نشرت صحيفة فينانشيال تايمز تقريراً عن اجتماع مسؤولين روس وسوريون لمناقشة المشاريع التي يمكن تنفيذها في #سوريا لإعادة إعمار اقتصادها والاستفادة من غنائمها بعد أن دمرتها الحرب. فجاء في التقرير:

في الوقت الذي تتعرض فيه #موسكو لضغوطات من أجل ممارسة نفوذها في سوريا لوقف الحملة العنيفة على #الغوطة_الشرقية هذا الأسبوع، يجتمع المسؤولون التنفيذيون الروس في قاعة المؤتمرات لمناقشة فرص العمل في الدولة العربية التي مزقتها الحرب.  فقد احتشد أكثر من 200 مدير تنفيذي إلى غرفة التجارة الروسية حيث حضروا منتدى الأعمال السوري الروسي آملين بالاستفادة من الدور العسكري لموسكو في سوريا. وبحسب التقرير، فإن المجتمعين وضعوا أسس العمل من خدمات هندسية لمحطات توليد الطاقة، بينما يترقبون ظهور الصفقات عندما ينتهي القتال في نهاية المطاف.

وبحسب مدير غرفة التجارة الروسية سيرغي كاتيرين: “إعادة إعمار الاقتصاد السوري تتطلب ما بين 200 إلى 500 بليون دولار، وسوف تكون الأولوية للأعمال الروسية بحسب ما صرح به الرئيس #بشار_الأسد”.

ويشير التقرير إلى أن المسؤولين الحكوميين السوريين قد حضروا الاجتماع مرفقين معهم قائمة تتضمن 26 مشروعاً ترغب سوريا بالاستثمار الروسي فيها، من ضمن تلك المشاريع خط سكة حديدية تربط العاصمة السورية دمشق مع مطارها، ومحطات صناعية تنتج كل شيء، بدءاً من الخميرة إلى الإسمنت وإطارات السيارات، بالإضافة إلى مشروعات توليد الطاقة في حمص.

لكن، وبحسب الصحيفة، فإن هذه المشروعات تواجه تحديات كبيرة، ناهيك عن السؤال عن مسألة من سيدفع؟ فموسكو التي تدخلت عسكرياً في العام 2015 وأثقلت كفة ميزان الحرب لصالح بشار الأسد، كانت يائسة من الحصول على تمويل من الحكومات الأوربية للمساعدة في تمويل جهود إعادة الأعمار. في حين تصر دول الإتحاد الأوربي أن يكون هناك اتفاق سياسي أولاً لإنهاء الصراع، كما تصمم على عدم تسليم أموال إعادة الإعمار للأسد.

“نحن نعرف ماذا نحتاج، ونعرف أن أصدقائنا الروس يمكن أن يساعدونا من حيث المبدأ، لكن يبقى السؤال المفتوح من أين سوف نحصل على المال؟” قال طارق الجوابرة في حديثه للصحيفة، وهو مدير القسم الأوربي في هيئة تخطيط الدولة السورية.

وبحسب التقرير، فإن لهذا السؤال حضوره الكبير في قطاع النفط والغاز، حيث أعرب الروس عن اهتمامهم الكبير به. كما أشار التقرير إلى أن أي شركة روسية تقدم خدماتها لمنتجي النفط تخاطر حيث تعرض نفسها لإجراءات عقابية، نظراً لأن العقوبات الغربية تعني أن التمويل غير متاح لاستثمارات جديدة في قطاع الهيدروكربون.

وفي حديث للصحيفة مع ديمتري كابيتانوف، رئيس قسم التصدير في شركة ريميرا الروسية والتي تقدم خدمات حقول النفط، قال: “زرت سوريا عدة مرات في العام الماضي، ولكن حتى الآن لا يوجد ما يمكن عمله هناك” وأضاف: “ذهبت إلى كل من #دمشق و #حمص، كانتا هادئتين وشعرت بالأمان، ولكن يبقى من غير الواضح كيف يمكننا العمل هناك وسط فرض العقوبات الأوربية على النفط والغاز السوري”.

ويشير التقرير إلى أن إيرادات النفط والغاز قبل الحرب بلغت ربع عائدات الحكومة السورية، لكن في المقابل بلغ إنتاج الغاز في العام 2017 نصف مستواه ما قبل الحرب، كما تراجع إنتاج النفط من 383000 برميلاً يومياً إلى 8000 آلاف برميل. وتطمح روسيا اليوم منح الأولوية لشركاتها فور عودة الصناعة للعمل بشكل أفضل.

