رانيا عيسى- دمشق:

يبدو أن عبارة «الملاذ الآمن» ليس آمن بالضرورة، فهو أقرب إلى الرهان أكثر منه إلى الأمان، أو لربما هي جملة تحفيزية لبيع #الذهب، يغري الناس باقتناءه، لكنه ثمنه قيد البورصة، وتذبذب سعره يجعله «غير آمن»، فإما أن يحالفك حظ الشراء بـ«ثمن بخس»، أو تطرحه في مزاد البيع المفتوح بسعر أكثر ارتفاعاً من ثمن شراءه.

 

يعاود اليوم المعدن الأصفر النزول مجدداً، كما سبق أن حدث منذ 2013، ليتراجع مطلع العام الحالي نحو 100 ليرة لينتهي العام بتراجع مقدار 1800 ليرة، وعليه تتزايد التكهنات حول مسألة بيعه وشرائه، فانخفاض ثمنه يعني بالضرورة ارتفاع الطلب على اقتنائه، وارتفاع ثمنه قد يدفع البعض إلى بيع المدخر منه بثمن أغلى، أو اكتنازه وانتظار ثمن «ذهبي» يوازي قيمته، لكن الأمر مسألة نسبية، تعود إلى حاجة المبتاع للذهب أو بائعه.

غالي..والذهب رخيص

منذ بداية الحرب في #سوريا جالت أنظار السوريين في البحث عما يضمن مدخراتهم، التي باتت تتناقص مع تزايد فجوة #التضخم، وارتفاع الأسعار وسط ثبات الدخل، فكان الذهب أولى بدائل الإدخار، ليسجل عام 2013 أعلى ثمن للذهب في سوريا، رافقه ذلك وصول سعر صرف الدولار إلى نحو 315 ليرة.

ويوضح الجدول الآتي آلية تباين ثمن الذهب منذ عام 2011 حتى النشرة الأخيرة الصادرة عن سوق الذهب في دمشق:

عيار الذهب 2011 – شهر أبريل 2013 2016
الدولار = 60 ليرة الدولار = 210 ليرة الدولار = 525 ليرة
عيار 18 1622.48 = 34.48$ 6771 = 32.24$ 14620.84 = $28.39
عيار 21 1892.89 = 40.23$ 7900 = 37.30$ 17056.79 = $33.12
عيار 24 2163.30 = 45.97$ 4494.36 = 42.62$$ 19497.89 = $37.86
أونصة الذهب 95.400  = 1590$ 285.000 =  135.71$ 600701 = 1144$
الليرة الرشادية 19.600 = 326.66$ 57.600 = 274.28$ 128000 = 243.80 $

 

يبين الجدول أن تثمين غرام الذهب بالدولار آخذ في التناقص مع كل عام، ما يشي بانخفاضٍ متتالٍ لقيمة العملة السورية.

وحسب ما أفاد به عدد من صاغة دمشق لموقع #الحل، أن “اقتناء الذهب اليوم مع تراجع ثمنه لا يعني بالضرورة إقبال مرتفع على شرائه، بل ينتظر المراقب لثمنه انخفاضاً آخر، خوفاً من خسارة غير متوقعة”، وهو أمر يشاطره بهم تجار الصاغة، إذ أن “البعض أحجم منهم على الشراء من الناس تحسباً من انخفاض مرتقب.”

وحفاظاً على قيمة #الليرة_السورية، أقدمت حكومة النظام منذ عامين على طرح الليرة السورية الذهبية، تماثل الليرة الإنكليزية، وتتخذ من سوق #الحميدية ونواعير #حماة وقلعة دمشق علامة بارزة لها، بوزن 8 غرامات وبعيار 21، لكنها وحسب ما أفاد به بعض الصاغة في دمشق وحماة لموقع الحل، أنها “لم تستطع حتى الآن سحب بساط المنافسة بقوة من #الليرة_الإنكليزية والتي بلغت قيمتها عام 2013 نحو 64.200 ألف ليرة، أي ما تعادل 305.71 دولاراً”.

محبس وسلسال وإسوارة

و للمقبلين على الزواج، بات مصاغ العروس يعاني تقلصاً في عدده، ف “محبس وسلسال وسوارة” ، تختصر حكاية المصاغ، خاصة في ظل محدودية دخل الأسرة وارتفاع إنفاقها الشهري.

