس مع رجل آخر، كلا الطرفين هما  المُولِج والمولَج فيه/ الفاعل والمفعول فيه. إذا كُنت الطرف المولَج فيه / المفعول فيه، فسوف تواجه حكم الموت. سوف يُنظر إليك كممارس لـ اللواط، فعل أحدهم ذلك بك، أنت الشخص الممقوت. أما إذا كنت الشخص المولِج / الفاعل، فأنت تحت السيطرة، أنت فعال، ويمكنك التناسل والتكاثر.

قال نحاس إن القضية كانت محيرة أيضاً: لقد سمع بأنه داعش كانت تُنقذ رجلاً مثلياً مُخنّثاً “من أجل مسرّة الرجل الأكبر”، فالرجال “الذكوريون” المشتبه بكونهم مَثليين كانوا يُقتلون.

يبدو لنحاس  _ في هذه الحالة _ أنه من المحتمل أن الرتبة العليا للضابط الداعشي قد حمته. “كانوا بحاجة لكبش الفداء، كانوا بحاجة لقتل الفتى . ينبغي أن يكون هناك جزء آخر لهذه الحكاية، لكن الناس عازفون عن إعطائنا أية معلومات بشأن هذه القضية، لأنها جداً حساسة” .

تحدث مايكل لونغو، رئيس تحرير سفريات المثليين في العالم الإسلامي، إلى ذا دايلي بيست  قائلاً أن قتل الفتى ذي الخمسة عشر عاماً أظهر نفاق داعش. “الأمر يعود إلى الفكرة الشائعة في أجزاء من الشرق الأوسط وبعض الثقافات الأخرى وهي أن تكون المخترق ذلك أمراً مقبولاً لأنه يثبت أنك لست عديم الرجولة”.

وأضاف لونغو، “إذا كانت العملية الجنسية مع فتىً في الخامسة عشر من عمره، فسوف أكون على يقين تام بأنه كان الشخص المُخترَق، والذي كان مُغتصباً. سوف يضاف النفاق أيضاً ليظهر بأن العلاقة بدأت من خلال رغبات الرجل الذي لم تتم معاقبته بقسوة”

“لقد رأينا هذا النوع من النفاق لدى ما يسمى المجموعات الدينية الأخرى مثل طالبان. يضاف الرعب إلى ذلك من خلال فحوى أن يتعرض الفتى ذي الخمسة عشر عاماً للاغتصاب بشكل أساسي، ومن ثم يُقتل لأنه تعرّض للاغتصاب”.

أخبر نحاس ذا دايلي بيست  أن المثليين انضموا إلى داعش لحماية أنفسهم وعائلاتهم، ويذكر أحياناً عن المثليين المرتبطين، أن انضمامهم للمجموعة جاء للتستر على أنفسهم بشكل أكثر فاعلية. “يُذكر عن بعض المجندين الجدد والأصدقاء أنهم اعتادوا على ممارسة الجنس مع بعضهم، لأنهم يؤمنون أنه الشيء الصحيح الذي ينبغي أن يفعلوه”.

وقال نحاس أن ORAM ما تزال تحاول أن تبرهن مصداقية موقع انترنت ظهر العام الماضي والذي يزعم أنه يهدف  إلى إظهار أعضاء داعش الذين يرتبطون بممارسة أفعال وأوضاع جنسية مثلية.

وقال نحاس أن الموقع تأسس من قبل أحد طالبي اللجوء الآن في أوروبا، وبينما كانت بعض الصور تُلتقط، أوحت تفاصيل أخرى _ رجال يرتدون نوع محدد من الملابس المموهة مع وجود راية داعش في الخلفية _ إلى أن بعضاً من هذه الصور كانت حقيقية، “لكن لا يمكن للناس تأكيد هذا لأنهم خائفون. نعلم من خلال التقارير أن الأشخاص المثليين هم ضمن داعش، أو يقومون بممارسة الجنس مع أعضاء من الميليشيا”.

