في الباص… صرخت في وجه المتحرش فوصفوني بـ  «قليلة الأدب»

في الباص… صرخت في وجه المتحرش فوصفوني بـ  «قليلة الأدب»

(الحل) – «كثيرات منا يمتنعن عن فضح المتحرش خوفا من التسبب بـفضيحة. ظلم كبير أن تدان الضحية وأن تجلد بسياط العائلة والمجتمع والقانون». هذا ما قالته لينا، عند حديثنا معها عن موضوع التحرش عموما، وفي المواصلات العامة على وجه الخصوص. أما صفا فكان تعليقها: «أول مرة تعرضت فيها للتحرش، كنت صغيرة، تمنيت حينها لو أنني كنت رجلاً، كي لا أتعرض للتحرش ثانية».

تشهد سوريا ودول العالم العربي، انتشار ظاهرة التحرش بالنساء، حيث تبين الدراسات والاحصائيات، الارتفاع الكبير في نسبة النساء اللواتي تعرضن للتحرش مرة واحدة على الأقل، حتى بات التحرش جزءاً من المشهد اليومي، ويمكن أن تتعرض له النساء في أي مكان وزمان.

موقع “الحل نت” استطلع آراء بعض النساء حول التحرش في المواصلات العامة، على اعتبارها نقطة التقاء يومي لعدد كبير من الناس من خلفيات اجتماعية متنوعة، ومن شأنها أن تعكس بعض سلوكيات المجتمع.

مشاركة المقعد مع رجل

من الطبيعي جدا أن يتشارك الأشخاص المواصلات العامة بأريحية، بعيداً عن التفكير بالهوية الجنسية للراكب، فمن المفترض ألا توجد مشكلة من جلوس رجل وامرأة في مقعدين متجاورين، لكن وبحسب شهادات عدد كبير من النساء، فإن المسألة ليست بهذه الأريحية.

تقول صفا سليم (سورية انتقلت حديثاً إلى كندا)، لطالما أزعجني هذا الموضوع في سوريا، وتسبب في كثير من المرات بنزولي من الحافلة قبل الوصول إلى وجهتي، حيث لايراعي الكثير من الرجال آداب المواصلات، فمعظمهم يجلس في مقعد بجوارك ويفرد رجليه ليحتل أكثر من ربع مساحة مقعدك، حتى تضطر الفتاة للتقوقع في مقعدها محاولة ترك مسافة بينها وبين الآخر بجوارها.

وتضيف صفا، لايتوقف الموضوع عند عدم احترام مساحة الآخر، بل يتعداه لممارسات أخطر وأكثر حساسية تصل في كثير من الأحيان للتحرش، لافتة إلى أنها والكثيرات من صديقاتها تعرضن للتحرش اللفطي والجسدي عدة مرات في المواصلات في دمشق، وتقول بانفعال: “كنا نتعرض للمس من قبل رجال بجوارنا، وعندما نحاول الاعتراض يصفوننا بالكاذبات، ونتعرض لإحراج من نظرات ركاب الباص وكأننا فعلا مذنبات”.

التحرش الجسدي

انتصار الخطيب (مدرسة مرحلة إعدادية متقاعدة)، تقول للحل: «خلال سنوات طويلة من التدريس في مدرسة للإناث، أكثر من 80 بالمئة من أفعال التحرش التي تعرضت لها فتيات من المدرسة، تتراوح أعمارهن بين الـ 13 والـ 16 عاما، حصلت في المواصلات العامة».

تضيف انتصار، «عدة فتيات أصبن بصدمة شديدة جراء أفعال من رجال في المواصلات، مثل إقدام بعضهم على الكشف عن أعضائهم الجنسية بجانب هؤلاء الفتيات»، لافتة إلى خطورة هذا الموضوع، «فعدا عن كونه فعلاً منافياً للآداب العامة، فله تأثير سلبي كبير على الفتيات خاصة في هذه المرحلة العمرية».

وتروي المدرسة حادثة تقول إنها كانت الأكثر تأثيراً بها، حصلت في الـ 2015، حيث جاءت فتاة في الصف الثامن الإعدادي متأخرة عن الدوام الصباحي أكثر من نصف ساعة وتبدو في حالة غريبة، في البداية لم تكن الفتاة قادرة على الحديث، وفيما بعد طلبت أن تتحدث لمدرسة واحدة على انفراد، وقالت لها إن أحد الرجال بجوارها حاول لمسها وقام بأفعال «قليلة أدب».

تتابع انتصار: «أكثر ما أحزننا في المدرسة حينها، أن الفتاة كانت خائفة من أن تصل القصة لمسامع أهلها، حينها سوف تتم معاقبتها بشدة»، مستنكرة ما اعتبرته «مساهمة المجتمع عموماً، ناهيك عن القوانين، بعدم ردع المتحرش».

القانون السوري والتحرش

وفي تحقيق أجرته مؤسسة “روزنة” للإعلام مع “الشبكة السورية للمرأة”، ونشره موقع “درج”، أجابت نساء سوريات تتراوح أعمارهن بين 18 و50 عاما، بنعم، عند سؤالهن عن تعرضهن للتحرش مرة على الأقل، حيث تعرضن للتحرش اللفظي أو اللمس، في حين بلغت نسبة المتعرضات لاعتداء جنسي (محاولات اغتصاب، اغتصاب، محاولة إجبار على ممارسة الجنس، والإجبار على ممارسة الجنس) إلى «11 بالمئة». وفق الاستبيان.

وأوضح التحقيق أن قانون العقوبات السوري لا يعرّف التحرش، ولا يعاقب عليه، وإنما يحدد مواداً تتعلق بالأعمال المنافية للحشمة وخدش الحياء العام ويعاقب عليها، حيث تنص المادة 506 من قانون العقوبات على أن «من عرض على قاصر لم يتم الخامسة عشرة من عمره أو على فتاة أو امرأة لهما من العمر أكثر من خمس عشرة سنة، عملاً منافياً للحياء أو وجه إلى أحدهم كلاماً مخلاً بالحشمة، عوقب بالحبس التكديري من يوم إلى ثلاثة أيام، أو بغرامة لا تزيد على خمسة وسبعين ليرة أو بالعقوبتين معاً»، وفق المحامية دعد موسى.

الجدير بالذكر أن معظم  الفتيات والنساء (من أعمار ومناطق مختلفة من سوريا)، اللواتي تم سؤالهن عن التحرش وأسبابه، حمّلن مسؤولية انتشار هذه الظاهرة للدولة التي لاتسن قوانين صارمة بهذا الخصوص، ثم للعادات الاجتماعية التي تنظر للفتاة المتحرش بها على أنها مذنبة.

إ تحرير: سامي صلاح


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.