تعمل الحكومة في سوريا على توسيع استخدام “البطاقة الذكية” لتشمل مواد مختلفة، لما تقول إنه سعياً منها “لتحقيق العدالة الاجتماعية في توصيل الدعم لمستحقيه ومنع الغش والتلاعب”.

ويلقى ذلك انتقادات، تصاعدت مؤخراً حول جدوى هذه البطاقة في ظل فقدان المواد التي توزع عبرها.

وفي استطلاع أجراه موقع (الحل نت) على عدد من سكان #دمشق وريفها، تبين أن #البطاقة_الذكية لا تساعد حالياً في الحصول على أي مادة مدعومة سوى تحصيل مخصصات #البنزين التي صارت أقل ومحدودة بالسعر المدعوم عبر هذه البطاقة.

في حين من الصعب جداً تحصيل جرة #غاز أو ليتر #مازوت عبرها، علماً أنه من المفترض أن تتوفر المواد الموزعة عبر البطاقة أكثر من السابق كونها خفّضت حصة كل فرد منها وحددتها بمدد وكميات معينة، بحسب الاستطلاع.

وبعيداً عن تصريحات الحكومة وغاياتها من البطاقة، يؤكد الخبير الاقتصادي (زياد.س) لموقع (الحل نت)، أن الهدف الوحيد من #البطاقة هو تخفيض شريحة دعم المواطن السوري إلى حدودها الدنيا، أي أن الحكومة ألغت جزء كبير من الدعم، الذي هو حق للمواطن بمواد مثل الغاز والمازوت والبنزين، وقريباً مواد استهلاكية أخرى.

وتابع “كان سابقاً واجباً على الدولة، وحقاً للمواطن، أن يحصل الأخير على المحروقات والكهرباء والمياه والمواد الاستهلاكية الأساسية بسعر مدعوم، وهذا هو مبدأ الدولة السورية التي تعتبر نفسها اشتراكية”.

“إلا أنه ومع بدء الحرب في سوريا، ألغت الحكومة دفاتر التموين التي كانت الأسر تحصل بموجبها على السكر والأرز والشاي بسعر مدعوم، وبعدها بدأت تخلق الأزمات بالمحروقات طيلة سنوات الحرب، لتبدأ تطبيق البطاقة الذكية منذ 2014، التي هدفها الأساسي هو التملص من دعم المواطن إلا في حدود معينة وفقاً لما تراه الحكومة كافياً له، بحسب الخبير الاقتصادي.

تاريخ البطاقة الذكية والمواد المشمولة

وبدأت وزارة #النفط، في تطبيق مشروع “البطاقة الذكية” الذي تنفذه “شركة تكامل” عبر 3 مراحل، أولها في تموز 2014، حيث تم إطلاقه لبنزين الآليات الحكومية، ثم أطلقت المرحلة الثانية في 2016 للآليات الخاصة بالسويداء، وخلال 2017 بدأت المرحلة الثالثة لمازوت التدفئة، وفي بداية 2019 على الغاز المنزلي.

وفي تموز 2019، دار الحديث عن تطبيق البطاقة الذكية على #الكهرباء أيضاً، لتؤكد المؤسسة العامة لتوزيع الكهرباء ذلك، حيث قالت إن مشروع نظام الدفع المسبق للفواتير عبر بطاقات ذكية طُرح للاستثمار لكن لم يتقدم إليه أحد، وتقوم اللجان المختصة حالياً بتعديلات على دفتر الشروط الخاصة به، لإعادة طرحه من جديد للاستثمار.

وقال مدير المؤسسة (عبد الوهاب الخطيب) لإذاعة (ميلودي)، إن المؤسسة تعمل على مشروع العداد الذكي المؤتمت لقراءة العداد عن بعد دون أي تدخل بشري، مبيّناً أن وضعه في الخدمة يحتاج وقت وعمل جدي، حيث طرح للاستثمار وتقدمت له 4 شركات، وتقوم الوزارة بدراسة عروضها.

وفي تشرين الثاني 2019، وقعت وزارتا النفط، والتجارة الداخلية، اتفاقية بهدف تقديم الخدمات اللازمة لوزارة التجارة الداخلية المتعلقة بتقديم عدد من السلع والمواد الغذائية عبر نظام البطاقة الذكية.

وبعد جدل شعبي حول نية الحكومة تطبيق البطاقة الذكية على الخبز، خرج وزير التموين (عاطف النداف) ليؤكد بحديث مع موقع (الاقتصادي) في ذات الشهر، أن الوزارة لم تقرر بعد إدخال أي مادة للبيع عبر البطاقة الذكية، مشيراً إلى أنه عند الضرورة يمكن استخدام البطاقة على أي مادة بما في ذلك #الخبز.

وفي كانون الأول 2019 كشفت وزارة التجارة عن المباشرة بأولى مراحل توزيع السلع الغذائية عبر البطاقة الذكية، حيث تم تركيب واجهات البرنامج في الإدارة المركزية بالوزارة و”المؤسسة السورية للتجارة”، لإدارة العمل عبر البطاقة، وفقاً لحديث معاون الوزير (رفعت سليمان) مع صحيفة (الوطن).