“وهم بذلك يضمنون الحماية لأنفسهم، والملاذ الآمن لعائلاتهم و لأطفالهم _ إذا ما كان لديهم أطفال _ وفي الوقت نفسه بإمكانهم ممارسة الجنس في الخلفية. هم على يقين أنهم محميون. سوف لن يواجهوا التحقيق”. والرسالة الآن من هذه الحادثة الأخيرة هي: “إذا كانت رتبتك معنا عالية بما فيه الكفاية وتمارس الجنس المثلي، سوف لن تواجه الإعدام”.

وتحدث نحاس باسم ORAM _ التي تأسست في عام 2008 (المنظمة الدولية الوحيدة المكرًسة فقط للدفاع عن اللاجئين المثليين والسحاقيات والمخنثين والمتحولين جنسياً وثنائيي الجنس “LGBTI ”  الهاربين من الوحشية بسبب توجههم الجنسي أو هويتهم الجنسية).. قائلاً إن سوريا بقيت “خطرة جداً ” على المثليين.

“نسمع من أشخاص داخل سوريا يبحثون عن أية وسيلة تمكنهم من الخروج منها، أو إيجاد طريقة ليتم إعادة توطينهم. إنهم خائفون جداً من الإفادة بما يحصل في الداخل. يُخطَف الكثيرون، ويتم قتل الكثيرين أيضاً. إنهم إما خائفون على حياتهم، أو ليس لديهم فكرة عما يفعلونه للهروب وكيفية القيام بذلك “.

أكد نحاس أن الخطر الذي يواجهه الأشخاص الـ LGBT في سوريا لا يأتي من داعش فقط، إنما من الحكومة والمجموعات الأخرى أيضاً، سواء كانوا متشددين أو لا.

استهدفت مجموعة إسلامية مسلحة أخرى _ أحرار الشام _ المثليين أيضاً، والتي أسماها نحاس بـ المحكمة القضائية في حلب، حيث أعدمت سبعة أشخاص بتهمة المثلية الجنسية ولكونهم مدمنين على تعاطي المخدرات من خلال رميهم بالرصاص على الرأس. قامت المجموعة أيضاً بقتل فتىً بعمر السابعة عشر عاماً بتهمة كونه مثلي الجنس.

وقال نحاس “إن استهداف الأشخاص المثليين في سوريا في تصاعد، حتى من قبل المجموعات التي تقول أنها علمانية” وأضاف: “إنهم يعتقدون أن الأشخاص المثليين هم أحد الأسباب الرئيسية لوجود الحرب في سوريا، وأنهم بحاجة لقتلهم وبذلك تكون الحرب رابحة”.

فقط مقتل الأخير ذي الخمسة عشر عاماً ربما كان كبش الفداء، وكذلك تتم معاملة الـ LGBT على هذا النحو بشكل عام.

قال نحاس إنه عرف بوجود ما بين 100 و 125 LGBT سوري في #تركيا، ينتظرون أن تتم إعادة توطينهم في الخارج، كما ضمن هو لنفسه في نهاية المطاف التوطين العام الماضي، بعد هروبه الخطر والمروع من سوريا.

يقول نحاس الذي يعيش الآن في الولايات المتحدة، ومن مراقبة الأحداث الجارية بحق الأشخاص الـ LGBT في بلده الأم: “إن ما يجري  مدمر، تشعر بأنك مشلول. تشعر بأنك لا تستطيع فعل أي شيء. وتشعر بأنه .. كيف ولماذا يحصل هذا وما الذي أدى إليه؟ .. لا تستطيع فعل أي شيء حيال ذلك، وأنا أحتاج أن أفعل شيءً ما، وأريد أن أفعل شيء، ولكن لا يوجد شيء أستطيع القيام به”.

“دائما أضع نفسي مكانهم وأفكر باستمرار.. يمكن أن يحدث ذلك لي، ويمكن أن أتعرض لذلك في أية لحظة.. لا يوجد ملاذ آمن بالقدر الكافي، والمثليون خائفن ومرعوبن، وهم مستهدفون ويقتلون “.. توقف نحاس ليكمل قائلاً ” هذا كثيرٌ جداً ويفوق القدرة اللازمة للتحمل”.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة