الكلية بـ 12 ألف دولار.. انتعاش تجارة الأعضاء في سوريا وسط قوانين بالية واقتصاد منهار

الكلية بـ 12 ألف دولار.. انتعاش تجارة الأعضاء في سوريا وسط قوانين بالية واقتصاد منهار

محمد سعيد – دمشق:

كشفت العديد من التقارير الصحفية مؤخراً، عن انتشار كبير لعصابات #تجارة_الأعضاء في #دمشق، والتي باتت تتم بشكل علني، فبمجرد التجول بشوارع العاصمة، يمكن مشاهدة مئات الاعلانات التي تطلب “متبرعين” بالكلى مع أرقام هواتف صريحة، وهنا بدأ موقع #الحل_السوري بالتحري.

 

في #شارع_الثورة، قرب جسر المشاة، كانت هناك عشرات الملصقات إحداها مُزّقت قليلاً، وعليها اعلان يقول “مريض بحاجة إلى متبرع بـ الكلية زمرة الدم o +  أو o-، الأفضلية لمن لديه تحليل دم وأنسجة”.

الملفت في الاعلان هو طلب زمرتي دم مختلفتين في آن واحد، إضافة إلى عبارة “الأفضلية”، التي تشير إلى وجود اقبال كبير “للتبرع”.

حديث غامض

حاول ” #الحل_السوري” الاتصال بالرقم الموضوع على الاعلان، والاستفسار عن ان كان صاحب الحاجة قد حصل على مراده، فأجاب الشخص المطلوب الذي لم يذكر اسمه “صديقي كان بحاجة كلية وحصل على مراده مؤخراً، لكن الشخص الثاني لم يحصل بعد.. الله يجزيكن الخير”، هنا استسفسرنا عن الزمرة المرادة فأجاب “لا أذكر، لكن لايهم يمكن أن نلتقي في منطقة نتفق عليها لاحقاً ان كنتم جادين لأضعكم بباقي التفاصيل” حاولنا معرفة المبلغ المراد دفعه لكنه أجاب “لايمكني حالياً التكلم على الهاتف فأنا مشغول “.

الشخص الذي تحدثنا معه لم يكن مرتاحاً، لكن الحديث “الغامض” وضع عدة اشارات استفهام حول المكان الذي يمكن ان نتبرع به بالكلية، وحول عدم وضع طالب الكلية رقمه أو رقم أحد ذويه، وهنا أكد طبيب فضل عدم الكشف عن اسمه لموقع #الحل_السوري أن أغلب عمليات نزع #الكلية تتم خارج البلاد بالاتفاق مع #سمسار يقوم بإقناع البائع، ويخصم تكاليف السفر من سعر الكلية.

الطبيب أكد أن سعر الكلية يتراوح بين 10 و12 ألف #دولار، ويكون السمسار عضواً ضمن شبكة تبيع الأعضاء للزبائن وغالباً خارج سورية بالتنسيق مع أطباء آخرين.

سوق سوداء

يمكن بيع الأعضاء خاصة القرنية والكلية داخل #سوريا، لكن دون أن يتم الاعلان عن صفقة البيع، حيث يمنع القانون السوري بيع الأعضاء بمقابل مادي، ويجيزه بالمجان أي “كتبرع”، وهذا مايفسر وضع كلمة ” #تبرع” في الاعلانات، وعدم الحديث عن قيمة الصفقة، لكن الغريب هو عدم متابعة النظام لتلك الاعلانات المنتشرة بكثرة وسط العاصمة بشكل صريح.

النظام لايمكلك احصائيات حول حجم انتشار حالات الاتجار بالأعضاء البشرية، لكن تقارير صحفية أكدت مؤخراً، أن سماسرة بيع الأعضاء باتوا يخشون وضع أرقام هواتفهم على الاعلانات، وباتوا يلجؤون إلى الإقناع المباشر، سواء في وسائل النقل أو قرب المشافي، تماماً كأي سوق سوداء أخرى.

