إعادة الإعمار في دمشق وريفها… إجراءات معلقة ووعود فارغة

إعادة الإعمار في دمشق وريفها… إجراءات معلقة ووعود فارغة

تقارير (الحل) – في حين يتحدث خطاب النظام السوري دون انقطاع عن ملف إعادة الإعمار وكأنه شغله الشاغل، لا تزال آلاف الأبنية التي دمرتها قوات النظام خلال حملاتها العسكرية على المناطق الخارجة عن سيطرتها في #دمشق وريفها على حالها منذ ما يقارب ستة أعوام، دون أي تحركات واضحة لإعادة إعمارها من الجهات الحكومية أو الدولية حتى الآن.

وفي ذات الوقت الذي تتقاعس فيه حكومة النظام عن مسؤولياتها في ايجاد مأوى للمتضررين من جراء القصف، فإنها تمنع السكان المدنيين من ترميم منازلهم واصلاح ما تهدم منها على نفقتهم الخاصة، إضافة لقيامها بهدم عشرات المنازل التي لم تتضرر بشكل كبير دون أسباب واضحة.

قانون ولكن!

اتبعت حكومة الأسد قبل الثورة سياسة غض النظر عن مخالفات البناء، والتي كانت مجالاً للفساد والرشاوى، من خلال التغاضي عن التجاوزات في الأبنية المخالفة او الامتناع عن هدمها، الأمر الذي كان يُشاهد بوضوح في بعض أحياء دمشق مثل #ركن_الدين و #برزة و#المزة 86 ومخيم اليرموك، إلا أنّ الحكومة شددت قبضتها بعد الثورة، وخاصة في المناطق التي استعادت السيطرة عليها، حيث منعت الحكومة سكان العديد من هذه المناطق من العودة او القيام بأي عمليات ترميم منها #المليحة و #داريا ومناطق #جنوبي_دمشق وشرقها.

حول وضع بلدات الغوطة الشرقية التي عادت الى سيطرة النظام مؤخراً أكدّ الناشط الإعلامي محمد براء “للحل” أنّ حكومة النظام قامت بهدم عشرات الأبنية الجديدة في مناطق متفرقة من الغوطة، بحجة أن الأبنية متضررة وعرضة للانهيار أو أنّها أبنية مخالفة شُيدت دون ترخيص، علماً أن جميع عمليات الترميم التي قام بها الأهالي في تلك المناطق تمت بعد التنسيق مع مسؤولين في المجالس البلدية والحصول على الموافقات والتصاريح.

عمل عشوائي دون مراعاة سلامة السكان ولجان “صورية”

المهندس المعماري سعيد الحوري قال “للحل” أنّه و بعد كل ما حصل في المنطقة من دمار ومع ظهور التصدعات الأرضية نتيجة القصف العنيف فإنّ عملية إعادة الاعمار تتطلب أولاً مسحاً فنياً هندسياً تقوم به لجان فنية مختصة لدراسة وضع كل بناء، وفحص عناصره بشكل دقيق، خاصةً وأنّ القصف الذي تعرضت له هذه المناطق كان بصواريخ فراغية وارتجاجية شديدة التأثير، إضافةً لوجود الكثير من الأنفاق والملاجئ التي أُنشئت دون دراسة لحالة الأرض في المنطقة، وقد تم تسجيل حالات تصدع وتشقق في العديد من الجدران، وانهيار بعض الأبنية بشكل مفاجئ على رؤوس قاطنيها في مناطق تعرضت لظروف مشابهة.

وتابع الحوري أنّ حكومة النظام لم تُعين حتى الآن سوى لجان “صورية”، لم تقم بدراسة أي منطقة بشكل فني وعلمي دقيق، ولم نلحظ لها أي نشاط، وهذا الأمر وهذا الامر يشكل خطراً على السكان الذين تُركوا في مناطقهم بموجب التسويات وخاصة في الغوطة الشرقية، حي أنّهم يقطنون في أبنية قد تكون معرضة للانهيار في أية لحظة إما لأنها أبنية مخالفة اساساً و موجودة في منطقة تعرضت للقصف لسبع سنوات متواصلة، أو لأنها أبنية نظامية ولكن تعرضت لظروف خفضت عامل الأمان فيها.

“الدول الصديقة” شريكة في الخراب وفي الإعمار

لا تتوقف حكومة النظام عن إطلاق الوعود والتعهدات للسوريين باقتراب إعادتهم إلى مناطقهم والسماح لمن يرغب بإعادة إعمارها، إلّا أنّ هذه الوعود لا تتعدى التصريحات الإعلامية التي أصبحت بمثابة “إسطوانة مكررة” للسكان، الذين باتوا على يقين بأنّ هناك مناطق محظورة عليهم، مثل بسيمة وعين الفيجة في منطقة#وادي_بردى، و#داريا في #الغوطة_الغربية ومناطق شرق العاصمة #برزة و #القابون وجنوبها #مخيم_اليرموك.

وليس من الغريب على حكومة النظام أنّ تعلن في مؤتمراتها التي تقيمها للحديث حول عملية إعادة الإعمار أنّ من سيشارك في هذه العملية هم فقط من وصفتهم بـ “الدول الصديقة”، حيث أنّهم أنفسهم من ساهموا بتدمير معظم المدن بتنسيق مع النظام، إضافةً لذلك فإنّها قد أصدرت بياناً مشتركاً مع روسيا قبل أيام في #مؤتمر_المانحين طالبت فيه بأموال إعادة الإعمار، وعدم تسيس عمليات التبرع لإعادة الحياة إلى سوريا.

عقوبات ومشاكل دولية!

المحامي أمجد العلي أكدّ “للحل” أنّ عملية اعادة الإعمار في سوريا لن تتم قبل التوصل الى حل سياسي شامل تقره الدول الكبرى، حيث ستنطلق هذه العملية تحت إشراف تلك الدول و من الممكن أن تستمر لعشرات السنوات، ولا يمكن لهذه العملية ان تبدأ في الوقت الحالي مهما حاول النظام الإيهام بذلك، خاصةً مع وجود العقوبات الدولية التي طالت مسؤولي النظام والشخصيات الداعمة له، لا سيما القانون الأمريكي الأخير الذي شدّد على معاقبة أي جهة تدعم النظام في عدة المجالات من بينها الإنشاءات.

وأصدر معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (#UNITAR) دراسة مسحية للدمار الحاصل في نحو 16 مدينة وبلدة سورية، إثر الأعمال العسكرية التي حدثت خلال سنوات الثمانية الأخيرة، واعتمدت الدراسة التي نُشرت السبت (16 -3 -2019) على تحليل الأضرار المكتشفة بواسطة الأقمار الصناعية لتحديد المباني التي دُمرت أو تضررت بشدة أو بشكل قليل، بحيث توفر نظرة عامة عن مدى الدمار وتأثيره على المجتمع.

وذكرت الدراسة أن #حلب أكبر المدن المتضررة جراء القصف، حيث وصل عدد المباني المدمرة فيها إلى نحو 36 ألف مبنى، تلتها الغوطة الشرقية بـ 35 ألف مبنى مدمر، فيما حلّت مدينة #حمص في المرتبة الثالثة التي تدمر فيها 13778 بناء، ثم الرقة بمعدل 12781 بناء، ومن ثم حماة بمعدل 6405 بناء، ودير الزور 6405 أبنية، بالإضافة لمخيم اليرموك بمعدل 5489 بناء.

تقرير: سليمان مطر – تحرير: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.