فتحي أبو سهيل – دمشق:
على أحد اسطح المنازل في #كفرسوسة بـ #دمشق، عقدت حلقات دبكة الرجال على أنغام أغاني صدحت بها مجموعة الصوت التي استأجرها بلال بـ25 ألف #ليرة لمدة 3 ساعات في يوم عرسه، بينما كانت أغاني أخرى تشعل أجواء الفرح “الضيق” في صالون منزل أهله لما قال إنه “عرس النساء”.

 

بلال يبلغ من العمر 31 عاماً، يقول إنه “تأخر جداً حتى اتخذ قرار #الزواج نتيجة ارتفاع تكاليف الحياة”، لكنه لم يتوقع أن تكون “الزفة” التي انتظرها طويلاً ضمن عدة أمتار فقط وعلى الدرج، من السطح نزولاً إلى غرفة نوم جهزها ضمن منزل أهله.

سابقاً وقبل حوالي الـ 50 عاماً وأكثر، كان السوريون معتادين على اقامة الأعراس في المنازل وعلى الأسطح أو حتى في الشوارع، وقد أعادت الحرب التي تعصف بالبلاد تلك العادات لكن بالإكراه، حيث قال بلال “استغنيت عن الكثير والكثير، كان يوم عرسي المنتظر ليس كما حلمت به، على الأقل، أن أقيمه في صالة، وأن اسكن في منزل وحدي مع زوجتي ولو بالأجرة، وأن اقضي شهر العسل في اللاذقية فأنا لم أحلم بأكثر من ذلك”.

الذهب برازيلي والفستان أجرة
لم يكن بلال وزوجته، الوحيدان اللذان استغنيا عن طقوس الزفاف التي حلما بها في مناسبة لن تتكرر إلا مرة واحدة في العمر. أحمد وهو “متأخر جداً عن الزواج” مثل بلال، ويبلغ من العمر حالياً 35 عاماً، يقول “لم أستطع أن اشتري بزة سوداء، ولا أن اشتري لزوجتي فستاناً أبيضاً يبقى ذكرى لنا على ذلك اليوم، وكنت مضطراً لاستئجارهما من أحد الخياطين بمبلغ وصل لـ 75 ألف لفستان زوجتي، و25 ألف لبزتي”.

أحمد لم يعقد حلقات الدبكة على السطح، واختصر “عرس الرجال” بجلسة مع بعض الأصحاب فقط في المنزل، لأنه لا يملك اجرة اذاعة ولا يملك حتى تكاليف “الضيافة”، بينما اقام عرساً لزوجته في منزل أهلها، وتابع “اشتريت لها خاتماً من #الذهب البرازيلي بـ 5 آلاف #ليرة فقط، بينما كان سعر محبسي الفضي حوالي 6 آلاف ليرة، واضطررت لاستئجار باقي الذهب الحقيقي بحوالي 75 ألف ليرة سورية”.

المهر ذهبي
في حالة أحمد وبلال، كانت الزوجات من العائلة ذاتها “لذلك كان هناك تقبل لاختصار كثير من الأمور” على حد تعبيرهما، لكن الحال لم يكن ذاته بالنسبة لفيصل البالغ من العمر 27 عاماً، والذي تقدم لخطبة الفتاة التي أحبها إلا ان طلبات أهلها حالت دون ذلك، ما دفعه واياها إلى تأجيل الخطوة سنوات أخرى.

يقول فيصل “طلب والد الفتاة التي أحبها أن أكتب لها 5 ليرات ذهبية كمقدم، و10 ليرات مؤخر، علماً أن سعر الليرة عيار 21 قيراط وصل إلى حوالي 185 ألف ليرة سورية (مع اجرة #الصائغ)، أي أن المقدم حوالي مليون ليرة، والمؤخر حولي المليونين، وهذا شبه مستحيل”.

