لا حوالات ولا تنقلات… سوريون يبيعون أثاث منازلهم لتقاسم النفقات

لا حوالات ولا تنقلات… سوريون يبيعون أثاث منازلهم لتقاسم النفقات

دخل السوريون اليوم في مرحلة الخطر، فبعد تسع سنوات من التدهور الاقتصادي الذي تسارع بشكل كبير العام الماضي، وانهيار الليرة السورية أمام الدولار لتسجل أكثر من 1200 ليرة لكل دولار، وسط تضخم الأسعار وصعوبة توريد البضائع وضعف القدرة الشرائية، جاء فيروس كورونا والإجراءات الاحترازية المرافقة له ليكون الضربة القاضية على استطاعة شريحة واسعة من الأسر اقتصادياً.

الوضع في #سوريا، ليس مختلفاً عن باقي الدول؛ لكنه أكثر سوءاً بعد سنوات من التدمير الذي طال كل قطاعات الحياة، فقد باتت شريحة واسعة من السوريين عاطلة عن العمل وخاصة المياومين وبعض الموظفين الذين اضطرت شركاتهم للاستغناء عنهم، وبالتالي فقدان مصدرهم الأساسي للرزق، بينما فقدت أسر أخرى معوناتها القادمة من الخارج عبر أبنائهم الذين هاجروا إلى أوروبا أو دول #الخليج هرباً من الحرب، لأسباب عدة.

مشكلة الحوالات

«أبو ثائر» مهجّر من #مخيم_اليرموك، يبلغ من العمر 65 عاماً، يعيش مع زوجته في ضاحية #قدسيا بدمشق، قال إن «ابنه الذي هاجر إلى ألمانيا منذ ثلاث سنوات، يرسل له شهرياً ما يقارب الـ100 يورو من عمله، وهذا المبلغ يعيله في دفع آجار المنزل، ويكفي لباقي متطلبات الحياة لشخصين مع رابته التقاعدي».

وتابع «للأسف توقف ابني الشهر الماضي عن ارسال الحوالات أثر الاستغناء عن خدماته في المطعم الذي كان يعمل به في الخفاء دون علم السلطات، وبالتالي خسر مصدر هام من رزقه، وبالكاد يستطيع حالياً العيش بما يحصل عليه من #الحكومة_الألمانية».

ويتقاطع معه في المشكلة، (بدر. ر) وهو شاب عشريني، وطالب في #جامعة_دمشق، من سكان #جرمانا، قائلاً: «أخي موجود في #الولايات_المتحدة_الأميركية، ونعتمد عليه بمبلغ شهري لا يقل عن 300 دولار. نجد صعوبة بالغة في الأوقات العادية بالحصول عليها كونها قادمة من أميركا، لكن في النهاية نحصل عليها عن طريق #السوق_السوداء».

حياة أشبه بالجحيم
وتابع «هذا المبلغ يعتبر تافهاً، لكنه يعيل عائلة كاملة من أربعة أشخاص بأقل النفقات، فمصاريف جامعتي ومدرسة أختي الصغيرة، وأبي وأمي، تعتمد أساساً على هذا المبلغ، لكن تم تخفيض الراتب الشهري الذي يتقاضاه بنسبة 25% أثر #الأزمة_الاقتصادية بسبب #كورونا، وبات غير قادراً على إرسال ذات المبلغ، إضافة إلى استحالة قدرتنا على قبض الحوالة».

وأضاف «نحن نعيش في جرمانا وهي ضمن محافظة #ريف_دمشق، بينما الحوالات عبر السوق السوداء تصل إلى أماكن محددة في #دمشق، في حين يمنع التنقل بين الريف والمدينة، ما جعل حياتنا أشبه بالجحيم. حالياً أعمل في توصيل الطلبات بسوبر ماركت ضمن منطقة سكني، لكن دخلي الشهري لا يزيد عن 60 ألف #ليرة_سورية، وهي غير كافية لسد الرمق».

وفي استطلاع قام به «الحل نت» فإن سياسة تخفيض العاملين في سوريا، جعلت استلام #الحوالات_الداخلية، أو الخارجية عبر المنافذ الرسمية صعبة جداً أيضاً، نتيجة إغلاق أغلب فروع الشركات، وباتت مناطق عدّة في ريف دمشق خارج الخدمة مثل المعضمية وقطنا وغيرها.

حلول وقهر يوميّ

لجأ (أبو ثائر، وعائلة بدر)، وغيرهم من العائلات السورية، إلى بيع مقتنيات #الذهب لديهم بعد ارتفاع سعر الغرام لحدود 58 ألف ليرة سورية، بينما لجأت أسر أخرى لبيع بعض مقتنيات المنزل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد لوحظ نشاط بيع أثاث المنازل مؤخراً نتيجة الحاجة المادية الملحة.

وفي جولة على أسواق المستعمل عبر الـ« فيسبوك»، عرض أحدهم فرشة سريره للبيع، بينما عرض آخر حبل إنارة للزينة، وتنوعت المعروضات بين معدات لا يتجاوز سعرها الـ1000 ليرة، وأخرى بمئة ألف أو أكثر، كدراجات كهربائية، أو هوائية لم تعد ضرورية مع فرض #حظر_التجول وتوقف الأعمال، أو أجهزة رياضية، أو غرف نوم وغيرها من أمور.

وتلجأ بعض الأسر حالياً، ورغم ضرورة #التباعد_الاجتماعي، إلى أسلوب التكافل بين الأسرة الواحدة، بحسب «هشام» متزوج ولديه طفلان، الذي قال « إني مضطر لأقضي أسبوع لدى أهلي، وأسبوع لدى أهل زوجتي، وأسبوعين في المنزل يتخللهما زيارات لأقاربي وأصدقائي المقتدرين مادياً على الغداء، بهذه الطريقة، أتقاسم مع أهلي وأهل زوجتي والباقين النفقات».

المستقبل الأسود

ويتوقع الخبير الاقتصادي «زاهر أبو فاضل» في حديثه عن الأزمة لـ«الحل نت»، من أن «تكون الأشهر القادمة من أسوأ الأيام التي تمر على سوريا في تاريخها، حيث تستمر الأسعار بالارتفاع نتيجة استمرار انهيار #الليرة_السورية، ورغبة التجار بتعويض خسائرهم فترة الحجر الصحي، وسيكون هناك ملايين الأشخاص دون عمل».

وتابع بقوله إن «الحلول غير واضحة، ولا يمكن الحديث أساساً عن حلول، فالأزمة ستكون عالمية، لكن سوريا ستعاني أكثر من غيرها نتيجة تفاقم #الفقر، ما قد يؤدي إلى انتشار الجريمة والسرقات نتيجة الجوع».

وقبل تطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس #كورونا كانت قيمة #التحويلات_الخارجية التقديرية التي تدخل سوريا يومياً نحو 4 ملايين دولار منذ بداية العام، أما اليوم فمتوقع أن تنخفض إلى مليوني #دولار يومياً، بحسب ما قاله أستاذ مادة #المصارف في جامعة دمشق #علي_كنعان الذي قدّر عام 2018 الحوالات اليومية بـ12 مليون دولار.

وفي نهاية آذار 2020، اعتمد #المصرف_المركزي سعر الصرف البالغ 700 ليرة في جميع تعاملات المصارف ومؤسسات الصرافة، بما فيها تسليم #الحوالات_الخارجية، سواء الشخصية التجارية وغير التجارية، وحوالات المنظمات الأممية، وبيع القطع الأجنبي وشرائه.

وكان #سعر_صرف الحوالات المحدد من قبل المركزي 434 ليرة سورية للدولار، ويشترط تسليمها بالليرات السورية حصراً، فيما يتجاوز سعر الصرف اليوم في السوق الموازية 1200 ليرة للدولار، ما يدفع الناس للحوالات بالسوق السوداء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.