ومع مطلع عام 2020، صرح مصدر حكومي مسؤول لصحيفة (الوطن) بأن اللجنة الاقتصادية رفعت توصية إلى رئاسة مجلس الوزراء للبدء ببيع المواد الأساسية المدعومة عبر البطاقة الذكية، وغالباً ستكون السكر والرز والشاي، عن طريق المؤسسة السورية للتجارة، مبيناً أن خطة العمل تتضمن البدء بالتوزيع في الأول من شهر شباط القادم.

ليعود معاون وزير التجارة الداخلية، (جمال شعيب) ويؤكد يوم الأحد 12 كانون الثاني لإذاعة (شام إف ام)، أنه “يحق لكل فرد عبر البطاقة الذكية الحصول على 1 كيلو سكر، و1 كيلو الأرز، 200 غرام شاي شهرياً، على ألا تتجاوز الكميات على البطاقة الواحدة مهما بلغ عدد أفراد الأسرة المسجلين عليها 4 كيلو سكر، 3 كيلو رز، و1 كيلو غرام شاي”.

 الحكومة تحاول تطبيق المثل الشعبي “من دهنو سقيلو”!

وتستطيع الحكومة عبر البطاقة الذكية وفقاً للخبير زياد، توفير مليارات الليرات على الخزينة من جيب المواطن، حيث تقوم بتخفيض وتحديد حصته من المواد المدعومة بما لا يسد حاجته وتخلق له الأزمات، لتجبره على شراء المواد خارج الحصة المحددة لكن بسعر السوق، كما يحدث اليوم في البنزين، والمازوت للصناعيين، وبالتأكيد قريباً للغاز، وبعدها السكر والرز والخبز.

وأضاف “يعتبر هذا رفع صريح للدعم، حيث ستقوم الحكومة بتغطية حصة المواطن من الدعم عبر جزء بسيط من الأرباح المحققة من بيعه ذات المواد خارج الحصة المحددة بسعر السوق، وأيضاً سيساعدها ذلك على تغطية فواتير استيراد تلك المواد، واستخدام جزء من الأرباح في ترميم موازنتها”.

وأكد أن حديث الحكومة حول منع البطاقة الذكية لحالات الغش غير صحيح، بل فتحت البطاقة أبواباً جديدة للتلاعب والغش، ويمكن أن يلاحظ ذلك أي شخص حالياً بظل أزمة المشتقات النفطية الحاصلة.

البطاقة الذكية تتيح أساليب غش وانتفاع

وفي رصد موقع (الحل نت) لحالات الغش في “البطاقة الذكية”، تبين وجود الكثير من الأساليب، منها شراء محطات البنزين لحصص المواطنين الذين لا يقومون بتعبئة مخصصاتهم كل 5 أيام، أو يقومون بتعبئة أقل من 40 لتراً كل 5 أيام، مقابل 200 ليرة للتر، لتقوم الكازية لاحقاً ببيع اللتر بالسعر الحر بحوالي 425 ليرة.

وأيضاً، هناك بعض أصحاب السيارات القديمة، التي لا يقومون باستخدامها، يؤجرون البطاقات لمحطات الوقود مقابل مبلغ مالي شهري يتراوح بين 20 – 25 ألف ليرة سورية، على أن تقوم المحطات باستخدامها للبيع لكن بالسعر الحر لمن يريد تعبئة سيارته فوق المخصصات المحددة كل 5 أيام، أو انتهى رصيده من البطاقة.

والتلاعب في مازوت التدفئة أسهل بكثير، إذ ما زالت قضية الكميات الراجعة في خرطوم التعبئة لا يمكن لأي بطاقة ذكية ضبطها، والعداد غير مضبوط نهائياً، عدا عن أن البائع يقطع مخصصات المواطن عبر جهاز البطاقة الإلكتروني قبل بدء التعبئة، وبالتالي لن يكون هناك أي دليل على التلاعب بالكميات، وبخاصة بعد تحرير الفاتورة.

وأيضاً، هناك مواطنين يقومون بتأجير البطاقة لبائع المازوت، ومنهم من لا يستطيع دفع ثمن مخصصاته كاملة، فيتفق مع البائع على تعبئة نصف المخصصات بنصف ثمنها، مقابل اقتطاع البائع من بطاقة الزبون كامل مخصصاته، ومن ثم بيعها في السوق السوداء بـ 7000 ليرة لكل 20 لتر.

وفي مادة الغاز أيضاً، يبيع البعض أو يؤجرون بطاقاتهم للتجار، ويقوم التجار بتجميع الأسطوانات لديهم بالسعر الرسمي، ومن ثم بيعها بسعر يتراوح بين 3300 – 3700 في الأيام العادية، وفي وقت الأزمات تصل الأسطوانة لنحو 8000 ليرة سورية كما هو الحال حالياً.

ومن الأساليب الأكثر انتشاراً، اقتطاع المخصصات المتبقية في البطاقة التي لم يستهلكها المواطن دون علمه، وبخاصة إن جاء الزبون نهاية الشهر لتعبئة البنزين أو الغاز كذلك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.