عادةً، وفي هذا الوقت من السّنة، يكون مطعم “أحمد حازم” مزدحماً. ولكن هذا العام، ومع انتشار فايروس #كورونا والحجر العام في العراق، لا يستضيف هذا الكردي سوى عدد قليل من السكان المحليين العاطلين عن العمل.

«كل الأماكن باتت خاوية، ومع قطع الطرقات، لم يتمكّن أي سائحٍ من الوصول إلى هنا»، يرثي هذا الرجل، البالغ من العمر أربعين عاماً، بوجّهٍ قد أحرقته الشمس وسط الكراسي الحمراء التي أخرجها، وهو يتذكّر أيام الذروة في المواسم الماضية.

مهجورةً، تتمايل كراسيه مع الرياح المنعشة والشلالات التي تنزل بين أقدامهم في صمتٍ غير عادي في مطعم “أوشاوا”، في منطقة #العمادية في كردستان العراق. وفي الأسفل، تطفو قوارب الدواسات الحمراء والزرقاء، والتي تسير في القنوات المائية بتكاسل بمحاذات الجدران الصخرية.

من الربيع إلى الخريف، عندما تصبح الحرارة لا تطاق في الجنوب، تستريح العائلات العراقية والأصدقاء في الجبال الكردية في الشمال، بين المطاعم والحانات والشاليهات على ضفاف البحيرة. وفي عام 2019، وفقاً لـ “نظيف محمد علي”، مدير السياحة في العمادية، في محافظة #دهوك على الحدود بين #العراق و#تركيا و#سوريا، أُحصي 200 ألف زائر. ولكن هذا العام، «لم يأت أحد».

صفرٌ بالمائة

مع بداية الموسم في منتصف شهر آذار، كان #إقليم_كردستان هو أول من أعلن الحظر الكلي في العراق الذي سُجّل فيه نحو 40 ألف حالة إصابة بفيروس كورونا وأكثر من 1500 حالة وفاة حتى الآن، من بينها نحو 5 آلاف حالة إصابة في الإقليم الكردي ونحو 150 حالة وفاة بسبب هذه الجائحة. وقد أغلقت المحافظات الكردية الثلاث حدودها، وتم قطع الطرق وإغلاق الفنادق والمطاعم والمقاهي لمنع انتشار الفايروس.

وبذلك انخفض العدد الإجمالي للزوار، وغالبيتهم العظمى هم من العراقيين من وسط وجنوب البلاد، من 1.7 مليون زائر إلى صفر تقريباً. وهي ضربة لمنطقة تسعى لتنويع اقتصادها وتعتمد على السياحة منذ سنوات لتأمين عائدات غير بترولية.

فعلى مدى العقد الماضي، ازداد عدد الفنادق والمطاعم ونمت قرى اصطياف جديدة هناك، الأمر الذي خلق فرص عمل ومصادر دخل في بلد تنتشر فيه البطالة والفقر.

اليوم، في كردستان العراق، التي تفتخر باحتوائها على عدة آلاف من المواقع الأثرية أو الدينية أو الثقافية أو الطبيعية، تحصي رابطة أصحاب المطاعم والفنادق في المنطقة 868 فندقاً أو نزلاً وتوظف 8.500 شخص.

وتقول الرابطة المذكورة: إن «معدل الاستيعاب لدى هذه الفنادق والمجمعات اليوم هو صفر ٪»، وبالتالي فإن معظم هؤلاء العمال عاطلون عن العمل في الوقت الحالي.

خزائنٌ فارغة

أما بالنسبة للمطاعم، فعندما لا يكون حظر التجول كاملاً ويمكن فتحها، «فهي تشغل 50٪ فقط من طاقتها»، وذلك بفضل الزبائن المحليين الذين يأتون في عطلة نهاية الأسبوع فقط، يؤكد “شاكر عزيز” المسؤول الثاني في رابطة أصحاب المطاعم.

وإذا كان العديد من أصحاب الفنادق والمطاعم في حالةٍ من الذعر اليوم، فإن السلطات تشهد كذلك مصدر دخل مهم وهو يختفي. ففي العام الماضي، على سبيل المثال، ضخ قطاع السياحة نحو مليار دولار ونصف في اقتصاد إقليم كردستان، بحسب “نادر رستي” المتحدث باسم هيئة السياحة في الإقليم.

أما هذا العام، فلن تكون الأرقام معروفة حتى نهاية الموسم، لكنها توحي منذ الآن بأنها ستكون كارثية، في الوقت الذي انخفض فيه سعر برميل البترول، ولم تعد الحكومة الكردية، المخنوقة مالياً، قادرة على دفع رواتب موظفيها لعدة أشهر.

فعلى حكومة الإقليم، في كل شهر، أن تدفع لشركات النفط الأجنبية التي تقوم باستخراج ومعالجة وتصدير النفط لصالحها. ومنذ شهر نيسان الماضي، أجبرتها أوبك على خفض إنتاجها بنحو الربع.

كما يتعين على إقليم كردستان سداد الديون المستحقة للبنوك التي يقترض منها لدفع المتأخرات المستحقة لموردي الكهرباء، في العراق وفي الخارج، بما يمثل ديوناً إجمالية تبلغ 27 مليار دولار، وفقاً لرئيس الوزراء #مسرور_البارزاني.

في إشارةٍ إلى الأوقات العصيبة التي يمر بها الإقليم، زار الرئيس الكردي #نيجيرفان_البارزاني برحلةٍ إلى #بغداد الأسبوع الماضي. وقبل وصوله، كان نواب كرد آخرون قد ناقشوا قضيتهم مع الحكومة المركزية.

لكن في إقليم كردستان، كما هو الحال في باقي المناطق العراقية، “الخزائن فارغة”. فارغة ربما أكثر من فنادق ونزل ومقاهي العمادية، التي تصفر فيها الرياح.

 

المصدر: (La Croix)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.