وبحسب التقرير، فإن وزير الطاقة الروسي أليكسندر نوفاك قد أبرم اتفاق تعاون مع نظيره السوري، وتعليقاً على ذلك قال فيكتور خايكوف، رئيس الجمعية الوطنية لخدمات النفط والغاز في روسيا: “يشير ذلك إلى مشاركة الشركات الروسية في المشروعات السورية وأن المفاوضات تجري بشكل منتظم”.

وأضاف خايكوف: “بالرغم من حقيقة أن غالبية صناعة النفط والغاز في سوريا مدمرة، أو في حالة سيئة جداً، إلا أن مشاركة الشركات الروسية في ترميمها قد يحقق لها أرباحاً مستقبلية جيدة”، وأضاف: “من المرجح أيضاً أن الشركات المشاركة في المشاريع سوف يتاح لها المجال للحصول على مزايا إضافية للتعويض عن المخاطر في البلاد”.

ومع ذلك، من غير الواضح كيف سوف تتمكن الشركات الروسية من المشاركة في الصناعة السورية بدون التعرض للعقوبات الأوربية. وبحسب التقرير، فقد رفضت شركات النفط والغاز الرئيسية في روسيا التعليق على احتمالية مشاركتها في الاستثمار في سوريا.

تستخدم في الوقت الراهن بعض الشركات أساليب غير تقليدية لإشراك نفسها في سوريا. بحسب جوابرة، فإن شركة إيفروبوليس المرتبطة بحليف للرئيس فلاديمير بوتين، تتلقى عائدات من آبار النفط السورية في الأراضي التي استولت عليها داعش من قبل مقاول عسكري روسي خاص. وبحسب شبكة فونتانكا الإخبارية الروسية على الانترنت، فإن المرتزقة حصلوا خلال العام الماضي على صفقات يحصلون بموجبها على دخل من حقول النفط التي فرضوا سيطرتهم عليها. وكان السيد جوابرة أول مسؤول يؤكد ذلك فقال: “لا أعرف عدد الآبار أو حجم الدخل الذي يحصلون عليه، لكن هناك بالتأكيد آخرون مستفيدون. فإن المرتزقة ليسوا إلا نموذجاً يساهم في المساعدة على الالتفاف حول المشكلة المتعلقة بالعقوبات”.

وبحسب التقرير، فإن يفغيني برغوزين الداعم الرئيسي للشركة، يخضع للعقوبات الأمريكية التي تستهدف الروس. وأشارت الصحيفة إلى عدم تمكنها من التواصل معه أو مع شركة إيفروبوليس لتوضيح الأمر.

وكان العديد من المرتزقة الروس قد أصيبوا أو قتلوا جرّاء الغارات الجوية الأمريكية خلال الشهر الماضي والتي أوقفت من خلالها ما أسمته بالهجوم من الجانب السوري للسيطرة على المنشآت النفطية.

وأوضح ألكسندر يونوف، وهو مدير شركة خاصة تستقدم مرتزقة عسكريين إلى سوريا، أنه شريك في ملكية شركة سورية اشترت حقلين للنفط في حمص. وأضاف: “إن المشكلة تكمن في أن لا أحد يريد القيام بأي عمل “. فمقاتلات B52 تحلّق، ويهاجم الأكراد مع الأمريكان الداعمين لهم. فليس هذا المناخ الاستثماري الأفضل”.

ومع ذلك، يرى خبراء روس في شؤون الشرق الأوسط أن نظرة روسيا غير العادية كانت علامة عملية إعادة الإعمار حيث سوف توضع قواعدها من قبل روسيا بدلاً من الغرب.

أما السفير الروسي السابق لدى المملكة العربية السعودية أندريه باكلانوف فقد قال: “لدي قناعة تامة بأنه حتى لو اتخذ الغرب نظرة سلبية بشأن إعادة إعمار الاقتصاد السوري، إلا أن الوضع في العالم مختلف الآن. فقد تصبح سوريا ساحة المعركة الاقتصادية الأولى، حيث ستكون نموذجاً جيداً لإعادة الإعمار وتعزيز التنمية الاقتصادية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.