منار حدّاد

بدأت وسائل الإعلام المقرّبة من النظام السوري بث أخبارٍ عن “انتعاش غير مسبوق” في حركة السياحة في #سوريا، ولا سيما مع ما وصفته بـ “عودة الأمان والاستقرار إلى مناطق سورية واسعة”، متحدّثةً عن أرقام فلكية في عدد السياح، تقارب المليون سائحاً.

وبالتزامن مع هذه الحملة الترويجية، تُقدّر المنظمات البحثية العالمية سوريا، كأخطر دول العالم على السياح، فمن يسوح في هذا البلد الخطر؟

ويبحث “الحل السوري” في هذا التقرير، عن حقيقة هذه الأرقام انعكاساً على واقعها على الأرض انطلاقاً من أرقام حكومة النظام.

أرقام فلكية

قبل 2011 كانت البلاد تستقبل خمسة ملايين سائح سنوياً، جميعهم يأتون إلى هذا البلد للتمتّع بالمعالم السياحية التي توجد فيه، لكن اليوم انهارت معابد #تدمر، ولم يعد جسر دير الزور المعلّق معلّقاً، ورُفعت رايات طائفية على سور قلعة دمشق وقوس باب توما، وباتت البلاد من أخطر دول العالم.

وعلى الرغم من هذه الحقائق، تُشير الإحصاءات الصادرة عن وزارة السياحة في حكومة النظام، إلى أن سوريا استقبلت أكثر من نصف مليون سائح في عام 2017 الجاري، متوقّعةً أن يرتفع هذا الرقم إلى مليون خلال الأعوام القادمة، ولا سيما بعد “اتساع هامش الأمان وانخفاض حدّة التوتّر في مناطق سورية كثيرة، ما انعكس على نشاط الحركة السياحية”.

وتضيف الأرقام الصادرة عن وزارة السياحة، أن نسبة السياحة ارتفعت بنسبة 25% في هذا العام مقارنةً بالأعوام السابقة، ومعظم السيّاح دخلوا البلاد عبر المنفذ الحدودي البري مع #لبنان.

وتوضّح أن نحو 2 مليون شخصاً زاروا معرض دمشق الدولي، فيما يتم التحضير لمهرجاني الباسل والمحبّة على الساحل السوري.

سوريا الأخطر في العالم على السيّاح

بينما تتحدّث وسائل إعلام النظام عن هذا الانتعاش والطفرة السياحية داخل البلاد، لازالت معظم أنحاء البلاد تُكوى بالحديد والنار على وقع المعارك.

وفي هذا السياق تُشير دراسة عالمية، إلى أن سوريا واحدة من أخطر دول العالم على السيّاح في عام 2017.

الدراسة التي أعدّتها شركة الخدمات الطبية “SOS” ونشرتها “الديلي ميل” البريطانية، تحدّثت عن مستوى الخطورة والأمان على السيّاح في دول العالم، وخلصت إلى أن كلّاَ من “سوريا، أفغانستان، اليمن، الصومال، جنوبي السودان وليبيا” هي الأخطر عالمياً على حياة السيّاح.

وكانت دراسة أخرى قد كشفت في أواخر عام 2016، أن سوريا حلّت في التصنيف الأخير كأقل دولة أماناً في العالم.

تصريحات النظام تكشف الحقيقة

ما بين الحقائق التي توصّلت إليها وسائل إعلام النظام، وبين الإحصاءات التي توصّلت إليها الجهات الإحصائية الدولية، يظهر تناقض كبير في وجود أو عدم وجود السياح.

السياحة التي يتحدّث عنها النظام ما هي إلّا سياحة دينية للعتبات المقدّسة المخصّصة للطائفة الشيعية في سوريا، في حين لم يتضح وجود سياح آخرون، وذلك استناداً إلى مقاطعةً التصريحات التي صدرت عن النظام ذاته.

وبينما تقول وزارة السياحة في حديثها مؤخّراً لقناة الجديد اللبنانية: “إن عدد السيّاح فاق النصف مليون في العام الجاري”، ومن المتوقّع وصوله للمليون، يتبيّن أن وزير السياحة بشر اليازجي كان قد صرّح أن سوريا حقّقت 670 ألف ليلة سياحة دينية منذ بداية عام 2017.

وأوضحت الوزارة أن سوريا تخطّط لاستقبال مليون سائح ديني قريباً، وهو الرقم ذاته الذي تتحدّث عنه الحملة الإعلامية الحالية، وهذه الأرقام تتقارب مع الرقم الذي تتحدّث عنه وسائل إعلام النظام لكنها لم تعترف أنها سياحة دينية.

سياحة العتبات المقدّسة

قبل أيام، نشر ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو يُظهر مراسم “لطميات” للطائفة الشيعية، جابت سوق الحميدية الأثري وسط العاصمة السورية دمشق، وانتقل مسير المراسم بعدها إلى المسجد الأموي الكبير الواقع في نهاية السوق.

وتُظهر المقاطع العشرات من العراقيين والإيرانيين، الذين خلعوا ملابسهم التي تغطّي الجزء العلوي من أجسادهم، وقطعوا الطريق أمام محل بوظة بكداش وبدؤوا بمراسم اللطم على وقع ترديد عبارات بلغة أجنبية غير مألوفة.

وأطلق ناشطون على إثر هذه الحادثة، شعار “دمشقنا أم دمشقهم”، عبّروا خلالهم عن استيائهم من الطقوس الشيعية التي تجري على الملأ في شوارع وأسواق العاصمة وحتّى المعالم الدينية لأبناء العاصمة كالمسجد الأموي.

ويُعتبر هذا الفيديو من أبرز الأمثلة التي تعكس واقع السياحة السورية التي تشهد تحسّناً، إذ أن هذا التحسّن انسحب على هذا النوع من السياحة، وما يُثير التخوّف من هذا النوع من السياحة، هو وجود عشرات الميليشيات الطائفية التي تقاتل تحت راية هذه السياحة، وهو ما يعتبره الكثير من السوريين غزواً ثقافياً ودينياً وليس سياحة كما يجري في معظم بلدان العالم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.