ظاهرة التسول وعمالة الأطفال في الرقة، بين الحاجة والرفض

ظاهرة التسول وعمالة الأطفال في الرقة، بين الحاجة والرفض

تشهد مدينة الرقة، في الآونة الأخيرة انتشاراً واسعاً لظاهرة تسرب الأطفال من مقاعد الدراسة، بهدف التسول والعمالة بالشوارع والأماكن المزدحمة نتيجة لسوء الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار التي تشهده المدينة، وساهم في ذلك إصابات الحرب التي أقعدت الكثير من أرباب الأسر في بيوتهم ومنعتهم من العمل، وحركة النزوح إلى الرقة من القرى والبلدات التي اجتاحها الجيش التركي والفصائل السورية المسلحة بالريف الشمالي.

عمالة الأطفال

اضطرت رشيدة العمر «من سكان حي الطيار» لإرسال أولادها الاثنين (رجب وعمر) للعمل في بيع المناديل والسجائر بالأماكن العامة وعلى أرصفة الطرقات، بهدف تأمين لقمة العيش و ليساعداها على الحياة الصعبة التي تعيشها عقب فقدانها لزوجها الذي اعتقله تنظيم #داعش في عام 2016 ولا أثر له إلى الآن.

وتكمل «العمر» خلال حديثها لموقع «الحل نت» قائلة: إنني «أعمل في تنظيف المنازل وأدراج الأبنية وما أجنيه يكاد لا يسد رمق أطفالي نظراً لارتفاع أسعار المواد الغذائية وأجار المنزل الذي يؤوينا من برد الشتاء، وكان عليَّ أن أضحي بدارستهما لكي لا يجوعا ويساعداني بما يجنياه في عيش حياة تكاد أن تكون كريمة».

وتعد «رشيدة» واحده من المئات اللواتي فقدن أزواجهن بين المعتقل والقتيل والمفقود، ودفعتهم ظروف #الحرب لإرسال أطفالهم للتسول أو العمالة في الأماكن العامة، لتأمين لقمة العيش.

أعمال أفقدتهم الطفولة

يقول عادل الضاهر، «ناشط من مدينة الرقة»، لموقع «الحل نت» إن «أوضاع المعيشة المتردية وارتفاع الأسعار دفع بالعديد من العوائل لإلزام أطفالهم بالعمل في مهن وحرف لا تناسب أعمارهم وبنيتهم الجسدية، والتخلف عن مقاعد الدراسية، فمنهم من ألزم طفله بأعمال شاقة في البناء والمصانع ونقل البضائع وصيانة السيارات ومنهم من اختار الشارع كوسيلة لتأمين الرزق، حيث ألزموا أطفالهم بجمع الكرتون والنايلون من بقايا النفايات وبقايا الحديد من الأبنية المدمرة مما أدى لإصابة العديد منهم أثر تهدم الأجزاء المدمرة فوق رؤوسهم وانفجار مخلفات #داعش من الألغام عليهم، ليفقدوا طفولتهم ومستقبلهم إثر ذلك» وفق قوله.

الظاهرة والحاجة

بالتزامن مع انتشار عمالة الأطفال، تنتشر أيضاً ظاهرة تسول الأطفال بكثرة على أبواب المقاهي والمطاعم والإشارات، ومن خلال لقائنا مع (محمود) 11 عاماً وسؤاله عن سبب التسول قال: «أبي فقد قدميه بالحرب وأمي تعمل مستخدمة في المشفى الوطني، وكوني أكبر أخوتي اعمل لمدة 16 ساعة كاملة على إشارات المرور وأمام مداخل المقاهي والمطاعم لتأمين المصروف اليومي لهم» وفق قوله.

أما التوأم «صباح وعلي» من بين الأطفال الذين يتسولون بالقرب من #دوار_النعيم بالمدينة، فتقول الطفلة صباح لموقع «الحل نت» «نحن من حي المشلب ونسكن في غرفة صغيرة قرب الدوار مع والدتنا المريضة أما أبي فقد مات في الحرب وأقربائنا سافروا إلى #تركيا ويساعدوننا أحياناً من خلال إرسال مبالغ مالية لنا عبر الحوالات، ونأتي في كل يوم إلى هنا لطلب المال من المارة ونشتري به طعام وعندما لا نحصل على المال يقوم أصحاب المطاعم بإعطائه لنا بشكل مجاني».

تأثير التسول على الطفل

للتسول أثار سلبية على مظهر المدينة “الحضاري” بشكل عام، وعلى المتسول بشكل خاص إذ يلجأ المتسول لطرق “غير مشروعة” للحصول على المال في حال لم يحصله بالتسول، حسب أحمد الصابر (أخصائي اجتماعي من #الرقة) الذي تحدث لموقع «الحل نت» قائلاً: إن «هدف المتسول الوحيد تأمين المال، دون الاهتمام لكيفية الحصول عليه، وعند عدم قدرتهم على الحصول عليه، قد يدفعهم للقيام بأعمال إجرامية كالسرقة والسلب بالعنف، كما يلجأ مروجو المخدرات والتجار لاستغلال المتسولين،  لمساعدتهم على بيع المخدرات وترويجها بين أفراد المجتمع مقابل مبالغ مالية» على حد تعبيره.

أعمال لمكافحة ظاهرة التسول والعمالة

يعد الأطفال من أكثر الفئات تضرراً بآثار الحروب بالمجتمع، نظراً لذلك عمل #مجلس_الرقة_المدني عبر لجانه على متابعة الأطفال ومكافحة ظواهر #التسول والعمالة والتشرد، من خلال عدة حملات توعية وتسليط الضوء على ضرورة اهتمام الأهالي بأطفالهم وحثهم على إرسالهم للمدارس كونها المكان الصحيح لتواجدهم.

وفي تصريح لرئيس مكتب المنظمات (لؤي العيسى) في المدينة، قال إن المكتب «يعمل على مكافحة ظاهرة التسول من خلال توفير مراكز لتأهيل الأطفال وتنمية أفكارهم ودمجهم في المدارس مع إيلاء اهتمام خاص بذوي #الاحتياجات_الخاصة»، وناشد «العيسى» المنظمات الإنسانية لاستهداف الأطفال اللذين فقدوا ذويهم بالحرب ولا يملكون معيل عائلي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.