“صفقة أسرى” أسست لتشكيل فيلق الرحمن.. ونحو 400 مليون ليرة أجور المقاتلين شهرياً

“صفقة أسرى” أسست لتشكيل فيلق الرحمن.. ونحو 400 مليون ليرة أجور المقاتلين شهرياً

فريق التحقيقات

يستمر فريق التحقيقات في موقع #الحل السوري بتقصيه لإنفاق القوى المتحاربة على الأراضي السورية، في محاولة لاستنتاج تكاليف الحرب المستمرة منذ ست سنوات، ونتناول في هذا التحقيق #فيلق_الرحمن المعارض للنظام السوري.

النواة الأولى

في بدايات العام 2012، انشق نقيب من جيش النظام السوري يدعى (عبد الناصر شمير)، بعد أن قضت الثورة عامها الأول مُثقلة بالمجازر والحملات الأمنية ضد المتظاهرين السلميين.

وفي شهر آب من العام نفسه، تم الإعلان عن تشكيل (لواء البراء) المقاتل في #الغوطة_الشرقية بقيادة النقيب شمير، وكان النظام السوري حينها، قد بدأ باستقدام الميليشيات الأجنبية للقتال إلى جانبه في معاركه ضد #الجيش_الحر بشكل غير معلن.

أواخر العام 2013، حقق النظام السوري تقدماً ملحوظاً على جبهات غوطة دمشق، فضلاً عن تقدمه الساحق في جبهة #القلمون شمال غرب العاصمة #دمشق، وبدعم واضح من #حزب_الله اللبناني.

بالتزامن مع هذا الضغط العسكري، بدأت فصائل المعارضة المسلحة في هذه المناطق بالالتفاف حول لواء البراء، وأطلقت هذه الفصائل والألوية على نفسها بعد الاندماج اسم “فيلق الرحمن”.

جبهات على أربع الجهات

سبب آخر يقف وراء تشكل فيلق الرحمن يخبرنا أياه أبو محمد، (شاب من دوما يتمتع بصلات قرابة مع بعض وجهاء المدينة ومطلع على الجانب العسكري والميداني للقوى المعارضة فيها) وهو أن “الـ17 تشكيل عسكري المنضوي تحت لواء فيلق الرحمن، قد جمعهم أيضاً هدف التصدي للتيار السلفي في الغوطة والمتمثل في #جيش_الإسلام حينها”.

وعليه نجد أن للفيلق معارك أينما ولّى وجهه، ما دفعنا للتساؤل بطبيعة الحال من أين يغطي الفيلق تكاليف كل هذه المعارك؟!

تمويل من غرفة الموك.. ومن صفقة الأسرى الإيرانيين

يقول أبو محمد: إن “تمويل معارك الفيلق تأتي بنسبته الكبرى مما يسمى (غرفة الموك)”، ويضيف إليها الفيلق بحسب موقعه الرسمي أنه “يحصل على تمويل شعبي، ومن مجموعة أصدقاء سوريا المساندين للثورة”.

وأضاف أن “التسليح أغلبه مما يستولي عليه الفيلق بعد السيطرة على مقرات النظام، أو ما يشتريه من السوق السوداء”.

بينما يُشير أحد ناشطين الغوطة (فضل عدم ذكر اسمه) والذي عاش فترة طويلة بالقرب من قيادات الفيلق أيضاً وعمل في المجال العسكري، إلى أن “لواء البراء وفي الشهر نفسه الذي تشكل به أغسطس/آب 2012 ألقى القبض على 48 إيراني، وبادل الأسرى مع النظام بمبالغ طائلة استطاع من خلالها إقناع فصائل الغوطة الشرقية بالالتفاف حوله لتشيكل هكذا الكيان العسكري الذي بات يعرف بفيلق الرحمن”.

ويُضيف المصدر أنه “وبحسب الشائعات غير المؤكدة، فإن المبلغ الذي تقاضاه لواء البراء حينها يتجاوز الثلاثين مليون #دولار”، مؤكداً أن “كل الأرقام المتعلقة بالتمويل مجهولة تماماً، ومتكتم عليها بشدة، ولا يعرف الرقم الحقيقي للصفقة سوى قائد الفيلق”.

التعداد والرواتب

تواصل فريق التحقيقات في موقع الحل السوري مع أحد مقاتلي فيلق الرحمن، وأقنعه بتقديم بعض المعلومات لإنجاز هذا التحقيق، مقابل “عدم الكشف عن اسسمه وهويته للإعلام”.

المصدر قال إن: “رواتب العناصر المتزوجين تصل إلى 40 ألف ليرة سورية، أما غير المتزوجين فيتقاضون نحو 35 ألف ليرة، لكن الرواتب غير منتظمة، وهي مقطوعة منذ ثلاثة أشهر”.

وبحسب الموقع الرسمي لفيلق الرحمن، فإن “تعداد عناصره يصل إلى عشرة آلاف مقاتل”، وفي حسبة لموقع الحل السوري اتضح أن رواتب العناصر وحدهم تبلغ شهرياً ما بين 350 و 400 مليون ليرة سورية أي مايعادل وسطياً 4 مليار و800 مليون ليرة سورية سنوياً.

ويشير مصدرنا إلى أن “عناصر الفيلق فقراء في أغلبهم، بينما يتمتع القادة بحياة جيدة ومستقرة من حيث الرواتب وتأمين مستلزمات المعيشة”.

360 ألف ليرة سورية تعويضات الحطب وحدها

المقاتل في الفيلق لفت إلى “وجود بعض المكافئات المادية للعناصر التي تقوم بمهام مميزة”، رافضاً الكشف عن طبيعة هذه المهام، لكنه قال “عائلة العنصر القتيل كانت تحصل في بدايات تأسيس الفيلق على مساعدات وتعويض بشكل رسمي، أما الآن فأنها تأتي على نطاق محدود جداً، وبشكل شخصي بين العائلة وقائد الفيلق”.

وأوضح المصدر أن “المساعدة ليس أكثر من تقديم الحطب ووجبة طعام في العادة”.

وبحسب مصادرنا في الغوطة فإن “سعر كيلو الحطب يبلغ 100 ليرة سورية، وتحتاج العائلة لنحو 10 كيلو يومياً في فصل الشتاء أي (1000 ليرة)، لأن كل مظاهر الحياة من طهي وتدفئة واستحمام وغيرها مرتبط بالحطب”.

وهو ما يعني أن تعويض عائلة واحدة من عائلات قتلى فيلق الرحمن بالحطب، وبالشكل غير الرسمي، يكلف نحو 360 ألف ليرة سورية لمدة عام واحد.

أكثر من 3 مليون ليرة ثمن وجبة الغداء!

يشير الناشط المقرب من فيلق الرحمن إلى أن “طعام عناصر الفيلق خلال فترة الحصار كان مستقراً نوعاً ما على وجبتين في اليوم” ويؤكد كلامه المقاتل في الفيلق، الذي قال “العناصر يحصلون دوماً على وجبتين من الطعام”.

المصدران أشارا إلى أن “وجبة الفطور تتكون من مشتقات الألبان مثل اللبنة والجبنة وما شابه، أما وجبة الغداء فتكون غالباً من الرز أو البرغل إلى جانب اللبن، مع توزيع الخبز”.

وكان سعر كيلو البرغل قد وصل في فترة الحصار إلى 4000 ليرة، بحسب مارصده موقع الحل، ثم عاد ليستقر نسبياً على سعر 1500 ليرة، أما كيلو اللبن فيبلغ سعره نحو 250 ليرة.

وبحسب تقديرات أحد مدراء مطابخ الإغاثة فإن “عشرة آلاف شخص يحتاجون على أقل تقدير إلى 2000 كيلو برغل، و1000 كيلو لبن”، بالتالي فإن وجبة الغداء وحدها تكلف يومياً نحو 3 مليون و250 ألف ليرة سورية، بأقل التقديرات.

كذلك، يشير الناشط المقرب من الفيلق إلى أن “الفائض من مطبخ فيلق الرحمن كان يوزع على العائلات المدنية، وهو يطعم بهذه الطريقة نحو 70 عائلة، وهو ما لا يفعله أي تشكيل عسكري داخل الغوطة، بالرغم من أن مطابخ جبهة #فتح_الشام (النصرة سابقاً) وجيش الإسلام أكثر جودة من مطبخ الفيلق، وأكثر قدرة على خدمة المدنيين”.

