في الأولِ من كانون الأول 1974، زار #جاك­_شيراك، رئيس الوزراء الفرنسي في ذلك الوقت، #العراق، والتقى برجلٍ عمره 37 عاماً، سيصير فيما بعد صديقاً مُقرّباً لفرنسا. ففي ذلك اليوم، وصل “شيراك” إلى العاصمة #بغداد لتوقيع اتفاقية تجارية مع الرجل القوي الجديد في البلاد، #صدام_حسين.

لم يكن “صدام حسين” حينها سوى نائب رئيس الجمهورية، لكن #فرنسا كانت تدرك تماماً أنه الرجل القوي للعراق الجديد.

وقد كشفت بعض وثائق الأرشيف السرية لوزارة الخارجية الفرنسية، التي تم إزالة السرية عنها، بأن #باريس راهنت بقوة على هذا الرجل البالغ من العمر 37 عاماً لتجد لنفسها موضع قدم في #الشرق_الأوسط الغني بالنفط وفرص الاستثمار.

ففي شهر كانون الثاني من العام ذاته وقبل بضعة أشهر من رحلة “شيراك” إلى العراق، وصف “بيير سيرليس” السفير الفرنسي في العراق حينها، في رسالةٍ سرية مُرسلة إلى وزارة الخارجية، صدام حسين بـ «الرجل القوي الجديد في #بغداد».

حيث كتب يقول: «تكشف شخصيته عن طموحات ومفارقات عراق جديد، وهو مهتم بالكفاءة والحداثة. يمكننا القول أنه شخص يحترم العقيدة ويحافظ عليها بكل خصوصيتها، لكنه يعرف كيف يكون مباشراً وودوداً».

النفط مقابل محطة للطاقة النووية

العراق لديه الكثير من النفط، وفرنسا بأمس الحاجة لهذا النفط، في وقتٍ كانت بغداد تبحث عن التحديث والتطوير، ولتعزيز قدرة جيشها، أبدت رغبتها في شراء أسلحة من فرنسا، كما أراد صدام حسين بناء محطة للطاقة النووية في بلاده. وهو ما سيبيعه له “جاك شيراك” في عام 1975.

وبذلك تطورت العلاقات الفرنسية العراقية، واستمرت فرنسا في تقديم دعمها، بما في ذلك الدعم العسكري، لـ صدام حسين، الذي لا تتوقف موارده النفطية عن النمو.

وفي رسالة جديدة في شهر أيار 1980، وصف “بيير روكليف” السفير الجديد في بغداد حينها، تطور صورة صدام حسين الجديدة بـ «الشعبي والموحّد للبلاد»، وإن كانت بعض الشكوك قد بدأت في الظهور.

حيث كتب، في رسالة سرية لوزارة الخارجية الفرنسية، يقول فيها: «لقد اكتسب صدام حسين الثقة وجاذبية معينة، وخلق شخصية تجمع بين ابتسامة كينيدي وطريقة حديث وسيجار فيدل كاسترو وقصة شعر ياسر عرفات».

لكن وجود حرس جمهوري، مثير للإعجاب ويرتدي الزي العسكري المظلي بشكل دائم، إلى جانب صدام حسين، الذي لا يترك مسدسه من يده لحظة، يشير إلى أن الصورة المثالية لرئيس محبوب من الجميع، في دولةٍ متصالحة، غائبة ويجب أن تكون أكثر اعتدالاً.

أول نكسة دبلوماسية

استمرت فرنسا في دعمها لنظام صدام حسين عسكرياً ومالياً حتى بداية التسعينيات وحرب الخليج الأولى. وأصبح الرئيس العراقي تدريجياً في أعين العالم الدكتاتور الذي يسحق معارضيه في الداخل، ويدخل في حروب خارجية ضد #إيران، ومن ثم يجتاح #الكويت، ويسحق الديمقراطية.

وتوترت العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا وصدام حسين وتدهورت شيئاً فشيئاً حتى عام 2002. وقد رفض جاك شيراك، الذي أصبح رئيساً للجمهورية، إشراك بلاده في أي تدخل عسكري في العراق، لكنه لم يتدخل في الوقت ذاته لإنقاذ الرجل، الذي التقى به قبل 30 عاماً وكان يدعوه بصديقه الشخصي.

ولم يتبق أمام فرنسا أي خيار سوى متابعة الأحداث عن بعد والتخلي نهائياً عن صدام حسين، الذي مات شنقاً في 30 كانون الأول 2006.

 

المصدر: (RTL.fr)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة