تقدِّر #الأمم_المتحدة تكلفة #إعادة_الإعمار في #سوريا بنحو 400 مليار #دولار، بعد نحو 8 سنوات على #الحرب الدائرة، وما خلفته من أضرار في البنية التحتية، والقطاعات الحيوية المختلفة.

ورغم الضرورة الملحة للبدء في هذا العملية، إلا أن عوائق جمّة تقف في وجه تنفيذها، أبرزها تعنّت السلطات السورية في القبول بصيغة حل سياسي، وما يقابله من عقوبات #أوروبية وأمريكية على وجه الخصوص.

بالإضافة إلى التنافس بين الدول المؤثرة في الملف السوري (روسيا، إيران وتركيا) ورغبة كل منهم في ضمان حصته من “كعكة” إعادة الإعمار من جهة أخرى.

وبحسب تقرير نشره “معهد واشنطن للدراسات” في أيلول الماضي إن “ملف إعادة الإعمار في سوريا لا يقتصر على تدفق الأموال ودخول الشركات والاستثمارات للدول، وإنما التأسيس لوجود دائم واستراتيجي في سوريا ذات الموقع الجيوسياسي، بشكل يضمن مصالحها لسنوات في منطقة الشرق الأوسط”.

تفاصيل عن التنافس الإيراني الروسي التركي على الكعكة السورية

بدأ الحديث عن ملف إعادة الإعمار منذ بداية العام 2017 تزامناً مع توسع نطاق سيطرة السلطات السورية، على امتداد الجغرافية السورية، وتصريحات المسؤولين بشكل مستمر عن أولوية هذا الملف، على اعتبار أن السلطات السورية هي المنتصر في #الحرب، وهي من تحدد الدول ذات الأولوية في الاستثمار في إعادة الإعمار.

وشدد مسؤولون في الحكومة السورية منهم، وزير الخارجية (وليد المعلم) ووزير الاقتصاد (سامر الخليل) على أن الشركات الروسية والإيرانية ستمتع بأولية إعادة الإعمار باعتبارها من الدول (الصديقة) والحليفة.

إلَّا أن الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية، لا يرغبان في البدء في إعادة الإعمار، كون الأموال المتدفقة للاستثمار ستصب في النهاية في جيوب الموالين للسلطات السورية، وتزيد من رجال الأعمال المقربين من تلك السلطات، بحسب ما ذكرته صحيفة ” فايننشال تايمز” البريطانية في شباط 2019.

وفي رصد لموقع (الحل نت) عن أبرز العقود والاستثمارات، التي منحتها الحكومة السورية، للدول التي تعتبرها حليفة وصديقة، نجد أن #روسيا كانت السباقة في عقود الاستثمارات النفطية والعسكرية، خصوصاً مع إنشاء وتوسيع قاعدة حميمم العسكرية، والقاعدة البحرية في ميناء طرطوس لنصف قرن.

بالإضافة إلى عشرات العقود الموقعة مع شركات روسية في مجال الفوسفات والطاقة، كان آخرها حصول شركة “سويوز” الروسية للنفط على امتياز بقيمة 100 مليون دولار لمدة 25 عاماً في منطقة (عمريت) البحرية، التابعة لسوريا شرقي البحر المتوسط.

أما إيران، فكانت معنية بالدرجة الأولى في ملفات مرافق الطرق والنقل البري، وصولاً إلى موانئ المتوسط في سوريا ولبنان، فكثفت جهودها تجاه المعابر لاستكمال ما يسمى (الهلال الشيعي).

ويعتبر افتتاح معبر (القائم- البوكمال) على الحدود السورية العراقية أهم إنجازات (الحرس الثوري الإيراني)، إضافة إلى رغبة إيران في جعل سوريا ممراً لإنشاء خط أنابيب لتصدير الغاز المسال من حقل (فارس) إلى سوريا، وصولاً إلى أوروبا بتكلفة 15 مليار دولار، الذي كان من ضمن اتفاقية وقعت بين كل من إيران وسوريا والعراق في 2011، إلا أن ظروف الحرب منعت استكماله وتشغيله.

أما تركيا، والتي تعتبر منصة إقليمية أساسية ستعتمد عليها شركات إعادة الإعمار في سوريا، ستركز على المناطق الحدودية المترامية مع سوريا.

ونشر موقع “غلوبال ريسك” البريطاني، تقريراً حول الدور التركي في ملف إعادة الإعمار ذكر في أن “أنقرة ترى في ملف إعادة الإعمار فرصة كبيرة لاقتصادها وشركاتها، وهي مرشحة للفوز بعقود وإعادة بناء البنى التحتية في مناطق الشمال السوري، ومحافظة حلب.

وذلك هو ما تركزت عليه النقاشات مع روسيا خلال الفترة الماضية واتفاق سوتشي، الذي كان من ضمنه فتح الطرقات الدولية والإشراف عليها (m4 , m5)، حيث ستكون بمثابة معابر تجارية للبضائع ومواد البناء، التي سيتم إرسالها من كافة دول العالم إلى سوريا، بحسب تقرير “غلوبال ريسك”.

لا إعادة إعمار من دون “حل سياسي”

لا يمكن للدول الحليفة للسلطات السورية وحدها تحمل تكلفة إعادة الإعمار المقدرة بنحو 400 مليار دولار، وإنما تحاول تلك الدول “الحليفة” جني ما دفعته طوال السنوات الماضية كثمرة وقوفها إلى جانب السلطات السورية.

ومن هنا قال الباحث في الشأن الاقتصادي (مرشد النايف) لموقع (الحل نت) إن “العقوبات الأمريكية والأوروبية تقف أمام البدء في ملف الإعمار بشكل مطلق”.

ولفت إلى أن “استراتيجية الولايات المتحدة تقوم على فرض المزيد من العقوبات على الشركات الروسية والإيرانية التي ستشارك في إعادة الإعمار، ومن المعلوم أن لا أحد يمكنه مواجهة أكبر اقتصادات العالم المتمثلة في الولايات المتحدة”.

وأضاف النايف أن “الأدوات الفنية والتقنية والمالية لإطلاق عملية في هذا الحجم تقتصر على الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي”.

وأوضح أنه “لا طاقة لكل من روسيا لإيران في تحمّل التكلفة، في ظل العقوبات المشددة وتعثر الوصول لحل سياسي”، مشيراً إلى أن “جميع العقود التي أبرمتها حكومة النظام مع روسيا وإيران تتمثل في الهيمنة على الأصول الاقتصادية والاستراتيجية التي تحقق من خلالها مكاسب دون إعادة بناء البنية التحتية، التي تعتبر الأساس لإعادة إعمار سوريا”.

وأردف الباحث الاقتصادي أن طريق الحل السياسي هو من سيرسم طريقة اقتسام كعكة إعادة الإعمار بين الدول، لكن ذلك لا يعني أن روسيا وإيران، لن ينالا جزءاً من تلك الكعكة، واستثمارها بطريقة تتناسب مع أوضاعها الاقتصادية”.

وختم أن “الصين ستكون حاضرة بقوة فكما يقول المثل بأنه لا يوجد منزل في العالم إلا وبداخله منتج صيني، إلا أنه أيضاً سيكون ضمن الخطوط الأمريكية التي تشن حرباً تجارية مفتوحة معها”.

إعداد: أسامة مكية – تحرير: مهدي الناصر

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.