وأضاف “تكاليف الزواج تعثرت منذ البداية، حتى أجرة #المنازل صارت خيالية، حيث وصلت اجرة المنزل غير المفروش في المناطق العشوائية إلى حوالي 50 ألف، والمفروش إلى 75 و80 ألف، وهذا أيضاً مستحيل”.

رحلة الزواج بالليرة

لم يتطرق فيصل إلى تكاليف الزواج الأخرى، لكن موقع ” #الحل_السوري” قام بجولة على الاسواق لمعرفة أسعار بعض التفاصيل اللازمة للزواج و #حفلة_الزفاف، التي أجبرت #السوريين على العزوف عن كثير من الطقوس المحببة في مثل هذه المناسبة، وكانت البداية من #المفروشات، حيث وصل سعر غرفة النوم المستعملة بين 100 ألف ليرة سورية و350 ألف ليرة وأكثر، بينما تراوح سعر غرفة النوم الجديدة بين 200 ألف ليرة (نوع تجاري) تدرجاً حتى المليون ليرة سورية كلما تحسنت الجودة.

وتراوح سعر البراد المستعمل 18 قدم بين 100 و150 ألف، والجديد بين 250 ألف ليرة و500 ألف، بينما تراوح سعر الغسالات الاوتوماتيك المستعملة بين 125 ألف و175 ألف ليرة سورية، والجديدة بين 200 ألف و350 ألف.

أما غرف الجلوس، فوصل سعر الغرفة المستعملة إلى ما بين 75 ألف و300 ألف بحسب الحالة والنوعية، بينما وصل سعر الغرفة الجديدة إلى مابين 125 ألف ليرة سورية تدرجاً حتى المليون.

فرن الغاز 4 رؤوس وصل سعره إلى 40 ألف ليرة سورية للنوعيات غير المعروفة، أما النوعيات المعروفة “محلياً” فبدأ سعرها من الـ 50 الف ليرة سورية تدرجاً إلى الأعلى حسب النوع والجودة والميزات.

وإن تم الأخذ بأدنى الأسعار المستعملة، تكون تكلفة فرش المنزل دون “القماشيات ومستلزمات المطبخ”، حوالي النصف مليون ليرة سورية مع أجرة النقل، بينما تصل التكلفة مع “القماشيات ومستلزمات المطبخ وباقي التفاصيل التي لم تدرج علماً انها أساسية”، إلى حوالي المليون ونصف المليون ليرة سورية.

لكن قبل تأمين فرش المنزل، يجب تأمين الشقة، التي تراوحت اجرتها شهرياً في بعض مناطق #دمشق العشوائية ما بين 35 و50 ألف ليرة سورية للغرفتين والصالون بمساحة 65 متراً فقط غير مفروشتين، وترتفع الأجرة إلى 65 ألف تدرجاً حتى الـ 100 ألف للشقة المفروشة في المنطقة العشوائية أو المناطق القريبة منها.

ولو فرضنا أن المقبل على الزواج سيستأجر شقة غير مفروشة بأدنى سعر في منطقة عشوائية، فسيضطر لدفع الأجرة 6 أشهر مقدماً أي 35 ألف * 6 = 210 آلاف ليرة سورية تضاف إلى المليون والنصف الأولى ليصبح الرقم مليون و700 ألف ليرة سورية.

4 ساعات فقط والزفاف قبل المغرب

عندما يتم تأمين كل ما سبق، سيقوم بتأمين مستلزمات حفلة الزفاف، والتي تتطلب بداية حجز الصالة التي تراوحت أجرتها ما بين 80 ألف ليرة سورية حتى 300 ألف حسب المنطقة ولمدة 4 ساعات فقط وحصراً قبل المغرب، ما يعني تعديلاً كبيراً في العادات المتعارف عليها، وهي اقامة الزفاف في وقت متأخر.

