في وقتٍ سابق، هاجم تنظيم #داعش حواجز الطرق العسكرية التابعة لمليشيات #الحشد_الشعبي، بالقرب من #سامراء، شمالي #بغداد، وكان حجم الهجوم غير مسبوق منذ عدة أشهر، حيث أسفر القتال، الذي استمر عدة ساعات وتطلب تعزيزات، عن مقتل عشرة مقاتلين من الحشد.

يأتي ذلك، في الوقت الذي اندلع فيه تمرد جديد لجهاديي تنظيم داعش في سجنٍ يخضع لسيطرة #قوات_سوريا_الديمقراطية في #الحسكة، شمال شرقي #سوريا.

ففي كلا البلدين، مكّن بقاء التنظيم في ثنايا أراضيه السابقة من الحفاظ على جزء من نفوذه، في انتظار أن تتطور الظروف الإقليمية لصالحه.

وربما أدت التوترات المتزايدة بين #إيران و#الولايات_المتحدة في #العراق، وكذلك آثار جائحة #كورونا، إلى توفير بيئة أقل عدائية لهذا التنظيم إلى حد ما.

منذ بداية شهر رمضان، واجه العراق موجة من الهجمات نادراً ما لوحظت منذ سقوط “الخلافة” 2017، التي أعلنها تنظيم داعش في البلاد، عام 2014، فبعد خسارة أراضيه، أعاد هذا التنظيم الجهادي تكوين خلاياه في المناطق المحررة.

وتشير التقديرات إلى أن هناك ما بين 2500 إلى 3000 جهادي يوسعون من تواجدهم المحلي. والمقاتلون العائدون من سوريا، الذين تسللوا عبر الحدود التي يسهل اختراقها والتي تمتد عبر أكثر من 600 كيلومتر عبر الصحراء، قد زادوا من حجم صفوفهم.

وقد لوحظ منذ نهاية شهر آذار الماضي، إحياء ملحوظ لنشاط هذه الخلايا في المناطق التي تتمركز فيها بشدة: في محافظة #الأنبار، على طول الحدود مع #الأردن وسوريا، وخاصة في شمال شرقي البلاد، في ممر يمتد من محافظة #نينوى إلى محافظة #ديالى مروراً بـ #كركوك.

وبحسب العقيد “مايلز كاجينس” المتحدث باسم #التحالف_الدولي المناهض لتنظيم داعش، إن كان عدد الهجمات في تزايد منذ بداية العام، فإنه في شهر  نيسان كان أقل من عدد الهجمات التي لوحظت في الفترة نفسها من العام الماضي.

«المزيد من الهجمات المباشرة والعدوانية»

يقول “سام هيلر” المتخصص في الجماعات المسلحة في مجموعة الأزمات الدولية: «هناك تغيير نوعي في الإجراءات التي يقوم بها التنظيم، مع المزيد من الهجمات المباشرة والعدوانية، وبعضها يتم تنفيذه خلال النهار».

حيث تستهدف الهجمات، التي تتم الآن بشكل شبه يومي، بشكل رئيسي مواقع قوات الأمن في المناطق الريفية، وأحياناً وجهاء محليين، باستخدام عبوات ناسفة وقناصين. في الوقت نفسه، زاد التنظيم من عمليات التخريب ضد البنية التحتية الكهربائية.

ومع ذلك، أظهر التنظيم في الأيام القليلة الماضية تصميمه على المشاركة في مواجهات مباشرة، في منطقة عمليات تتجاوز مناطق الانسحاب التقليدية.

وبعد هجوم عيد العمال، أعلن الحشد الشعبي عن تعرضه لهجمات أخرى في محافظات ديالى وصلاح الدين، وحتى في #جرف_الصخر على بعد 60 كيلومتراً جنوبي بغداد، والتي تم تحريرها من قبضة التنظيم في وقتٍ مُبكّر من عام 2014.

ويستغل داعش ثغرات في الأجهزة الأمنية العراقية، والتي تفاقمت مع الشلل في المؤسسات العليا في الدولة منذ خريف 2019 والتوتر المتزايد بين #واشنطن و#طهران.

كما تراجع دعم التحالف المناهض للتنظيم المقدم للقوات العراقية بعد اغتيال الجنرال الإيراني #قاسم_سليماني في بغداد في هجوم بطائرة أميركية بلا طيار في الثالث من شهر كانون الثاني الماضي، تحت ضغط من الميليشيات والأحزاب الشيعية المقربة من إيران.

من جهة أخرى، أدى تفاقم جائحة كورونا إلى رحيل مؤقت لآلاف من مدربي التحالف. كما أدت الإجراءات المتخذة للحد من انتشار الفيروس، بما في ذلك فرض حظر التجول، إلى إبعاد جزء كبير من قوات الأمن العراقية عن مهمتهم في محاربة التنظيم.

وفي المناطق المتنازع عليها بين الدولة الفدرالية وحكومة #إقليم_كردستان العراق، يستغل التنظيم الفجوة الأمنية الناجمة عن نقص التنسيق بين بغداد و#أربيل وضعف المراكز المحلية للميليشيات الشيعية التي تسيطر على المنطقة.