أما من ناحية الخبز، كان للفيلق مخبزه الخاص (وفق مصادرنا)، وهو مخصص لخدمة عناصره فقط، وقد توقف عن العمل مدة شهر واحد خلال الحصار الشديد، وبعد اتفاقية الطحين والشعير بين الغوطة الشرقية والنظام، أصبح بقدرة الفيلق أن يحافظ على كفاية عناصره من الخبز.

تجارة الأنفاق

بالعودة إلى أبو محمد فإن: “الفيلق يتدبر مصاريفه من التجارة عبر الأنفاق، وقد كان أول نفق في الغوطة الشرقية يصلها ببرزة يخضع لسيطرة فيلق الرحمن”.

وأضاف “في ظل الحصار المفروض على الغوطة الشرقية، كان لهذا النفق أهمية بالغة، لاسيما في استيراد المواد الأولية والأساسية للمؤسسات والتنظيمات المدنية وحتى العسكرية منها، وكان للفيلق رسومه وضرائبه المفروضة للسماح بعبور كل هذه المواد”.

وأكد “عبر هذا النفق عبرت المحروقات، والمواد الطبية، التي كانت ما إن تصل إلى الغوطة حتى ترتفع أسعارها عن ما هي عليه في دمشق إلى ثلاثة أضعاف على أقل تقدير”.

وما يلبث أبو محمد حتى يؤكد لنا، “هذا الأمر لم يعد مقتصراً على فيلق الرحمن، حيث أصبح للعديد من الفصائل أنفاقها الخاصة، بعد معارك طاحنة بينها للسيطرة على هذه المنافذ”.

ثم يوضح “هناك في #دوما مثلاً لجنة اقتصادية مهمتها مراقبة الأسواق والأسعار، لكنها مؤلفة من أعضاء الفصائل التي سبق وأن أدخلت المواد إلى الغوطة، وفرضت ضرائبها ورسومها، محددةً بذلك السعر الذي سيشتري به المواطن قبل أن تشرع اللجنة بعملها”.

تهريب الأشخاص

يحدثنا أبو محمد كذلك عن تهريب المحاصرين عبر الأنفاق لاسيما الخاضع منها لسيطرة فيلق الرحمن، مؤكداً أن “جميع الفصائل قد سنّت مجموعة من القوانين بهذا الخصوص، كأن يمنع أي ذكر يبلغ من العمر بين 15 حتى 45 سنة من مغادرة الغوطة، كذلك بعدم السماح لأي امرأة بالمغادرة دون مُحرم”، مبيناً أنه “إذا كان لديك بعض الأموال أو الواسطات، فسرعان ما ستجد نفسك مستثنى من هذه القوانين”، بحسب تعبير أبو محمد.

ويؤكد أبو محمد أن “جميع من يريدون الخروج من الغوطة، حتى من المدنيين والجرحى عليهم دفع الأموال مقابل هذه الخدمة، وتكون التسعيرة بحسب الشخص وغالباً ما تتراوح بين 100 إلى 150 ألف ليرة، أو إذا استطاع تأمين واسطة تكفل عودته إلى الغوطة، فإنه يخرج بالمجان”.

ويفسر أبو محمد ذلك بـ “خشية الفصائل من أن تخلو الغوطة من سكانها، الذين هم في نهاية الأمر الزبائن الذين يدفعون ثمن المواد المهربة إلى بلداتهم ومدنهم وقراهم”.

تكتم إعلامي وأرقام مشوشة

حاول فريق التحقيقات في موقع الحل السوري التواصل عدة مرات مع المتحدث الرسمي باسم الفيلق (وائل علوان) إلا أنه رفض التصريح، أما مصدرنا من داخل الفيلق فأشار إلى أن “هذه المعلومات عادية وعلى الجميع معرفتها إلا أنها محصورة فقط بقائد الفيلق، ويصعب الوقوف على حقيقاتها ما لم يدلي بها هو للسوريين”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.