يمر السوريون حالياً بـ “أقسى” فصل شتاء مرَّ عليهم في تاريخهم، من الناحية المعيشية وفقاً للكثير من الأسر الذين التقى بهم موقع (الحل نت)

وباتت حلول #التقشف، التي استعان بها السوريون سابقاً لا تناسب هذه المرحلة، ومن الضروري اليوم البحث عن سبل وأساليب جديدة تساعدهم على البقاء أحياء ولو بقليل من الدفء.

تدهور الليرة وغياب المحروقات وندرة الكهرباء

يتفوق فصل #الشتاء الحالي مع أزماته، على فصول الشتاء في سنوات الحرب السابقة، إذ شهد في بدايته أول انهيار من نوعه لقيمة #الليرة_السورية بشكل سريع إذ وصلت إلى حدود 1000 ليرة لكل دولار، ثم استعادت شيئاً من عافيتها سريعاً أيضاً لتستقر قيمتها حالياً عند حوالي 850 ليرة لكل دولار، وهذا الرقم يعتبر تاريخي لليرة، ولم تصل إليه سابقاً بالانحدارات التي استمرت بها على مر 9 سنوات من الحرب.

ورافق انحدار قيمة الليرة، ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد #الغذائية الأساسية، إضافة إلى قرارات اقتصادية عدة ساهمت أيضاً خلال هذا الشتاء بزيادة معاناة الشعب السوري.

ومن تلك القرارات، تخفيض قائمة المستوردات الممولة بسعر دولار مصرف سوريا المركزي أي (435 ليرة)، وتطبيق نظام البطاقة الذكية على كل المشتقات النفطية آخرها الغاز، إذ تم تخفيض حصة الفرد من الغاز بالسعر المدعوم، أي أنه تم تخفيض الدعم بشكل أو بآخر.

مادة الغاز المنزلي هذا الشتاء شحيحة جداً وغير متوفرة بسهولة حتى في السوق السوداء، كما كان يحصل السنوات السابقة، حيث أكد بعض أعضاء مجلس الشعب واقتصاديون إلى أن السبب يعود إلى معمل الأسمدة المستثمر من شركة “ستروي غاز” الروسي، الذي بدأ يعمل منذ عدة أشهر فقط في حمص، وتؤمن له الحكومة السورية كميات ضخمة من الغاز للتشغيل.

ووصلت أسعار مواد غذائية مثل السكر، والرز، واللحمة، وزيت القلي، وزيت الزيتون، وحتى الحليب ومشتقاته، والشاي، والقهوة والمتة، إلى مستويات غير مسبوقة، لأسباب متعددة، منها احتكار التجار، وارتفاع سعر الصرف، وأسباب متعلقة بقوانين جديدة للاستيراد، فرضت على المستوردين تكاليف جديدة إضافية رفعت الأسعار.

كل ذلك، إضافة إلى تيار كهربائي متقطع وتقنين جائر وغير عادل، نتيجة عدم القدرة على زيادة التوليد لقلة الغاز، فضلاً عن تقنينٍ للمياه وصل إلى أكثر من 10 ساعات في اليوم، بسبب عدم توفر الكهرباء لتشغيل المضخات الرئيسية.

الكثير من المشاكل ازدادت تفاقماً هذا العام، واجتمعت سوية في شتاء واحد، ازدادت برودته على الأسر السورية في ظل الفقر المتزايد أصلاً.

أساليب تقشف تطال الزيت والقهوة والشاي وحتى التبغ

ولكن، اعتاد #السوريون على البحث الدائم عن حلول، فكان لابد من دق ناقوس الخطر وتطوير أساليب التقشف المتبعة، أو البدء باتباعها لمن لم يتبعها سابقاً ودخل مرحلة صعبة هذا العام وفقاً للمتغيرات الجديدة، وعليه استطلع “الحل نت” الأساليب الجديدة التي يتبعها السوريون هذا الشتاء في سبيل ضبط النفقات قدر الإمكان.