«إعادة البناء»

إذا تم استبعاد احتمال وقوع الأراضي مجدداً في أيديه من قبل الخبراء، فإن تنظيم داعش يعزز مكانته ويغرز جذوره. «إن تنظيم داعش لا يبحث بالضرورة عن تجنيد مقاتلين جدد، وهو لا يحتاجهم في الوقت الحالي، لأنه لا يسعى لأن يكون نشطًاً للغاية طالما أن التحالف الدولي لا يزال موجوداً. فالتنظيم اليوم يعيد بناء شبكاته الاقتصادية وطرقه اللوجستية»، يؤكد “آرثر كيسناي” باحث ومحاضر في العلوم السياسية في جامعة #السوربون الفرنسية.

على الجانب السوري، في مساحات البادية المقفرة بين #حمص ودير الزور، يواصل جهاديو التنظيم التجول في الصحراء ونصب الكمائن للوحدات الموالية لـ #بشار_الأسد.

حيث فقدت #دمشق مئات الرجال هناك منذ عودتها نهاية عام 2017. «في البادية، يبدو أن لدى التنظيم، القدرة العسكرية على الاستيلاء على مدينة صغيرة، مؤقتًا على الأقل، الأمر الذي سيكون ذا أهمية رمزية كبيرة لمقاتليه» يقول محلل مقيم في سوريا.

وعلى بعد مائة كيلومتر إلى الشرق، يفصل مجرى #نهر_الفرات الأراضي التي عادت تحت السيطرة غير المستقرة لدمشق عن تلك التي استردتها قوات سوريا الديمقراطية، ذات الغالبية الكردية، من تنظيم داعش.

«لقد انهار الأمن على جانبي النهر. دورية تسقط في كمين هو مشهد بات شائعاً. شيئاً فشيئاً، يتجذر تنظيم داعش مجدداً في خضم عمليات التهريب التي تبقي المنطقة على قيد الحياة»، يقول عضو إحدى الجمعيات الإنسانية في المنطقة بقلق.

وكانت قد طردت قوات سوريا الديمقراطية الجهاديين من آخر معاقلهم في ربيع عام 2019. ومع ذلك، لا تزال سلسلة من المواقع المنتشرة على طول نهر الفرات من مدينة دير الزور متحفظة على سلطتهم.

ولعبت هذه المنطقة المحافظة للغاية، التي عملت عليها الحركات الجهادية منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والتي ابتليت بالصراعات القبلية، دوراً رئيساً في توسع تنظيم داعش في سوريا في بداية الحرب الأهلية.

ففي هذه المنطقة ذات الولاءات المتقلبة،  بعض أفراد قوات الأمن التابعة لقوات سوريا الديمقراطية هم أنفسهم مقاتلين سابقين في صفوف تنظيم داعش. حيث يتتبع الجهاديون اليوم رفاقهم السابقين، ويرسلون رسالة عامة: «الالتحاق بالعدو مكلف للغاية».

«إنهم يعيشون بين الأهالي، ويحافظون على نفوذهم في انتظار أيام أفضل»، يقول خبير يعيش في المنطقة. ويلاحظ تطوراً في طبيعة هجمات تنظيم داعش، والتي باتت أكثر استعراضية وتتم في وضح النهار.

ففي السابع عشر من شهر آذار الماضي، قتلت خلية تابعة للتنظيم علانيةً، في أحد الملاعب، شخصاً متهماً بالتعاون مع #القوات_الكردية. ثم أحرقت جثة الضحية على الأرض، وهدد جلاده بقتل أي شخص يحاول تحريكها بعد رحيلهم.

ويتابع الخبير قائلاً: «إن التهديد بالضربات الجوية الأميركية فقط هو الذي يمنع تنظيم داعش من استعادة السيطرة على هذه المنطقة، حيث لديه بالفعل موارد وقاعدة تجنيد وبيئة داعمة».

«براميل بارود»

من جهة أخرى، لا يقتصر تأثير خلايا تنظيم داعش على وادي الفرات. فإلى الشمال من الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، توجد «براميل من البارود» داخل المخيمات حيث يتم احتجاز عوائل المقاتلين الجهاديين، بما في ذلك العديد من المواطنين الأوروبيين.

وقد تمت عدة محاولة للفرار من هناك، بينما تواصل شبكات المؤيدين، الذين لا يزالون متمسكين بطموحات التنظيم، الضغط على أولئك الذين رحلوا. وتساهم الظروف المعيشية المتدهورة وبُعد أي احتمال للعودة إلى أوطانهم في جعل هذه المخيمات براميل بارود حقيقية.

وينطبق الأمر ذاته على الجهاديين المحتجزين في السجون. فقد هزت حركة احتجاج مرة أخرى سجن الحسكة يوم الأحد الماضي. حيث كان مركز الاعتقال هذا، والذي يضم 5000 سجين، معظمهم من الأجانب، مسرحاً لتمرد في التاسع والعشرين من شهر آذار الماضي.

وتم استخدام طيران تابع للتحالف لتخويف المتمردين قبل السيطرة على الموقع من جديد، مذكّراً بهشاشة النظام الناتج عن الحرب “المنتصرة” ضد تنظيم داعش.

 

عن صحيفة (Le Monde.fr)- رابط المصدر:

https://www.lemonde.fr/international/article/2020/05/05/en-irak-et-en-syrie-le-groupe-etat-islamique-beneficie-de-la-confusion-et-du-desengagement-occidental_6038660_3210.html


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.