تنتهي معظم الحكايات الكلاسيكية القديمة بزواج الفتاة “الجميلة” من الشاب “الوسيم”، وهذا ما أعادت إنتاجه أفلام  “والت ديزني” الشهيرة، فقد قدمت قصة بياض الثلج (سنو وايت) عام 1937 في الفيلم كفتاة “جميلة ورقيقة بريئة”، وقعت ضحية زوجة الأب الغيورة، ثم أنقذها الأمير “الوسيم” الذي لم يكن له دور فعلي في الفيلم سوى إنقاذها وكذلك فعل الأمراء “الوسيمون” في الأفلام الأولى لـ “ديزني” مثل سندريلا والجميلة النائمة وغيرها.

احتاج تغيير المعادلة في “ديزني” إلى ستين سنة تقريباً حين ظهرت “بيل” بطلة فيلم “الجميلة والوحش” عام 1991 كشخصية قوية و #ذكية، تهوى القراءة وترفض أن تكون الزوجة التقليدية للفتى الأكثر وسامة في القرية واستطاعت بشخصيتها الفريدة وشجاعتها تخليص الوحش من طباعه السيئة لتنتهي التعويذة التي استحقها لعجرفته وغروره. أما البطلة في فيلم “مولان” 1998 فقد حاربت العادات الظالمة في #مجتمع كامل وحققت لوالدها الفخر رغم فشلها في نيل إعجاب الخاطبة.

اختلفت الصورة النمطية لـ #المرأة في قصص #الأطفال أيضاً فبعد أن كان التركيز على من هي الفتاة “الأجمل” وزوجة أب تغار من الأطفال وتمارس عليهم الظلم والقهر، روت الكاتبة “راما قنواتي” في قصة “أم في كل مكان” كيف يمكن أن يحاط الطفل في ظرف معينة مؤقتة أو دائمة، بشخصية أخرى تعتني به عناية  #الأمومة مثل الجدة أو الخالة أوالعمة، وليس هناك ما يمنع أن تكون زوجة أب حنونة، وفي كتابها “الزرافة فافا”، مغامرات كثيرة تفاعلية بين طفلة وصديقتها الزرافة وفيها تمارين مسلية ضمن القصة،  أما في كتابها “لونا في السوق”، فتعلم الأطفال بطريقة مرحة حسن التصرف في السوق وعدم التبذير.

وتقول “راما” موضحةً: أذكر أن قصة من قصص الطفولة أصابتني بصدمة لم أنسها حتى الآن، إذ كانت البطلة تبكي وتطلب من أخيها أن يحضر لها جوهرة من مكان مسحور يتحول كل من يدخله إلى صخر، فيذهب الأخ ليحقق رغبتها ويتحول إلى صخر. لم تشعر البطلة بالكارثة التي تسببت بها لسبب تافه بل بكت أكثر ليذهب أخيها الثاني ليحقق رغبتها وبدوره يتحول إلى صخر.

لا أذكر نهاية القصة، تقول “راما”، لكنني أعرف أنني لم أعد أريد سماع مثل تلك القصص ولا أريد أن أقرأها لأطفالي، هذا ما دفعني لكتابة قصص الأطفال وكسر القوالب النمطية لأبطال حكاياتهم. كذلك فعلت كاتبات عديدات مبدعات مثل “فاطمة شرف الدين”، و”سلمى قريطم”، و”وداد عياش” وغيرهن ولم تحتو قصصهن على أميرات مسكينات وأمراء ينقذونهن لجمالهن، ولا على جدة تقول كان ياما كان فالقصص التي كتبنها لم تحدث في قديم الزمان بل تحدث الآن، هنا. 

تحيط بنا في هذا الزمن وهذه الظروف جدات بدأن مهناً جديدة وتعلمن لغات جديدة وتابعن تدريس أطفال في ظل حرب وحصار وإسعاف للجرحى، فهل تبقى في خيالنا الجدة عجوز تحيك الصوف على الكرسي الهزاز وتحكي القصص الغريبة؟  لا يعني هذا أن جميع القصص القديمة الشعبية والتراثية أصبحت غير ذات قيمة فهناك قصص مليئة بالمغامرات المشوقة والحكم ولكن حسن اختيار المقولة والصورة المنقولة بات ضرورياً.

تمتلئ حياتنا اليومية بالصور النمطية التي تؤطر كثير من مشاعرنا ورغباتنا، فالمطبخ ليس المكان المفضل لكل النساء وهذا ليس عيباً، ولا يحب كل الرجال قيادة السيارة وهذا ليس سراً.

لا تذرف كل النساء الدموع عند مواجهة المشاكل، ولا تحلم كل فتاة بزفاف أسطوري، ولا يجيد كل الرجال تركيب جرة غاز.

هناك صور نمطية سطحية كأن يكون شعر الفتيات طويلاً بالضرورة ولكن هذه الصورة رغم سطحيتها إلا أن بعض الفتيات تواجهن معارضة حقيقية ومنع لرغبتهن في قص شعورهن، فما هو الأثر الفعلي للصورة النمطية في المواضيع الأكثر عمقاً مثل “اعتبار سكان مدينة ما أقل شأناً أو التشاؤم من أصحاب مهنة ما”؟ إلخ.

تكثر الأمثلة في حياتنا، قوالب لابد من كسرها كما نكسر جرة خلف أمر لا نريده أن يتكرر كما تدعي الخرافة، سنكسرها ولكن معنوياً بالطبع فقد انتهى عصر الجرات كما سينتهي عصر الصور النمطية لا محالة.  

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.