ومن الأمور التي اتبعها السوريون لضبط النفقات، تخفيض جودة الكثير من المستلزمات الغذائية، والنزول بها إلى الأصناف الأقل سعراً ولو كانت الجودة متدنية وبخاصة في القهوة والشاي والمتة، واستبدال السمنة بالزيت، واستخدام زيت الصويا بدلاً من عباد الشمس، أو إلغاء السمنة والزيت نهائياً، والاعتماد على السَّلق.

هناك بعض الأسر، التي تدهورت حالتها الاقتصادية بشكل كبير جداً، فاختصرت وجبات طعامها اليومية إلى وجبتين أو وجبة واحدة، وأسرٌ استغنت عن الفواكه واللحوم والحلويات وحاجيات أخرى نهائياً.

وهناك بعض الأسر التي حددت يوماً واحداً لتناول اللحوم في الشهر، متجهين إلى مصادر البروتين النباتية، أو الاعتماد على لحم الدجاج بشكل كلي، وإلغاء اللحم الأحمر، وتحديد أيام معينة لطبخات الدجاج، وأغلب الأسر باتت تعتمد الطهو ليومين أو ثلاثة للتوفير.

أسر تشترك بشراء مواد بسعر الجملة واقتسامها

أسرٌ اعتمدت أسلوب الشراء بـ “الفرط”، أي شراء المستلزمات تبعاً للحاجة اليومية فقط، ليستطيعوا ضبط النفقات قدر الإمكان، كأن يتم شراء بـ 200 ليرة سكر وبـ 300 قهوة و500 زيت، وهكذا، من مبدأ الشراء بذات القيمة السابقة ولو بكميات أقل.

ويطال هذا المبدأ المنظفات والمحارم وأي مستلزمات يومية أخرى يمكن شراؤها بهذا الأسلوب، إذ توجه الكثير من الباعة أيضاً لهذا الأسلوب لتحسين حركة البيع في ظل الركود.

وأصبحت بعض الأسر تعتمد إلى الاشتراك في شراء السلع الغذائية الرئيسية من سوق الجملة، للحصول على أسعار أرخص وعروض متعددة، وبعدها تقسيم المشتريات بين الأسر، ويتم ذلك إما بشكل أسبوعي أو شهري.

ومن أساليب التكيف مع الواقع الصعب، اختصار الملابس الجديدة وحصرها بالضرورة القسرية، والاستعانة بملابس مستعملة من الأقارب أو الإخوة، ومن يستطيع الشراء بميزانية بسيطة يتوجه للأسواق الشعبية والبسطات، التي باتت ملاذ هام للسوريين بهذه الأوقات كونها تبيع تقريباً بسعر الجملة لغياب تكاليف الكهرباء والمياه وأجرة المحل والعمال.

أما بالنسبة للمدخنين فقد قاموا بتخفيض عدد السجائر المدخنة في اليوم إلى النصف، أو توجهوا إلى أنواع رديئة بسعر منخفض، أو انتقلوا لتدخين التبغ العربي، الذي لم يكون بعيداً عن ارتفاع الأسعار، لكنه يبقى معقولاً إن تمت مقارنته مع الدخان الأجنبي أو الوطني الجاهز.

الطبابة… ابتعد عن زيارة الطبيب والجأ إلى المراكز الخيرية

لم تعد زيارة الأطباء ضمن استطاعة كثير من الأسر وبخاصة في فصل الشتاء، الذي تكثر فيه الأمراض، وقد باتت كثير من الأسر تعتمد التوجه إلى المستوصفات الخيرية أو المجمعات الخيرية، أو نقاط الهلال الأحمر والصليب الأحمر، أو المشافي الحكومية.

بات لزاماً للسوريين اليوم العمل على تقنين كل شيء، حتى الكهرباء التي لا ينعمون بها إلا ساعات قليلة باليوم، والسبب هو جعل الراتب يكفي قدر الإمكان لأهم وأكثر متطلبات الحياة أساسية للعيش، دون أي مظاهر لها علاقة بالترويح عن النفس.

إعداد: فتحي أبو سهيل – تحرير: مهدي الناصر

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.