تقول «مروة» لموقع الحل: “لا أهتم كثيراً لأمور الصياغة ولا علم لي بها، فبعد عقد قراني لقيت لوماً من الدائرة القريبة مني، حول عدد مصوغات الذهب التي قدمها لي خطيبي، كانت بنظرهم «قليلة» و«خفيفة»، لكن غلاؤها له دفعني للبحث عن بديل متعارف عليه ومن الصعب تمييزه، فكان الذهب التقليدي خير بديل”.

وتابعت “ما إن أحد سألني مستفسراً عن قطعة تقليدية أرتديها، أتحجج بتبديل الذهب مع دفع الفارق، فآثرت أن أرتدي محبساً مقلداً بقيمة 2500 ليرة، لا يمكن كشف الفارق عن محبس الذهب”.

حماة بين المعقول والـ«شيزوفرينيا»

لكن حال الاقتناء في #حماة مختلف نوعاً ما، فمصاغ العروس مع استمرار الحرب يعاني «شيزوفرينيا» الواقع، فعائلات المدينة لا تزال تتطلب مصاغاً مرتفع القيمة، أو قد تجد البعض يجعل قيمة المصاغ المطلوب «مفتوحاً»، فيكون المصاغ ملخصاً بعبارة «..أنتوا وقيمتكم»!

لكن قلة من الناس من يرتضي خاتماً أو إسوارة أو سلسالاً، بوزن قدره 25 إلى 30 غراماً، ليعود المصاغ بخجل إلى بحر الـ500 ألف ليرة، ولمن أراد الابتياع بغرامات أكثر فيبلغ قيمة القطعة ذات وزن 40 غراماً (708.000 ليرة)، وللقطعة من عيار 50 غراماً ثمن (885.000 ألف ليرة)، في حين تثمن القطعة ذات الـ90 غراماً بـ (1.593.000 مليون ليرة).

وعن أسعار الصياغة لغرام الذهب في حماه، يرجح ثمنه حسب شكل القطعة، وعليه تتدرج الأسعار بدءاً من الـ1000 ليرة  – على خلاف دمشق التي تبدأ من حد الـ2000 ليرة – ، لتصل إلى سقف الـ5000 ليرة، لكن الثمن الأعلى في الصياغة يعود إلى الذهب ذو العيار 18، فهو عادة ما يحوي «زخرفة»، يليه الذهب ذو العيار «21»، فصياغته تتطلب يومين أو ثلاثة أيام على أبعد تقدير، بحسب ما أفاد به صياغ من المدينتين.

سوق سوداء للذهب

وكنتيجة لمفرزات الحرب السورية، ظهرت تجارة الذهب وعمليات البيع والشراء خارج إطار محلات الصاغة، حيث تنشط العديد من المحلات التجارية التي تعمل بالخفاء في بيع وشراء الذهب المستعمل، فمن الممكن أن يكون المحال لبيع الهواتف النقالة أو غيرها، ليقوم بتفحص القطعة المطلوب تثمينها، وعليه يتم البيع أو النصح بالاحتفاظ به.

تقول «صباح» وهي إمرأة خمسينية لموقع الحل: “لي مصاغ قديم ورثته عن أمي التي سبق لها أن ورثته هي الأخرى عن أمها، عمر المصاغ يفوق الـ150 عاماً، ثمنت إسوارة تحوي على 18 حجرة ألماس من نوع فلامنكو المائل إلى الزرقة، فصدمت بثمنها البالغ أكثر من 10 ملايين ليرة، ضمن طقم يتألف من 6 قطع، بين خاتم وقرطين وطوق وبروش”.

يجيب «إلياس» أحد البائعين للذهب في السوق السوداء بمنطقة #القصاع في قلب العاصمة دمشق: “هذا النوع من الذهب نادر، ولا يأتي إلا من لديهم القدرة المالية لاقتنائه، ومع ذلك حركة بيعه قليلة رغم الحاجة، فالأمر يعود إلى رغبة صاحب القطعة بالاحتفاظ بها، وتوريثها لمن يهمه أمره”.

وتنتشر ظاهرة بيع الذهب خارج إطار سوق الصاغة المرخص في دمشق، وذلك لانتشار ظاهرة الذهب المسروق نتيجة الفلتان الأمني، حيث تباع هذه المصوغات سواء كانت مسروقة أو نظامية بسعر منافس لسوق الصاغة وبدون أي مساءلة قانونية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.