من بين مئة وثمانين بلداً في مختلف دول العالم يحتل العراق المركز 162 في مؤشر حرية الصحافة، وفقاً لتصنيف منظمة #مراسلون_بلا_حدود، ومع أن مؤشر حرية الصحافة في العراق يزداد تعقيداً وضبابية يوماً بعد آخر، يتطلع الصحفيون العراقيون إلى تحسّن أوضاعهم وشروط مزاولتهم لمهنتهم، والحصول على المعلومة بانسيابية، بعيداً عن التهديد والتنكيل والتخوين.

 

حقيقة موسومة بالدم

تضحيات جسام قدمها الصحفيون العراقيون خلال الأعوام الماضية، من أجل نقل الحقيقة كما هي، كان أخرها مقتل “أحمد عبد الصمد”، مراسل قناة “دجلة” المحلية في #البصرة، ومصوره “صفاء غالي”، في سيارتهما برصاص مسلحين مجهولين، عندما كانا يغادران ساحة الاعتصام الشعبي وسط مدينة البصرة جنوبي العراق، فيما لقيَّ المصور الحربي “أحمد المهنا” مصرعه، طعناً بآلة حادة، من قبل مجهولين في #ساحة_التحرير ببغداد

“جبار طراد”، نائب نقيب الصحفيين العراقيين، يصف دماء الصحفيين المهدورة بأنها «فاتورة الحقيقة التي لا تليق بالبعض»، موضحاً أن «الصحافة في العراق نزفت كثيراً، وخسرت أسماء لامعة في سبيل نقل الحقيقة».

وفي الوقت الذي يشخّص الصحفيون فهماً حكومياً خاطئاً لطبيعة عمل وسائل الإعلام العراقية يعتقد المسؤول النقابي بأن «شبح الموت والرعب والقتل والانتهاك والاختطاف لا يزال يرافق عمل الصحفيين في العراق، خصوصا أولئك الذين يتصدون لكشف ملفات الفساد المستشري في البلاد».

ويخلص “طراد” في ختام حديثه لموقع «الحل نت» أن «التضيق على عمل الصحفي واهانته والتجاوز على حريته هدفٌ يراد منه اخفاء فساد بعض المسؤولين».

 

قانون معطّل وحريات مهدورة

أقرّ #مجلس_النواب_العراقي، في العام 2011، قانوناً لحماية الصحفيين العراقيين، لكن بنوده بقيت على رفوف المكاتب دون أن تبصر النور، فالحديث عن الحماية الصحفية في العراق «مرهونة بثقافة مجتمعية وسياسية غير مواتية»، وهو رأي يعتقده “صادق التميمي”، عضو نقابة الصحفيين العراقيين، الذي يقول إن الحكومات التي تعاقبت على حكم البلاد «فشلت في حماية الصحفيين من الاستهداف الممنهج».

ومع استمرار مسببات انتهاك حقوق الصحفيين العراقيين يتطلع “التميمي” إلى أن «ينال كل معتدٍ على حقوق الأسرة الصحفية عقوبته التي نصّ عليها القانون، لا أن يُحمى ويُخفى أثره».

ولاتزال أرقام الانتهاكات ضد الصحفيين في تزايد مستمر، فمنذ العام 2003  لقيَّ قرابة 470 صحفياً محلياً، من مراسلين ومذيعين ومصورين ومحررين، حتفهم، فيما لم تفصح #الحكومة_العراقية عن الجهات التي تقف وراء جرائم القتل الممنهج، ولم تكشف عن نتائج اللجان التحقيقية التي انبثقت بشأنها.

الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين، والتي عادة ما تٌسجل ضد مجهول، يصفها “حسن الشنون”، مراسل وكالة “بغداد اليوم”، بأنها «تُعطي مؤشراً جلياً على عدم اكتراث السلطات الحكومية بتعقّب القتلة»، مضيفاً أن «المؤسسات الإعلامية تحتاج إلى من يحميها ويوفر لها مناخات أمنة ومستقرة، بعيداً عن لغة القتل والتنكيل والتضيق على الحريات».

وفي قرار حكومي، قوبل بالرفض والإدانة من العاملين في المؤسسات الصحفية، أصدرت “هيئة الاتصالات والإعلام العراقية”، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2019، قراراً يقضي بإغلاق عدد من القنوات الفضائية، شمل قنوات: “دجلة”، “الشرقية”،”NRT كردية”، “الرشيد”، “الفلوجة”، “هنا بغداد”، ” anbالمحليات”، فضلاً عن قناتي “العربية الحدث” و”الحرة”، بحجة خرقها مواد لائحة قواعد الترخيص الإعلامي، حسبما ذكرته “هيئة الإعلام”.

قرار وصفه “زياد العجيلي”، رئيس “مرصد الحريات الصحفية في العراق”، بأنه «سلوك ديكتاتوري في التعامل مع وسائل الإعلام، ووقوف ضد حرية الرأي والتعبير».

 

أمنيات مؤجلة

يطالب الصحفيون العراقيون بتشريعات قانونية تحميهم مما يسموه «مزاجات واجتهادات بعض المسؤولين»، وبهذا الصدد يقول “فلاح الكناني”، أستاذ الإعلام الدولي، إن «العراق يعاني من مشاكل جمّة، في مقدمتها غياب الضمان الحكومي والوظيفي».

«مشكلتنا في العراق تكمن في التخوين، فعندما يسلّط الصحفيون الضوء على حالة سلبية، سرعان ما تكال لهم شتى التهم، وهذا بحد ذاته تطور خطير في واقع العمل الصحفي»، يضيف “الكناني” في حديثه لموقع «الحل نت».

الدعوة لتشريع الصارم، يحدد مسار التعامل بين الصحفي ومؤسسات الدولة، خيار ضروري، بحسب “سعد ابراهيم”، أستاذ التقنيات الرقمية في جامعة “ذي قار”، الذي يقول إن «التشريعات القانونية من المفترض أن تحمي الصحفي، لا أن تحدّ من حريته».

ويضيف قائلاً: «تواجه الصحافة المستقلة جملة من التحديات، تبدأ بغياب التمويل، ولا تنتهي بحرية الوصول الى المعلومة، وهي تحديات بحاجة إلى مواجهة حقيقية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.