وبلغت اجرة فستان العروس (متوسط النوعية) في ليلة الزفاف حوالي 75 ألف ليرة سورية، بينما وصل سعره في السوق للشراء إلى 300 ألف ليرة سورية ومأفوق، أما كلفة بزة العريس فتتراوح ما بين 35 ألف كنوعية أقل من الوسط متدرجة إلى 50 ألف وما فوق تبعاً للنوعية والجودة.

سعر الخاتم (المحبس بدون حابس) وصل إلى 75 ألف ليرة سورية لـ 3 غرامات فقط من الـ 21 قيراط، وإن قرر العريس شراء خاتم 12 قراط سيكون سعره حوالي 45 الف ليرة سورية، وهذا ما دفع العديد من الشبان إلى الاتفاق مع العروس على شراء محبس من الذهب البرازيلي الذي يتراوح سعره ما بين 3500 ليرة و5000 آلاف تبعا للشكل والجودة، واستئجار ملبوس الذهب في الحفلة من قبل بعض الفتيات، وقد وصلت أجرة طقم الذهب إلى 75 ألف ليرة سورية تدرجاً إلى الأعلى وفقاً لعدد القطع وشكلها.

وعلى ذلك تضاف أدنى الأسعار إلى الحسبة السابقة ليصبح المبلغ الكامل للزواج حوالي مليوني ليرة سورية، دون احتساب المقدم والمؤخر الخاص بالفتاة، ولو فرضنا أن المقدم الأقل المطلوب حالياً من قبل أهل الفتاة هو 5 ليرات ذهبية أي ما يعادل حوالي المليون ليرة سورية، وبقي المؤخر غير مقبوض، تكون الكلفة كاملة حولي الـ 3 ملايين ليرة سورية.

الـ 3 ملايين هذه لا تتضمن ما يسميه السوريون “ملبوس البدن”، الذي قد تصل كلفته ضمن الأسعار الحالية إلى حوالي 150 ألف ليرة سورية إن اختصر الزوجان منها الكثير واقتنعت الزوجة بما هو ضروري جداً.

تقول المرشدة النفسية سهام وهي غير متزوجة حتى الآن، إن “المهور لم ترتفع في الواقع، إلا أن فقدان الليرة السورية قيمتها، وثبات الأجور على حالها، جعل الأرقام المطلوبة من قبل الأهل صادمة، ورغم الظروف الصعبة، إلا أن أهالي الفتيات ونتيجة سوء الأحوال الاقتصادية، بدلوا الليرة السورية بالدولار أو الذهب، حرصاً منهم على مستقبل الفتاة وخاصة في ظل الحرب الراهنة”.

عنوسة وفكرة مؤجلة

وأضافت “ارتفاع تكاليف الزفاف، دفعت العديد من الشبان إلى تأجيل الفكرة، ما زاد من نسبة العنوسة وزاد من اعمار الرجال دون زواج”، مشيرةً إلى أن “سورية كانت تعاني من ذات المشكلة قبل الأزمة التي جاءت لتفاقم المشكلة أكثر”.

وأردفت “تأخر الزواج وارتفاع نسبة العنوسة، بالنتيجة سيقللان من عدد الولادات، ما يعني تحول سورية من دولة شابة إلى عجوز، وبالتالي تأخرها صناعياً واقتصادياً في المستقبل”.

سهام رسمت صورة وردية قد تتحقق ان زادت نسبة #العنوسة كثيراً في البلاد، وقالت “هناك الكثير من الأهالي باتوا يقبلون بوضع الشاب على ما هو عليه نتيجة قلة عدد الشبان بداية، وضعف اقبال من تبقى على الزواج”، وأوضحت ” إن كان هناك توافق بين الشاب والفتاة، قد يتم التنازل عن عدة شروط منها المنزل والمهر المقبوض، لكن للأسف تبقى هناك عدة تكاليف لا يمكن أن يتم الاستغناء عنها”، وحذرت سهام أيضاً من انتشار الشذوذ الجنسي، وهذا ما يفسر انتشار هؤلاء في شوارع دمشق مؤخراً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.