قوانين بالية

قوانين النظام القديمة وغير المحدثة، تساعد في استعار المتاجرة بالأعضاء في البلاد، نتيجة العقوبات غير الشديدة، حيث حدد القانون رقم 30 لعام 2003 شروط وقواعد نقل وزرع الاعضاء، بأن تتم مجاناً دون أي مقابل مادي، وفي حال تم تقاضي أي مبلغ في المقابل يعاقب الطرفين بالسجن مابين 6 اشهر وسنتين مع غرامة مالية تتراوح مابين 5 آلاف ليرة سورية وعشرة آلاف ليرة سورية فقط، وينص القانون  أيضاً على المعاقبة بالاشغال الشاقة المؤقتة وبالغرامة من 50 ألف إلى 100 ألف #ليرة سورية فقط، لكل من يقوم بالاتجار بنقل الاعضاء، علماً أن سعر الكلية الواحدة اليوم وفقاً للطبيب الذي تحدث إلى موقع ” #الحل_السوري” تصل إلى أكثر من 6 ملايين ليرة سورية.

الطبيب الجراح الذي تحدث إلينا وهو عضو في #نقابة_أطباء النظام، حذر من عصابات الخطف التي انتشرت مؤخراً، والتي كانت تهدف أولاً وأخيراً للحصول على المال سواء كفدية، أو قتل المخطوف وبيع أعضائه الأساسية والتي تكون اسعارها خيالية قد تفوق الـ100 مليون، وهي القلب والرئتين، ويتم تهريبها للخارج لزراعتها عبر وسطاء لصعوبة اتمام العملية في #سوريا، حيث لايوجد مختصين أو أطباء أكفاء أو حتى تجهيزات في سوريا لزرع مثل تلك الأعضاء.

مسالخ بشرية

وعدا عن ذلك، فإن نزع الأعضاء يتم في شروط غير صحية، وفي “مسالخ بشرية” غير مؤهلة، قد تعرض الشخص الذي سيزرع العضو لاحقاً لأمراض عدة، وفقاً للطبيب، الذي أكد أن تلك التجارة باتت منتشرة جداً، وبتورط من أطباء سوريين، حيث تم ضبط شبكة العام الماضي منهم.

رئيس قسم #الطب_الشرعي بجامعة دمشق التابعة للنظام، حسين نوفل، كشف العام الماضي عن احصائيات للتجارة بالأعضاء في سوريا، لم يعلن مصدرها أو كيفية حصوله عليها، حتى أن مصادراً في #وزارة_الداخلية، نفتها جملة وتفصيلاً حين حاول موقع #الحل_السوري التأكد منها، بحجة أنه “لا توجد حالات اتجار سوى المعلن عنها فقط، وهي قليلة لا تذكر” على حد زعمهم.

وأشار نوفل إلى أن سورية حتى الآن تعد دولة عبور بالنسبة لزراعة البنكرياس، متهماً قضاء النظام بالتقصير، كونه لم يصدر أي قراراً قضائياً بهذه التجارة منذ بداية الحرب، محذراً أنه في أي لحظة قد تنشط هذه التجارة، علماً أن تجارة هذا الجزء من الجسم يتطلب قتل الشخص للحصول عليه.

يقول نوفل إنه وثق أكثر من 18 ألف حالة اتجار بالأعضاء البشرية في سورية دون أن يحدد المدة التي رصد بها، بينما أكد على ضبط نحو ألف حالة عام 2014 وحده، قال إن “معظمها لشبكات تعمل خارج البلاد، وتتواصل مع سوريين في الداخل”.

العصابات التي تتاجر بالأعضاء البشرية في سوريا، تستغل حاجة المواطن السوري إلى المال نتيجة سياسات النظام الاقتصادية الفاشلة التي جعلت من معيشة السوريين شبه مستحيلة بعد فقدان الليرة السورية قيمتها وثبات الرواتب الشهرية على قيمة “تثير السخرية”، حتى بات المواطنون يبحثون عن وسائل بديلة لتأمين قوت يومهم، أو مبالغ كافية لتأمين كلف هجرتهم إلى أوربا هرباً من الحرب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.